لم يعد هناك لمنصف، بعد 85 عاماً من مسيرة معّمدة بالتضحيات الجسام، سوى أن يغبط الصحافة الشيوعية في العراق، على زهوها بصمودها، وعلى ما خاضته من تحديات صعبة وما إجترحته من مآثر متميزة، أبقتها فاعلة في تبني مطامح الناس وهمومهم، وفي ترسيخ الوعي الوطني والطبقي وفي الدفاع عن الهوية العراقية الجامعة، وفي نشر مبادئ الحرية والعدالة، وفي الدفاع عن حقوق الشغيلة والكادحين وتوجيه كفاحهم لبناء وطن خال من الظلم والعبودية والإستغلال، وفي الكفاح لتحقيق المطامح القومية العادلة لشعبنا الكردي ولكل القوميات العراقية المتآخية، وفي فضح الأفكار المتخلفة المعادية لحرية المرأة، وفي تبني كل حقوقها في المساواة والسعادة. 

وتقف صحافتنا الباسلة، في عيدها الخامس والثمانين على ذات الطريق العذب والمضني، دفاعاً عن إستقلال العراق وعن حرية وسعادة شعبه، وعن كل القيم التي قدم الآلاف من الشيوعيين والديمقراطيين التقدميين حياتهم في سبيل تحقيقها، متطلعة الى جهود شغيلتها ودعم أنصارها وقرائها، لتحقيق نقلات نوعية متواصلة في شكلها ومضمونها وسبل وصولها الى قرائها، فهي أحوج اليوم الى أن توسع من طبيعتها التقليدية كمنظم للكادحين ومعبئ للجماهير وتصبح أداة لبناء حركة شعبية شاملة، تشكل سياجاً مهما للحزب ومدافعا صلداً عن الحياة الديمقراطية في البلاد. كما تتوق لأن تكون ساحة فاعلة لمجموع الناشطين والملتزمين بالديمقراطية الاجتماعية والسياسية، وأن تلعب دوراً متميزا في جذب الشباب اليها، لاسيما في عصر تدنى فيه الوعي وضعف فيه إهتمام الشبيبة بالحراك السياسي.

ورغم أمجاد الماضي، الذي يحق لها أن تفخر وتعتز به، فهي تدرك بأن إختلاف الزمان يعني تغييرا في الطاقة الكامنة لأي حركة، وبالتالي الحاجة الى مزيد من العمل والوحدة، وتبني أي شكل من أشكال التنظيم التقدمي، الذي ينظم الناس ويحاول أن يغير أحوالهم، وأن تدعم توجهاته بلغة محايدة بعيدة عن الأستذة وعن إدعاء إمتلاك الحقيقة. كما لا تتبنى طرح برامج حديثة، لم يسبق لأحد طرحها فحسب، بل وترفق تلك البرامج بأساليب واقعية لتطبيقها، مما يجعلها أداة كفاحية بيد الناس.

وتعيش صحافتنا الباسلة في عيدها، تجديداً ديمقراطياً، يجب تعزيزه وصيانته، يتمحور في الديمقراطية الداخلية وإتقان سماع الاخرين، والتخلي عن المركزية المفرطة، فهناك خط فاصل وحيوي بين المركزية في التنظيم والمركزية في الإعلام.

وفي سياق دفاعها عن الحقيقة والعدل والحداثة، تدرك صحافتنا حجم مسؤوليتها في التصدي لما يمارسه الإعلام اليميني من تزييف ممنهج للحقيقة، وتضليل متعمد للجمهور، ومن طرح حجج لا تقنع حتى أصحابها، في ظل قدرته المتطورة على إستخدام تقنيات حديثة وبث الرعب والتخوين والتكفير وتوظيف حتى مثقفين، من اليساريين المتقاعدين، الذين صاروا يرسون على ضفاف دسمة، حتى ولو لم تكن الصلاة عليها أسلم. ويحدوني أمل كبير بقدرة صحافتنا على الكشف عن كل المزيفين الذين يلبسون أقنعة المثقفين والباحثين، وعن المراكز والمؤسسات التي يعملون فيها، ومصادر تمويلها، وأن تمزق أقنعة الأخلاق والعلمية والحيادية التي دأب هؤلاء على إرتدائها، صيانة لوعي الناس.

في العيد، يطل علينا من عوالم المجد شهداء الكلمة، فننحني لذكراهم الخالدة ونجدد الطاقة لنواصل المسار وكل عام وأنتم والحزب بخير.

عرض مقالات: