انتخب البرلمان الياباني الأربعاء الفائت، كما كان متوقعا يوشيهيدي سوغا رئيسا للوزراء خلفا لشينزو آبي الذي استقال لأسباب صحية. وهو أطول رئيس وزراء حكم اليابان. وستعلن تشكيلة حكومة سوغا (71 عاما) المقرب جدا من آبي، في وقت لاحق. وفاز سوغا الاثنين بالانتخابات الداخلية للحزب الليبرالي الديمقراطي لكي يصبح رئيسا جديدا للحزب ووعد بمواصلة سياسة سلفه. وفاز بشكل واضح على منافسيه الأمين العام السابق شيجيرو إيشيبا ووزير الخارجية السابق فوميو كيشيدا. وجاء انتخابه الاربعاء رئيسا جديدا للوزراء من قبل البرلمان إجراءً شكلياً.

وتم اختيار سوغا بعد أيام قليلة من استقالة آبي في 28 آب. وقد اختاره ممثلو الحزب الليبرالي الديمقراطي في البرلمان الوطني وبرلمانات مناطق البلاد الـ 47، وقد استفاد من تنظيم الحزب اقتراعا مغلقا. وتجنب الحزب إجراء اقتراع أوسع يشمل أعضاء قاعدته إذ يرى المسؤولون أن تنظيمه سيستغرق وقتا طويلا، في حين ان السبب الحقيقي تمرير مرشح المراكز المهيمنة في الحزب. ولهذا اقتصرت المشاركة في التصويت على 535 ناخبا، هم ممثلو الحزب في البرلمان البالغ عددهم 394 نائبا وممثلوه الـ 141 نائبا في 47 منطقة في البلاد. وباعتبار كونه ناطقا رسميا باسم الحكومة، طيلة عهد سلفه، فقد كان أفضل ضمانة لاستمرار السياسة السابقة. ولم يخيب المرشح التوقعات: لقد تحدث لصالح الحفاظ على المكتسبات. كما أعلن أن المساعدة الذاتية للفرد أهم من رفاهية الدولة. ويخشى أن يستهدف سوغا الجزء “الأقل إنتاجية” من الطبقة المتوسطة اليابانية ويخفض دعم الحكومة لها.

ويقال إن رئيس الحكومة الجديد مقرب جدا أيضا من هيزو تاكيناكا، الذي يعتبر العقل المفكر للإصلاحات الليبرالية الجديدة في عهد رئيس الوزراء الاسبق جونيشيرو كويزوميس، وبالتالي فقد كانت فرصة منافسيه داخل الحزب الحاكم ضئيلة.

وعلى الرغم من أن البلاد تعاني من مشاكل مثل ركود الاقتصاد وانخفاض عدد السكان، لا يبدو أن الخروج عن السياسة السابقة يمثل أولوية بالنسبة لغالبية الحزب الليبرالي الديمقراطي. ان قيم المحافظة، والتفكير الليبرالي الجديد والهياكل الاستبدادية رسخت نفسها بقوة داخل الحزب. وأصبح العجز في البلاد أكثر وضوحا خلال انتشار وباء كورونا. ونتيجة عدم وجود اشكال للرعاية الاجتماعية، حرم المحتاجون من الحصول على مساعدة سريعة.، فعلى سبيل المثال لا توجد إعانة إسكان حكومية في اليابان. وعلى الرغم من أن عدد الأشخاص المعرضين للخطر قد تضاعف تقريبًا في السنوات الأخيرة، إلا أنه لا توجد دولة رفاه فاعلة. ويقول كويتشي ناكانو، أستاذ السياسة بجامعة صوفيا في طوكيو، “حتى سوغا لن يغير ذلك”.

وخلال الحملة الانتخابية، ترك سوغا انطباعًا سلبيا، وظهر بكونه متحدثا ضعيفا، وغالبًا ما كان ينغمس في التناقضات ويضيع في أمور ثانوية، مثل خطته لتوحيد البنوك الإقليمية. ولم يشرح كيف يريد إخراج اليابان من الانكماش الاقتصادي الذي تعيشه البلاد، ضمن أمور أخرى، منذ رفع ضريبة الاستهلاك من 8 إلى 10 في المائة في تشرين الأول 2019.ولم يقدم كرئيس لمجلس الوزراء أي برامج سياسية، وبدا وكأنه حارس أمين على نهج سلفه، الذي أراد بناء “اليابان الجميلة والقوية” من خلال إعادة البلاد الى سياسة العسكرة والتدخل الخارجي مرة أخرى.

غالبًا ما تصور وسائل الإعلام التقليدية سوغا، بوصفه رجلا عصاميا، انحدر من عائلة مزارعين، وشق طريقه بصعوبة. في حين يرى مراقبون يساريون فيه مجرد سياسي استبدادي، تكتيكي ذكي يمتلك القدرة على تهدئة المعارضين بواسطة التهديدات. و لا يزال يستفيد حاليا من تقاليد مكافأة المبتدئين الشائعة في اليابان، وكذلك من شعبية آبي. ولهذا من المتوقع ان يدعو إلى انتخابات جديدة لمجلس النواب في أقرب وقت ممكن من أجل الاستفادة من نسب التأييد الحالية. وموقعه في الحزب الليبرالي الديمقراطي ليس مستقرًا كسلفه. وفي حالة تراجع شعبيته، يمكن ان يخسر انتخابات رئاسة الحزب المقبلة في ايلول 2021.

عرض مقالات: