طريق الشعب

أفادت وكالتا بلومبيرغ ورويترز الأحد الفائت بأن السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، تعتزم زيادة إنتاج النفط إلى أكثر بكثير من عشرة ملايين برميل يوميا في نيسان المقبل، بعد انهيار اتفاق خفض المعروض بين أوبك وروسيا.

ويأتي ذلك وسط توقعات بأن تصل أسعار النفط من ثلاثين إلى عشرين دولارا، لتزامن انهيار الاتفاق مع تداعيات فيروس كورونا على الطلب العالمي.

ونقلت وكالة بلومبيرغ عن مصدر -فضل عدم الكشف عن اسمه-القول إن السعودية سبق أن أخبرت بعض المشاركين في السوق أنها قد ترفع سقف إنتاجها من النفط ليصل إلى مستوى قياسي هو 12 مليون برميل يوميًّا إذا اقتضت الحاجة ذلك.

من جهتها، ذكرت مصادر لرويترز أن إنتاج السعودية في نيسان المقبل سيزيد كثيرا على عشرة ملايين برميل يوميا، وقد يكون أقرب إلى 11 مليون برميل يوميا.

وأفادت المصادر بأن رسالة وزير الطاقة السعودي هي أن تعظم أرامكو إنتاجها، وتبيع مزيدا من الخام لحماية حصتها السوقية.

وتبلغ طاقة إنتاج النفط السعودية 12 مليون برميل يوميا، مما يعطيها القدرة على زيادة الإنتاج سريعا.

وكالة بلومبيرغ نقلت عن إيمان ناصري، العضو المنتدب لمنطقة الشرق الأوسط في شركة "إف جي إي" (FGE) الاستشارية للنفط؛ قولها "إن المملكة العربية السعودية الآن تخوض حرب أسعار كاملة".

كما نقلت تعليقا لمدير السلع في صندوق التحوط -فضل عدم الكشف عن اسمه-قال فيه إن ما قامت به المملكة يعد بمثابة إعلان حرب في أسواق النفط العالمية.

وانتهى اتفاق استمر ثلاث سنوات بين أوبك وروسيا الجمعة الفائت، بعد أن رفضت موسكو تأييد تعميق تخفيضات النفط للتأقلم مع تفشي فيروس كورونا، لترد أوبك على ذلك بإلغاء جميع القيود على إنتاجها.

وهوت أسعار النفط نحو 10 في المائة، حيث جدد التطور بواعث القلق من انهيار الأسعار على غرار ما حدث بين 2014 و2016، عندما تنافست السعودية وروسيا على حصص سوق النفط مع منتجي النفط الصخري الأمريكيين، الذين لم يشاركوا قط في اتفاقات للحد من الإنتاج.

حينها حاول المنتجون الكبار تضييق الخناق على إنتاج النفط الصخري من الولايات المتحدة عن طريق خفض الأسعار وتوفير المزيد من الإمدادات إلى آسيا.

تراجعات مستمرة

يتأهب متعاملو النفط الآسيويون لجولة أخرى من تراجعات الأسعار الكبيرة لخامي برنت ودبي الرئيسين بعد أن خفضت السعودية، لتعيد إشعال معركة حصص السوق بين كبار المنتجين.

وقالت وكالة بلومبيرغ إن السعودية خفضت أسعار النفط الخام للأسواق الخارجية إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من عشرين سنة على الأقل، مما يوفر خصومات غير مسبوقة للمشترين في آسيا وأوروبا والولايات المتحدة لإغراء مصافي التكرير بشراء الخام السعودي على حساب الموردين الآخرين.

محاصصة نفطية

وقال الخبير الاقتصادي أحمد حمد النعيمي إن صحت الأخبار بشأن تحركات السعودية، فإن ذلك "سيشكل ضغطا كبيرا على الأسواق. وستكون الأسعار معرضة للانخفاض".

وأضاف أن مثل هذه الأخبار تبعث القلق وتثير التخوف، وسط فائض في المعروض يقابله انخفاض حاد في الطلب بسبب تداعيات فيروس كورونا.

النعيمي أكد أيضا أن الفترة المقبلة سيكون فيها الصراع بين المنتجين الكبار على الحصص في الأسواق أكثر من الأسعار.

وقال "ستصبح الأسعار أمرا ثانويا، لأن الأهم هو من سيحتفظ بحصته كاملة في السوق".

من جهته، قال تيلاك دوشي، من معهد الشرق الأوسط في جامعة سنغافورة الوطنية لرويترز "يبدو الأمر بمنزلة صدمة سعودية شاملة واستراتيجية ترهيب بهدف زيادة الكميات السعودية والتنافس مع النفط الروسي في فنائهما الخلفي بأوروبا وآسيا".

وأضاف دوشي، الذي عمل سابقا لدى أرامكو السعودية، "قد يكون هذا أسوأ من النصف الثاني من 2014، وقد تختبر الأسعار ثلاثين دولارا أو حتى عشرين دولارا في ضوء صدمة الطلب المتزامنة مع تأثير فيروس كورونا على النشاط الاقتصادي".

أخبار سارة للمستهلكين

ذكر متعاملون ومحللون في آسيا أن التراجع في تكاليف الخام سيدعم على الأرجح هوامش شركات التكرير الآسيوية، التي تضررت جراء انخفاض الطلب من تفشي فيروس كورونا.

وقال أحد المصادر "إنها أخبار سارة لشركات التكرير والمستهلكين".

وقال المتعاملون إن من المتوقع أيضا أن تنخفض الأسعار الفورية بدرجة أكبر من الأسعار الآجلة، مما سيشجع على تخزين النفط.

كانت المرة السابقة التي يحدث فيها هذا الوضع (تراجع السعر الفوري عن الآجل) في 2014 و2015، وجرى حينئذ تخزين ملايين البراميل من النفط على متن السفن والناقلات في أنحاء آسيا وأوروبا وأفريقيا.