في الثاني من اذار الجاري شهدت إسرائيل ثالث انتخابات برلمانية خلال عام واحد، ولم يستطع التحالف الحاكم بزعامة نتنياهو، ولا معارضه الرئيس تحالف ازرق - ابيض بزعامة رئيس اركان الجيش الإسرائيلي الأسبق بنيامين غانتس، وللمرة الثالثة تحقيق أكثرية تمكنه من تشكيل حكومة جديدة.

وفي البرلمان الإسرائيلي الجديد، سيكون هناك 17 نائبا عربيا، وهو اكبر عدد في تاريخ برلمانات الدولة الصهيونية. كما أن عدد النساء العربيات اللواتي دخلن الكنيست حقق رقما قياسيا، فالقائمة المشتركة تضم أربع نساء حتى التسلل الـ 15، وهو رقم تجاوز جميع الاحزاب اليهودية، وستكون ايمان الخطيب اول امرأة محجبة تدخل الكنيست الإسرائيلي. وعبر تحالف ازرق – ابيض دخلت ايضا نائبة درزية البرلمان.

لقد استطاعت القائمة المشتركة (الاتحاد)، التي تضم "الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة"، وقوتها الرئيسة الحزب الشيوعي الإسرائيلي، إضافة الى حزبين أحدهما قومي عربي، والآخر إسلامي معتدل، ان تحقق انتصارا تاريخيا وترفع عدد مقاعدها من 13 الى 15 مقعدا، وتصبح القوة الثالثة في البرلمان. وقالت ريم حزان عضو لجنة العلاقات الأممية في الحزب الشيوعي ان الحزب حصل على 5 مقاعد في إطار القائمة المشتركة، وكان يمكن ان يحصل على المقعد السادس، لو ان القائمة حصلت على 15500 صوت آخر.

فقدان الاكثرية 

في 5 اذار أعلنت نتائج الانتخابات النهائية، ورغم تصدر تحالف اليمين المتطرف بزعامة نتنياهو الانتخابات، الا انه لم يحقق الأكثرية المطلوبة وحصل على 58 مقعدا من أصل مجموع مقاعد الكنيست (البرلمان) البالغ 120 مقعدا، أي انه يحتاج الى 3 مقاعد ليتمكن من العودة الى سدة الحكم. وسيحاول نتنياهو شراء 3 نواب للوصول الى هدفه. من جانبه أكد رئيس كتلة القائمة المشتركة احمد طيبي، ان الفشل في هزيمة اليمين المتطرف ليس فشلا للقائمة المشتركة، بل فشلا لتحالف الأزرق – الأبيض، وجميع الأحزاب الصهيونية المعارضة. اما رئيس القائمة المشتركة القيادي الشيوعي ايمن عودة، فقد شدد على انه وبالرغم من نجاح اليمين المتطرف، فان القائمة المشتركة يمكن ان تكون عقبة رئيسة امام تشكيل حكومة يمينية متطرفة.

أكثرية لصالح "إسرائيل الكبرى"

وعلى الرغم من انه سيقف في 17 اذار الجاري امام القضاء بسبب ملفات الفساد، استطاع نتنياهو ان يحقق زيادة في قوته التصويتية، على اساس حملة انتخابية هي الأشد عدوانية تجاه الشعب الفلسطيني. وقد توج ذلك بالإعلان عن أنه إذا أعيد انتخابه، فسيضم جميع المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية ووادي الأردن بأكمله، الى إسرائيل، أي أكثر من 20 في المائة من الضفة الغربية، في انتهاك فاضح لجميع المعايير الدولية، وفي توافق مع ما يسمى بـ "صفقة القرن" التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ومن الواضح أن اكثرية الإسرائيليين يدعمون بقوة السياسة الصهيونية العنصرية المعادية للفلسطينيين والعرب.

ولم يحقق تحالف الازرق – الأبيض سوى 33 مقعدا، وبالتالي يحتاج الى تحالف واسع، وعلى الأقل الى دعم القائمة المشتركة. يقول رئيس القائمة المشتركة ايمن عودة: "كانت المشكلة في الموقف العنصري لتحالف الأزرق – الأبيض"، التي لا تمثل بديلا، بل "نسخة شاحبة" لتحالف اليمين المتطرف. وقد حاول ان يتقدم صفوف الداعين لقضم الأراضي الفلسطينية، وعلى عكس خطابه في الانتخابات السابقة، نأى بنفسه هذه المرة عن القائمة المشتركة، مشددا على "ان على الأغلبية اليهودية ان تحكم البلاد".

وحسابيا يمكن للمعارضة الإسرائيلية ان تحصل على اغلبية 62 مقعدا شرط التعاون مع القائمة المشتركة (15 مقعدا)، ولكن ذلك يبدو صعبا جدا في الوقت الراهن، بسبب موقف غانتس المعادي للفلسطينيين والعرب والمؤيد لضم الأراضي الفلسطينية، ولهذا فقد أكد ايمن عودة أن دعم غانتس بالنسبة للقائمة المشتركة الان غير وارد، وان أي تعاون يشترط ان يغير غانتس موقفه ويتوقف عن دعم سياسة الضم، وعن الحديث عن "أغلبيته اليهودية" العنصرية. لكن من غير المحتمل ان يغير غانتس مساره.

تعاون اليسار الجذري مع الفلسطينيين

ووصف ايمن عودة تعاون قوى اليسار الجذري مع الفلسطينيين قائلاً إن "الشراكة اليهودية العربية هي حجر الزاوية لأي تغيير عميق في البلاد، من أجل السلام الحقيقي، ومن أجل الديمقراطية الحقيقية، من أجل المساواة الحقيقية. ويجب أن تتحقق معًا من قبل العرب واليهود. هذا التعاون العربي اليهودي حيوي وبداية، لكننا لن نتوقف عند القائمة المشتركة، وهذه مجرد البداية، على طريق بناء حركة كبيرة ستكون موطنًا لجميع المهمشين الذين لديهم مصلحة مشتركة في العيش معا في مجتمع قائم على العدالة الاجتماعية".

اما جريدة هآرتس الإسرائيلية فقد وصفت الأحزاب التقليدية في إسرائيل بالقول إنهم" يهود أولاً ثم ديمقراطيون يحاربون الفساد. إنهم عنصريون أولاً، وبعدها يصبحون دعاة شجعان لسيادة القانون. إنهم قوميون أولا وبعدها فقط ليبراليون".

عرض مقالات: