خاضت الطبقة العاملة في جميع العالم  نضالا مريرا من اجل حقوقها التي سلبتها منها القوى المستغله من اصحاب ارباب العمل والمصانع وحتى المؤسسات الكبيرة المنتجة وغير المنتجة.ومن خلال نضالها الطويل اصبحت لها مكانة كبيرة يحسب لها حساب من قبل هؤلاء وغيرهم من الرأسمالين.

   وفي بلدنا العراق ساهمت الطبقة العاملة بدور متميز في ايجاد الصيغ المناسبة في تطوير عملها النضالي والمهني من خلال تقديم المقترحات والآراء في تطوير برامج الانتاج وتنويعه، وكان دور تنظيمهم النقابي متميزا في وضع تلك البرامج والخطط التي ترفع من الانتاج وفق متطلبات السوق.

  وفي نفس الاطار قامت بالبحث في ايجاد الدورات التأهيلية من خلال المعاهد التعليمية والتقنية لرفع من شان العمال وكفائتهم ووفق متطلبات العصر وظروف الحياة المستقبلية.

   ان التطور التقني الحاصل والتكنلوجي في العالم يتوجب على الحكومة في بلدنا نقل تلك التكنلوجيا لبلادنا وبالتالي للطبقة العاملة العراقية، من خلال ايجاد التعاون مع تلك البلدان بما يساهم في تطوير العمال وتشخيص الكوادر الفنية لهذا الغرض بما يضمن استمرارية العمل وهيكليته وتطوير الانتاج. كما ان تجديد الآلات والمكائن الانتاجية ضرورة موضوعية خاصة اذ اخدنا بنظر الاعتبار ان جميع ادوات الانتاج من المعامل والمؤسسات والمصانع في العراق كلها قديمة لا تصلح اليوم ان تترافق وتتواصل مع الحياة وتطورها.

في نفس الوقت على الطبقة العاملة ونقاباتها ان تتعامل وبصورة سريعة مع آفاق  التطور التكنلوجي وتعمل  جاهدة على انشاء معاهد خاصة بتطوير العامل وامكانيته الفنية واستيعاب افق التكنولوجيا ومزاياها المهمة.كما لابد من ايجاد المدارس لتأهيل العمال الأميين وفق برامج تعد بالتعاون مع وزارة التربية والوزارات المعنية ووفق مناهج تدريسية جيدة.

   من جانب آخر نرى ان الطبقة العاملة ونقاباتها ان تضع القوانين الثابتة في رفع مستواها المعاشي والحياتي من ضمان صحي واجتماعي وتطبيق قوانين العمل بشكل مناسب  .

كما ذكرنا انفا، ان الدكتاتورية السابقة، لم تضع في فكرها وبرامجها تطوير المصانع والمعامل وفق تطور الحياة، اضافة الى انها لم تضع القوانين التي ترفع من مستوى الطبقة العاملة، بل بالعكس وضعت قوانين قللت منها، مثلا قانون 150 لسنة 1987 بتحويلهم الى موظفين. وزاد الطين بله هو حروبها المستمرة منذ عام 1980 حتى عام 2003 ودور الاحتلال الامريكي في تخريب البنية التحتية ومؤسسات الدولة وسمح للعبث بها من قبل ضعاف النفوس، وما بعدها من الحرب الاهلية والطائفية ودخول داعش الحرب لثلاث سنوات، ادت بالتالي الى الخراب الكبير في تلك المؤسسات الانتاجية وقتل الكثير من الكوادر العمالية الفنية جراء تلك الحروب.

اصبحت الطبقة العاملة في فوضى الحياة والانتاج بدون اداة فعالة، بل لا دور لها وأصبح الانتاج متدنيا بل اقل نسبة منذ الخمسينات، ونتيجة خراب المصانع والمكائن والآلات أصبح العمال بلا عمل، بطالة مقنعة وضياع بين الادوات الانتاجية القديمة والتي لايمكن اعطاء الدور الانتاجي لها.

على الطبقة العاملة ونقاباتها ان تدرك وتعي دورها كطبقة بين طبقات المجتمع العراقي وتدرك حجم مسؤوليتها اتجاه العمال والكادحين وامام الشعب من خلال وضع البرامج التي تؤهلها الى لعب دور في تطوير الانتاج وتطوير اعضائها من الكوادر الفنية والمهرة. وعليها ان تضع بصمة في التغير والاصلاح نحو رفع مكانتها، بالموقف ازاء المتغيرات التي طرأت على المجتمع العراقي وعلى العالم ككل. ( ... ويكتسب نضال الطبقة العاملة في الظروف الراهنة أهمية وطنية وطبقية رغم ظروف نضالها الشاقة ...، وتوقف الدورة الاقتصادية وعجلة الإنتاج  ،ومحاولة فرض سياسة الخصخصة لمؤسساتنا الإنتاجية الوطنية من خلال الإهمال المتعمد لشركات التمويل الذاتي  نتيجة السياسات الاقتصادية الخاطئة وعدم وجود رؤية وطنية حقيقية واضحة تجاه القطاع العام وما يشكله من قطاع إنتاجي مهم وحيوي يساهم في إعادة بناء اقتصادنا الوطني ،وعدم توفير الخدمات العامة ، وعشرات  آلاف العمال يعملون بعقود لا ضمان فيها لحياتهم و مستقبلهم  ( من بيان الاتحاد العام لنقابات عمال العراق 2012ايار).

على النقابات  ان لاتقف مكتوفه الايدي اومتفرجة ازاء هذه الاوضاع المأسوية من زيادة الفقر وبؤس الوضع الصحي والحياة المتردية للعمال ولأبناء شعبنا كافة.عليها أن تبحث عن انجع السبل في سبيل تحقيق مطالب العمال ( اصحاب الستر الصفراء في فرنسا ودورهم في تخفيض الضرائب).اضافة الى الفساد المستشري في الدولة والسرقة والاوضاع الشاذة التي تمارس ضد ابناء شعبنا .

ونحن نعتقد ان عدم تطبيق قوانين العمل والضمان الاجتماعي والغاء القوانين السابقة، وعدم ايجاد فرص العمل كفيل باتخاذ الموقف الصائب ازاء تلك الاوضاع.

ان الطبقة العاملة العراقية صاحبة الامجاد في نضالها عليها ان لا تدير ظهرها الى هذا التاريخ المجيد، عليها الاستفادة منه في الوقوف بحزم من مستغليها او مغيبتيها، بالتظاهر والاعتصام، ووضع المقترحات الملائمة التي تخدمها وتخدم ابناء شعبنا. ان ضمان مصالح العمال هي الهدف الأول، في رفع مستواهم الاجتماعي والفني والاقتصادي والتعليمي والثقافي. ولابد من وضع الاسس الصحيحة في فهم الديمقراطية وممارستها في الانتخابات العمالية.

ان اعطاء دور للشباب في الوقت الحاضر كونهم الحلقة الاخرى والمكمل لتاريخ مجيد في قيادة العمال ونقاباتهم غاية في الاهمية

اننا على يقين ان وحدة الطبقة العاملة العراقية ونقاباتها كفيل بنيل تلك الحقوق وفي تحمل المسؤولية، لا ان تصبح هامشية، بل في صلب الحدث والاحداث ودورها ان يكون فعال، وبالتالي هذا يعتمد على الاعضاء القيادين في النقابات وتوحيد افكارهم والتنازل عن تلك الكراسي الذاتية النفع. وان يكون هدفها النضالي وحدة الحركة النقابية.

وندعو هؤلاء العمال النقابيين وهم الذين يعيشون مرارة الحياة ولوعة العيش والظروف الصعبة، ان يكون لهم موقف جريء في وحدة العمال ورفع شأنها وترك الخلافات الغير مجدية. ان الابتعاد عن الفئوية والمصلحية جدير بكل المخلصين ان يترفعوا عليها ويكونون بقدر المسؤولية هذه المسؤولية التي لابد منها في ظرف يحتاج لها موقف مخلص ووطني.

من مصلحة الطبقة العاملة والعمال المؤقتين والكادحين وحدة ارادتها وقرارها وذلك من خلال وضع القوانين والآراء التي تساعدهم على نيل حقوقهم، وما اكثرها ونعتقد ان من اولى تلك الامور هي –

  • رفع رواتب العمال ورفع مستواهم المعاشي والحياتي، وخاصة منهم الشباب من العمال والعاملات.
  • توفير الامكانيات المادية واللوجستية للعمل النقابي وتطويره.
  • بناء العيادات الخاصة بالعمال في المعامل الانتاجية وتأهيلها بالشكل المطلوب
  • اعادة التنظيم النقابي في القطاع العام والمختلط والخاص بما يضمن حقوق العمال وتحويله الى قوة فاعلة لدعم العملية السياسية التي تؤمن الديمقراطية واحترام مبادئها.
  • انشاء جمعيات سكنية واطئة الكلفة، خاصة ان العمال هم الأكثر حاجة للدعم الاقتصادي والاجتماعي.
  • مساهمة ممثلي العمال في الادارات والمجالس الانتاجية والتخطيط .

ومن منطلق مساهمة الطبقة العاملة، هو فهم الحكومة المركزية بأن العمل النقابي هو جزء من عمل منظمات المجتمع المدني، والتي لها دور في البناء والاعمار وتطور البلد لآفاق أفضل.

لقد عانت الصناعات العراقية من سوء التخطيط والبرمجة، والذي ادى عدم تاهيل قطاعات الانتاج ووقطاع الخدمات الى بطالة واسعة من ابناء شعبنا وخاصة الشباب. اضافة الى اغلاق الكثير من المعامل الانتاجية والتحويلية نتيجة قدم المكائن والآلات ولم يجري تجديدها، وبعضها بسبب عدم توفر المواد الاولية للانتاج بما فيها القطاع الخاص.

نحن بحاجة الى اعادة دورة الحياة الاقتصادية ورفع مكانة القطاعات الانتاجية وفق عمل مدروس .

وعلينا ان ندعم التظاهرات المطالبة بانهاء البطالة او ضد الفساد والمحاصصة، لان الطبقة العاملة هي الاكثر وعيا وادراكا من خلال مواقفها النضالية المعروف ضد التخلف والفقر والعوز ومن اجل حياة آمنة.

لأن الطبقة العاملة تدرك بشاعة الاستغلال والممارسات الزائفة للقوى التحريفية وصاحبة القرار، يحتاج منها ان توحد افكارها وآراءها وان تكون صاحبة المسؤولية، لان الزمن والتاريخ لا يرحم.

 

25 كانون الاول 2018

 

عرض مقالات: