ربما بسبب معاناتنا المزمنة مع الماء في مدينتنا البصرة  قادتني نزهتي في   رواية (وليدة القبر)، فقط إلى الماء، فقد تألق الروائي زكي الديراوي، في تعامله مع الماء في جنوب مدينتنا

(*)

مقتطفات مائية من الرواية :

(وصلنا قرب النهر الذي يحتضن البيوت/ 11)

أجمل توصيف لزعفران هو التالي في ص13

(زعفران كانت الماء العذب)

(مازال نهر زعفران عذباً)

(زعفران كانت شابة كلها نشاط وحيوية حفرت هذه الساقية أو النهر وحدها لتوصلها عند باب بيتها/ 14)

في ص29 تسقط سهوا زعفران بالنهر، وهي في طريقها لربط حبل الزورق بالنخلة، وهو يحاول انتزاعها من الزائر الأخير، انتزعها من الزائر الأخير   ولكن مرجان اخترق أنظمة السلوك الجمعي وحسب قول زعفران (لقد أخذت وجهي) مرجان نقذها من الموت وزجها في ما جعلها تحب موتها ، فهي تخاطب مرجان(ليتك بعد فعلتك ألقيتني بالنهر ليغرق السر/ 32) تلاحظ قراءتي تحول من كائن بشري إلى صفة محظورة ٍ، فالتي سوف تغرق ليس زعفران الطاهرة بل  زعفران أخرى. هنا اختلفت هوية الماء من مطهر إلى متسبب في خرق أنظمة السلوك الجمعي (الكونفورميا)

(*)

 الماء هو سيد الكائنات على أرضنا التي لوثها علمٌ بلا أخلاق. والماء هو حيوية الكلية الكبرى في (الجعل): (إنا جعلنا من الماء كل شيء حي)

(إنا جعلنا في الأرض خليفة..)

(إنا جعلناكم شعوبا وقبائل)

(إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا)

(إنا جعلنا من بين أيديهم سدا)

(إنا جعلناكم أمة ً وسطاً)

الجعل يأتي بعد الخلق، وبلغتنا المعاصرة يعني (الصيرورة)

(*)

ترى قراءتي للرواية أن الماء هو الشخصية الرئيسة في الرواية وسوى الماء هوامش وحواشي على المتن المائي بل كلهم عيال ٌ على الماء. وسنقوم بفهرست هذه البينة :

(1)    ص2 نقرأ ما يلي بعد كلمتين نتوقف عند قوله (للطين الحري) وهذا الطين ما صار طينا لولا سيادة الماء عليها

(2)    وفي الصفحة ذاتها نقرأ ( لعذوبة الماء)

في ص5 يصف لنا السارد قرية في أقصى جنوب الجنوب البصري (تقع متوازية ٌ مع مسار شط العرب الذي يصب ماؤه العذب هدرا في الخليج) وهذا التوازي المائي يمنح الأرضَ خيرات زراعية متنوعة الخضرة والخضراوات والنخيل والفواكه الصيفية والشتوية.. وهذه الأرض صالحة ٌ للإنسان والحيوان، ومن خلال النهر الكبير يكون السمك وفيرا. في ص8 يعود السرد إلى المهنة التاريخية القديمة للماء :(هناك طريق آخر لنقل محاصيل النخيل والخضروات والأعلاف وغيرها يتم بواسطة وسيلة النقل المائي وهي السفن الصغيرة واللجنات والزوارق والمهيلة)..في الصفحة نفسها نقرأ مؤثرية حضور الماء على الأرض والأشجار، وفاعلية الأنهار تهب الأرض بساتين، وتختلف البساتين فيما بينها من ناحية المحصول... إذن الماء هو ممول الخصوبة والعطاء لهذه الأمكنة التي يصفها السارد .