
كانَ فتىً مِنْ فتية الزُّقاقِ
الضَّيِّقِ ضيقَ قلبِهِ الخفَّاقِ
أيامَ كانَ الحبُّ مبنيّاً
على الصَّمتِ
ومرسوماً على الأوراقِ
بالوَلَهِ المحكومِ بالأطواقِ،
* *
الفتى قيسُ البغداديُّ
كانَ يقفُ على رأسِ الطَرَفِ*
الحارِّ اللاهب لهيبَ قلبِه،
ينتظرُ مرورَ ستَ الحُسْنِ والجمال،
بعباءتها المُلتفَّة بقدِّها الممشوق
مثلَ الغزال،
والتفاتتِها الذكيّةِ العابرة
قاراتِ الشوقِ
سهماَ.....
مارقاً خاطفاً
ترميهِ سلاماً..
بطَرفِ عينها النجلاء
فتطعنه طعنةً نجلاء
لا تُبقي في قلبهِ ولا تذر دَقةً
إلّا وجعلتْها شذرَ مذر،
تتسمَّر..
على جدرانِ بيوتِ الزقأقِ
المتصدِّعةِ،
لتتصدّعَ وتتشقّقَ
أكثرَ مما هي تحملُ بين طيّاتها
منْ قصصِ الحبِّ العذري
واللاعذري،
دونَ أنْ يرفَّ جفنٌ للعادياتِ
خلفَ الأخبار
الصاحياتِ
بعيونهنَّ الوسيعةِ
وآذانِهنَّ اللاقطاتِ
ليلَ نهارَ،
وألسنتُهنَّ مِذياعً عابرٌ للأزقةِ
والبيوتِ
بألفِ ألفِ قنبلةِ شفهيّةٍ ....
الفتى قيسُ البغداديُّ
لم يكنْ يُعيرُ
للقنابلِ الشفهية انتباهاً،
فشفتُهُ متشقِقةً
منْ فرط حرارةِ الشوق
وجمرة التوق،
وهي في جفافٍ مُقيم،
الفتى قيسُ البغداديُّ
كانَ يحبُّ فريدَ الأطرش،
وصوتُهُ - سبحانَ الله -
كأنّهُ توأمُ الأطرش،
ولم يكْ قيسُ البغداديُّ
أطرشاً بالزفَّةِ أبداً
- معاذ اللهّ -
فأذناهُ حسّاستانِ
تلتقطانِ
صوتَ الحبيبة
ووقْعَ خُطاها
منْ بدايةِ الزقاقِ...
حتى رأس الشارع الطويل
- شارعِ الكفاحِ -
منْ أجلِ قلبِه المُتيَّم بالحُسنِ
والعيونِ السُّودِ،
والعدلِ الضائعِ..
بين الأرجلِ....
والغيلان....
* الطَّرَف: بمعنى الزقاق بالعراقية
نوفمبر 2025







