أعلنت السلطة العليا للانتخابات في بوليفيا فوز الرئيس اليسار إيفو موراليس، في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي شهدتها البلاد الاحد الفائت. وجاء الإعلان النهائي مغايرا للنتائج الأولية التي أعلنت رسميا مساء يوم الاقتراع، والتي بموجبها تقدم موراليس بسبع نقاط على أقرب منافسيه كارلوس ميسا. وكان من المتوقع ان تجري جولة انتخابات ثانية في كانون الأول المقبل، ولكن اعلان النتائج النهائية بعد فرز أكثر من 95 في المائة من الأصوات، حسم السباق الانتخابي لصالح الرئيس المنتهية ولايته وحزبه "حركة من اجل الاشتراكية" ورفض مرشح المعارضة ميسا النتائج ودعا أتباعه الى الاحتجاجات، فاندلعت أعمال شغب في عدد من مدن البلاد.
وكانت النتائج الأولية قد أعلنت بعد فرز قرابة 84 في المائة من الأصوات الصحيحة، وبموجبها حصل الرئيس موراليس على 45.28 في المائة، وكان يحتاج الى اقل من 3 في المائة لحسم الصراع من الجولة الأولى. وحصل أقرب منافسيه ميسا من التحالف "شراكة المواطنين" على 38.16 في المائة. وبموجب القانون الانتخابي البوليفي، يحتاج المرشح إلى أكثر من 50 في المائة أو 40 في المائة على الأقل من الأصوات، والتقدم بفارق عشر نقاط على أقرب منافسيه، ليتم انتخابه مباشرة في الجولة الأولى. وكان متوقعا ان يفوز موراليس من الجولة الأولى لأن المناطق الريفية التي لم يتم فرز اصواتها في حينه تعتبر من معاقل الرئيس وحركته السياسية، وكذلك اصوات ناخبي الخارج.
وبعد ظهر يوم الاثنين، أعلنت الهيئة العليا للانتخاب أنه بعد فرز أكثر من 95 في المائة من الأصوات الصحيحة، تصدر موراليس الأغلبية اللازمة بفارق قدره 10.14 في المائة. عن أقرب منافسيه، وفق أحدث المعطيات: موراليس حصل على 46.86 في المائة، مقابل 36.72 في المائة لأقرب منافسيه. وبقيت نسب المرشحين الاخرين أقل بكثير من نسبة 10 في المئة. لقد كان الإعلان مفاجئًا لعدم الإعلان عن نتائج مؤقته تعكس تطور سير عملية الفرز لمدة 23 ساعة. وقد أعلنت هيئة الانتخابات ان عدم نشر تفاصيل متوالية جاء لتجنب الخلط الذي يمكن ان يحدث مع نتائج الانتخابات التي تعلنها الإدارات المحلية ونتائج عموم البلاد التي يعلنها المركز.
وينص النظام الانتخابي على حق إعادة فرز الأصوات بحضور مراقبين دوليين، وممثلين عن القوى المتنافسة. ووافق وزير الخارجية البوليفي دييغو باري يوم الاثنين في لقاء له مع رئيس بعثة المراقبين لمنظمة الدول الأمريكية لمرافقة مراجعة نتائج الفرز الأولية على يبدأ إعادة الفرز يوم الاثنين في المراكز الانتخابية. وامام هيئة الانتخابات العليا خمسة أيام للإعلان عن نتائج إعادة الفرز.
ومساء الاثنين الفائت، وبغض النظر عن نتائج إعادة الفرز المرتقبة، تجمع أنصار المعارضة أمام السلطات الانتخابية للمدن الكبرى في البلاد وهتفوا "تزوير " و "بوليفيا قالت لا". وبسبب الاضطرابات ومحاولات المحتجين اقتحام إدارة المراكز الانتخابية الرئيسة في العاصمة قامت قوات الامن بمنعهم من القيام بذلك. ومع ذلك أقدم المحتجون في بعض مدن البلاد على احتلال مراكز انتخابية وحرق محتوياتها مما سبب ضياع كثير من المعطيات. وأدت اعمال الحرق الى قفز شخصين من الطابق الثاني للإفلات من النيران المتصاعدة، في حين حافظت التظاهرات على سلميتها في معقل المعارضة في سانتا كروز. ولاتزال الاحتجاجات مستمرة في مواقع مختلفة من البلاد.
وجاء رد فعل السفارة الأمريكية في بوليفيا متوقعا، حيث أدانت السفارة اعمال العنف، ومحاولات "تزوير الانتخابات". ومن جانبه طالب الاتحاد الأوربي السلطات البوليفية بـ"ضمان اكبر قدر ممكن من الشفافية في عملية فرز الأصوات"
وكان موراليس قد فاز في انتخابات 2014 في جولة الانتخابات الأولى، وحصل على 61 في المائة من الأصوات.
وقد خاض الرئيس وحزبه الحاكم "حركة من أجل الاشتراكية" تحت شعار "مستقبل آمن"، على أرضية النجاحات الاقتصادية والاجتماعية التي تحققت منذ توليه منصبه في عام 2006، حيث تحقق استقرار اقتصادي، وتم تحقيق أعلى معدلات النمو (أربعة في المائة) في المنطقة. ووفقًا لبيانات البنك الدولي، انخفض معدل الفقر من 60 في المائة (2006) إلى 35 في المائة (2018) والفقر المدقع من 40 في المائة إلى 15 في المائة. وقد كان هذا ممكنًا من خلال استعادة سيطرة الدولة على المواد الخام والشركات الاستراتيجية. ووفر تأميم موارد الغاز والنفط للدولة ملايين الدولارات استخدمت لتنفيذ برامج اجتماعية واسعة النطاق، وبناء البنية التحتية، وقاعدة تصنيع في البلاد، الى جانب منظومة شاملة من القوانين والإجراءات التقدمية التي أعطت للمرأة حقوقا واسعة، وكذلك ضمان حقوق المواطنة لسكان البلاد الأصليين من الهنود الحمر. ومن المفيد الإشارة الى ان موراليس كان اول هندي احمر يحكم البلاد.
يذكر ان حركة من اجل الاشتراكية فازت بالأكثرية في الانتخابات البرلمانية التي جرت بموازاة الانتخابات الرئاسية.

عرض مقالات: