عرض حزب العمال البريطاني المعارض في مدينة برمنغهام وسط انكلترا، يوم الخميس الفائت، برنامجه للانتخابات التشريعية التي ستجري في 12 كانون الأول المقبل. ووعد الحزب بتغيير اجتماعي جذري يشمل تأميم قطاعات رئيسية واجراء استفتاء ثان على بريكست. واستقبلت الصحف اليمينة البرنامج بردود فعل سلبية، فصحيفة "ذا سان" المحافظة تحدت عن "كاتلوك ماركسي للكراهية والتعصب". وبالضد من ذلك صرحت النائبة العمالية اليسارية لاورا بيدكوك: "هناك الكثير من الأمل في هذا البرنامج، ولا عجب في تعرضنا للهجوم من قبل الأثرياء"
واهم ما يعد به البرنامج الانتخابي هو تنفيذ "ثورة صناعية خضراء" لمكافحة أزمة المناخ. بحلول عام 2030، واعتماد مصادر الطاقة المتجددة لتغطية 90 في المائة من حاجة البلاد للطاقة، وكذلك لتغطية 50 في المائة من مصادر التدفئة. والتفكير بتنفيذ قرارات تأميم واسعة. ومن المقرر إقامة 7 آلاف توربين رياح ساحلي، الى جانب أنظمة طاقة شمسية تغطي مساحات واسعة. وتحويل 27 مليون منزل للعمل بأسلوب ادخار الطاقة، وخلق مليون فرصة عمل في سياق حماية أفضل للبيئة. ويعد الحزب بإيقاف جميع مشاريع توسيع المطارات. والعمل بنظام 32 ساعة عمل في الأسبوع. وكذلك تضمن البرنامج وعودا كبيرة مثل زيادة الرواتب للعاملين في القطاع الخاص بنسبة خمسة في المائة.
وسيتم تمويل تنفيذ البرنامج، ضمن مصادر أخرى، من خلال فرض الضرائب على شركات صناعة النفط والغاز. وقال زعيم الحزب جيريمي كوربين في برمنغهام: هذه الشركات التي "تساهم بأكبر قدر في كارثة المناخ". وينبغي أن يستحصل 11 مليار جنيه استرليني. وجاء الرد السلبي بشكل رئيس من اسكتلندا. حيث توجد قبالة سواحلها معظم منصات الإنتاج. وكان ذلك موقف مشترك لقطاع الصناعات واتحاد النقابات الأسكتلندي، اذ عبر الطرفان عن رفضهما خطط فرض الضرائب.

لكن الغالبية العظمى من الحركة النقابية البريطانية رحبت بالبرنامج، الذي ينص أيضًا على حد أدنى للأجور مقداره 10 جنيه في الساعة، كما كان مثبتا في البرنامج الانتخابي السابق. بالإضافة الى تأميم السكك الحديدية، ومكتب البريد، وإمدادات المياه، وخدمات الإنترنت وغيرها من الخدمات العامة. ويخطط حزب العمال لإلغاء جميع القوانين المناهضة للنقابات وإنشاء وزارة لحقوق العمال. وحظر أساليب "تفكيك الاتحاد" المناهضة للنقابات، وحرية ممثلي العاملين في دخول جميع المصانع في المملكة المتحدة. وسيتم رفع الضريبة الحالية على الشركات من 19 إلى 26 في المائة ، وفرض ضريبة على الثروات.
وبالنظر لطبيعة حزب العمال، بجناحيه اليساري واليميني، يعتبر البرنامج الانتخابي تقدميا، على الرغم من قبول البرنامج، وتحت تأثير اليمين بعضوية حلف الناتو وبرنامج الأسلحة النووية، فان البرنامج ينص على احترام القانون الدولي، ويبتعد عن التدخلات العسكرية غير الضرورية. وينص البرنامج على اصدار قانون يمنع انفراد رئيس الوزراء في اتخاذ قرار الاشتراك في حروب التدخل في البلدان الأخرى. ويتضمن البرنامج تشكيل لجنة لمراجعة تأثيرات الماضي الاستعماري لبريطانيا العظمى.
ويعد حزب العمل بمنح حق التصويت لجميع سكان بريطانيا، وتخفيض سن التصويت إلى 16 عامًا. بالإضافة إلى الغاء جميع قرارات التقشف في قطاعات الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية، وكذلك الغاء جميع عمليات الخصخصة في الرعاية الصحية، وسيتم إلغاء الرسوم على الدراسة ومنع دورات التدريب غير مدفوعة الاجر.
ولهذا لم يكن مستغربا ان يتلقى المحافظون، وفق الفايننشال تايمز للفترة من 6 -12 تشرين الثاني تبرعات بلغت قيمتها 5,7 مليون حنيه إسترليني، مقابل حصول حزب العمال على 218,5 ألف جنيه فقط. ان الرأسماليين يعرفون جيدا اين يقف العدو الطبقي.
وفي الملف السياسي فأن المشكلة الأكثر الحاحاً في الوقت الحالي هي بريكست، إذ من المقرر أن تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31 كانون الثاني. وقال زعيم حزب العمال انه خلال ستة أشهر من توليه الحكومة، سيبرم اتفاق بريكست جديداً مع الاتحاد الأوروبي وسيجري استفتاء ثانيا على عضوية بريطانيا في الاتحاد. وصرح أمام عدد من نشطاء الحزب ومرشحيه والإعلام "للشعب البريطاني الكلمة الأخيرة. ستنفذ حكومتنا نتائج الاستفتاء مهما كانت".
وتظهر استطلاعات الرأي تراجع حزب العمال خلف حزب المحافظين بزعامة بوريس جونسون، ويقر العديد من النشطاء ان غموض موقف الحزب تجاه بريكست قد اضر به.
إلا أن كوربن يأمل في اجتذاب الناخبين مثلما فعل في الانتخابات التي جرت في 2017 من خلال التركيز على معالجة انعدام المساواة بعد تسع سنوت من اجراءات التقشف في ظل حكومات المحافظين.

عرض مقالات: