قبل أكثر من شهر انطلقت منافسات الدوري العراقي الممتاز وبدأت الملاعب باستقبال آلاف الرياضيين والمشجعين وأنصار الفرق المتبارية، وسبق هذا النشاط قرار برفع الحظر الجزئي عن بعض الملاعب كخطوة أولى وهي ملاعب البصرة وكربلاء واربيل مع تواصل الجهود من اجل رفع الحظر من قبل كل المؤسسات الرياضية عن باقي الملاعب كموقف وطني داعم.
وضمن هذه التوجهات زارتنا بعض الفرق من دول شقيقة وصديقة للعب على الأرض العراقية وإعلان الترحيب والتقدير بهذه الفرق وإقامة نهائي بطولة كأس الأندية الآسيوية على ارض البصرة والتي توجت الجويين ابطالاً لها للسنة الثالثة على التوالي.
ورغم هذه الاستعدادات والتحضيرات والانفتاح القاري والعربي على ملاعبنا الا أن البعض من ضعاف النفوس والمتعصبين والفاشلين يحاولون إثارة الشغب وإظهار التعصب والعبث في الملاعب مما قد يسبب عرقلة للجهود الخيرة والمساعي الوطنية لرفع الحظر الكلي عن جميع الملاعب وإعادة الحياة إليها من اجل استقبال الفرق العالمية على اختلاف جنسياتها. وهذا ما حفزنا للكتابة عن أحداث الشغب التي تشهدها ملاعبنا هذه الأيام..
إن هذه الممارسات غير الحضارية التي تظهر في مدرجات بعض الملاعب ترتبط بالشد النفسي والعصبي الذي يعيشه أبناء الوطن وتراه ينعكس على الملاعب، إضافة إلى بروز ظاهرة التعصب لفريقه او محافظته ويجد في المنافسات الرياضية فرصة للتنفيس والتعبير، يضاف إلى ذلك غياب الوعي الوطني. وفوق كل هذا نجد ان القلة القليلة من المشجعين الذين يحضرون الملاعب قد يكونون بوضع غير منضبط او من فاقدي الوعي مما يدفعهم للتصرف بانفلات وفقدان للتوازن.
كما ان التصرفات التي تبرز من على مسطبة الاحتياط من إشارات او كلمات نابية او صراخ يكون لها أثرها السلبي على الجمهور وفيها دعوة وحث على اسناد المشاغبين وتحريك عدائيتهم وسلوكياتهم المنحرفة، الى جانب أخطاء الحكام غير المتعمدة وارتباك قراراتهم والتي تشكل فتيل الشغب الأول ووقوده، وفوق هذا وذاك نجد ضعفاً واضحاً في أجهزة حماية الملعب من حيث عدد أفراد الحماية وعدم تحركهم بالوقت المناسب لتطويق حالات الشغب والانفلات او عدم أدائهم لواجباتهم وما المطلوب منهم.
كل تلك الأسباب نجدها تقف مؤثرة في إذكاء فتيل الشغب والاعتداء على حرية الجماهير وحرمانها من متعة المشاهدة والتشجيع.

لا بد من تضافر الجهود للحد من الشغب

والآن وبعد أن درسنا الأسباب المباشرة وغير المباشرة لهذه الظاهرة والفوضى العارمة للشغب والعنف واندفاع البعض لهذا السلوك الشاذ، علينا أن نساهم في الحل وفق سياسات وآليات محددة لأن الحل يقينا جميعا وهو قضية وطنية وعلينا أن نبدأ عن طريق نشر ثقافة التسامح والتعاون والمحبة ونبذ الحقد والكراهية وسلوك العدوان والابتعاد عن التعصب والانحياز، ونشر ثقافة الحب والاحترام وقيم الرياضة كرسالة إنسانية والسعي لاعتبار المنافسات الرياضية هي احتفالات وطنية وساعات للبهجة والفرح، من خلال استخدام الأهازيج والهتافات والأغاني ذات الطابع الوطني واضعين قضية الفوز والخسارة في الموقع الثاني، والمتعة والسرور هي الهدف الأسمى من هذه المنافسات. وهذا ما كنا نعيشه في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي من سعادة ومتعة يتذكرها كبار السن مثلي.
وهنا أناشد أحبتي من الشرطة ومسؤولي حفظ امن الملاعب بأن يكونوا عيون يقظة وان يلعبوا أدواراً أساسية في تهدئة الخواطر ومراقبة مثيري الشغب والمشاكسين من الطائشين والمخمورين لانهم يشكلون عناصر مخربة وأساسية في أحداث الشغب والعنف والتمرد في الملاعب من خلال الاعتداء على اللاعبين والحكام والجمهور.
من هنا لا بد أن يكون الإعلام الرياضي بكل قنواته بمستوى المسؤولية والحرص على نجاح المباريات والحد من الانفلات ومحاولات البعض لتجاوز النظام والعبث ونشر الفوضى والإساءة للمال العام، واعتبار ذلك كله سلوكاً غير حضاري، والعمل على تقديم بعض النماذج الايجابية كأفراد وجماعات وتكريمهم معنويا وإعطاء الدور المتميز لروابط المشجعين وبالذات الفرق الجماهيرية وفرق المحافظات بما يضعها أمام مسؤولياتها.
دور الاتحادات الفرعية

في المحافظات

يمكن للاتحادات الفرعية العاملة في المحافظات كافة أن تساهم وان تلعب دورا أساسياً ومهما في الحد من مظاهر الشغب من خلال علاقاتها مع المؤسسات الرسمية كمديرية الشباب وقوات مكافحة الشغب وامن الملاعب، إضافة إلى استفادتها من الوضع في المدينة وحجمها ووسع قاعدتها الجماهيرية وتشخيصها العناصر المشاكسة والمسيئة والمعروفة بإثارة الشغب. وهناك أيضاً إمكانية لأندية المحافظات من خلال إقامة جلسات حوارية لجماهيرها قبل خوضها للمباريات. واليوم وقبل ان انهي موضوعي هذا أضع أمام لجنة الحكام في اتحاد الكرة مسؤولية أساسية وضرورية، الا وهي العناية بمستوى الحكام وإدامة النهوض بالواقع التحكيمي ومحاسبة المقصرين والمخطئين ومكافئة المجتهدين والمبدعين وعكس ذلك في الإعلام لدوره في تهدئة النفوس واحترام مشاعر المتضررين. وأضع أمام الاخوة في اتحاد اللعبة مقترحا بمعاقبة المشاغبين والمصرين على إثارة الشغب وان يتم منعهم من دخول الملاعب وحضور المباريات، ومعاقبة الفرق المسيئة بحذف نقاط من رصيدها في خطوة أولى تعقبها خطوات أقسى اذا تطلب الأمر.

عرض مقالات: