علي شغاتي

رغم الاستهداف المستمر من قبل القوات الأمنية، كثف المنتفضون يوم أمس، فعالياتهم الاحتجاجية في أماكن واسعة من البلاد، وشهدت محافظة بابل تصعيد جديداً بعدما قطع المحتجون الطريق الدولي الرابط بين بغداد والمحافظات الجنوبية.

خرق للهدنة في بغداد

وتكرر مشهد الاعتداءات الدامي على المتظاهرين من قبل القوات الأمنية والملثمين الذين يرافقونهم بالقرب من نفق التحرير من جهة ساحة الخلاني بعد أن خرق هذان الطرفان الهدنة التي بادر بها المتظاهرون.

وكثفت هذه القوات حملاتها على المتظاهرين مستخدمةً الرصاص الحي وقنابل الصيد والغاز المسيل للدموع، ما تسبب في سقوط العشرات من الجرحى في صفوف المتظاهرين واستشهاد الطفل حسين جليل (17 عاما) من أهالي مدينة الصدر بعد إصابته بطلق ناري.

ويأتي تصريح المواطن المعتصم في ساحة التحرير، عبد الله محمد، ليؤكد حقيقة وحجم هذا الخرق ودعم الالتزام بالهدنة التي اراد المتظاهرون خلالها السلام والأمان، بعد أن أوضح أن "المعتصمين كانوا قد بادروا في محاولة للتهدئة ومنع الاحتكاك من خلال الخيام، إلا أنهم تفاجؤوا بهجوم غير مبرر من قبل عناصر ملثمة كانت ترافق القوات الأمنية وأحرقت خيامهم في مشهد مؤلم"، كاشفا "عن استمرار الهجمات ضد المتظاهرين من جهة ساحة الخلاني طوال ليل أمس الاول ما تسبب في سقوط العديد من الضحايا دون مسوغ لذلك".

وعلى الرغم من ذلك، عاود المتظاهرون مجددا لإحياء مبادرة لتهدئة الأوضاع من خلال نصب الخيام قرب ساحة الخلاني وطالبوا بعدم تكرار خرق الاتفاق من قبل القوات الأمنية.

ولكن ذلك أيضا لا يمكن ضمانه بعد تكرار الاعتداءات وعمليات القمع التي طالتهم دون أي اهتمام من قبل المعنيين بالقرار الأمني والسياسي.

تصعيد احتجاجي في بابل وواسط

وتشير الاخبار الواردة بشأن اجتماع القوى المتنفذة، انه لم يأت ذلك بجديد غير طرح عدد من الاسماء التي سبق أن تم رفضها من قبل ساحات الاحتجاج لعدم مطابقتها المواصفات.

وارتباطا بذلك، صعّد المحتجون في بابل وتيرة حراكهم الاحتجاجي من خلال قطع الطريق الدولي الرابط بين بغداد والمحافظات الجنوبية بالإطارات المحروقة وجذوع النخيل، أمام حركة سير المركبات للمطالبة بعدم تسويف المطالب واقالة المحافظ أيضا.

ونفذ المحتجون في المحافظة تهديدهم في بيان سابق بقطع الطريق الدولي في حال استمرار الكتل السياسية في تجاهل مطالب المتظاهرين بتكليف شخصية جدلية لتشكيل الحكومة.

وفي السياق ذاته تصاعدت الاحداث في محافظة واسط حيث أحرق محتجون الإطارات في ساحة تموز مركز الاعتصام الرئيس في المحافظة وتقاطعات رئيسة وسط مدينة الكوت احتجاجا على اعادة محافظ واسط محمد المياحي إلى منصبة من قبل المحكمة الادارية واستمرار فتح منفذ زرباطية الحدودي مع إيران أمام الوافدين، قبل أن تقوم الشرطة بتفريق المتظاهرين واعتقال عدد منهم.

استمرار الدعم الطلابي

وكما أن هذا الحراك والنشاطات الاحتجاجية، كانت تتعزز بقوة الحراك الطلابي الذي أصبح قوة داعمة، عاود أصحاب القمصان البيض في محافظة الديوانية نشاطهم الداعم للمنتفضين. حيث توافد المئات من طلبة جامعة القادسية الى ساحة الساعة مركز اعتصام الديوانية للتعبير عن تضامنهم واستمرار احتجاجهم حتى تحقيق الانتفاضة كامل مطالبها في تحديد موعد للانتخابات المبكرة والتي يسبقها تشكيل حكومة مؤقتة

وعزز الناشط المدني في محافظة الديوانية حسن المياحي ذلك بالقول "نطالب بتكليف شخصية لم يسبق لها تسلم أي منصب في السابق على ان يتحلى بالحزم والقوة في قراراته وعدم الرضوخ للفاسدين ولا يخضع للضغوطات الخارجية والداخلية في اتخاذ قرارته، وان يؤمن مستلزمات اجراء انتخابات مبكرة حرة وشفافة وبعيدة عن تأثير المال السياسي".

اصرار على المحاصصة

ومن الواضح أن الكتل السياسية لم تتعلم من دروس الانتفاضة شيئا وما زالت تسعى وراء تقاسم المناصب.

وتواردت الانباء لساحة الحبوبي مركز الاعتصام الناصرية عن تعيين مرشح لم ينجح في الانتخابات البرلمانية بمنصب محافظ ذي قار، الامر الذي لاقى رفضا كبيرا من قبل المعتصمين الذين طالبوا بتعيين شخصية مستقلة ترشح من قبل ساحات التظاهر.

وفي ظل ارتفاع درجات الحرارة شرع المعتصمون في ساحة البحرية وسط محافظة البصرة الى نصب اجهزة التبريد في خيامهم، في بادرة تؤكد ان المعتصمين في عموم مدن العراق مصرون على استكمال طريق انتفاضتهم حتى تحقيق النصر.

وفي نشاط آخر لإخوانهم في كربلاء، بادر المعتصمون في ساحة التربية إلى نصب اجهزة للتعقيم في مداخل الساحة للوقاية من فايروس كورونا. وبالتزامن مع ذلك لم تهدأ منصات التواصل الاجتماعي عن الترويج للاحتجاج والاعتصام بعدما أطلقت هاشتاك (باقين) في دعوة للمواطنين إلى الاستمرار في إدامة زخم الاحتجاجات الجماهيرية الى حين وضع البلد على المسار الصحيح بعد الخلاص من الفساد.

احتجاجات اخرى

وترتفع حدة الاحتجاجات المطلبية في عدد من المدن حيث تظاهر المئات من خريجي المجموعة الطلابية امام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في بغداد مطالبين بإطلاق استمارة التعيين الخاصة بهم. بينما اغلق العشرات من العاملين بنظام الاجر اليومي في شركة الاستكشافات الزلزالية، مدخل حقل مجنون النفطي في البصرة، ومنعوا الموظفين والسيارات من الدخول اليه، احتجاجا على تسريحهم من العمل ما أجبر ادارة الحقل على التفاوض مع المتظاهرين من اجل الوصول إلى حل مرضٍ للطرفين.

واتسعت رقعة الاحتجاجات لتشمل محافظة ديالى بعد اعلان العشرات من اصحاب الشهادات العليا في المحافظة عن بدء اعتصام مفتوح الى حين تحقيق مطالبهم المتمثلة في توفير التعيينات لهم، كونهم شريحة مهمة في المجتمع.