في الجانبِ الآخر مِن الشارع، شجرةٌ.. تتدلى أغصانُها كما لو أنها اذرع تمتد.. تحاولُ أن تحملُ من على الأرض.. عشَ طير ٍ يضمُ فرخاً صغيراً جنب بيضة، وثمة طائران يحلقان بانخفاضٍ قلقٍ حولَ العشِ، مسرعاً مر صبي، ركلَ بقدمهِ العش.. وقفَ مبهوراً بمشهد فرخ الطائر.. أنحنى حملهُ ومضى راكضا.. بينما لم تحتمل البيضةُ ركلةَ الصبي، انكسرت كاشفةً عن لحمةٍ صغيرة لم تكتمل فيها ملامحُ طائرٍ، الطائران يغادران المشهد ملتحقان بالصبي. أغصانُ الشجرة تتدلى كما لو أنها اذرعُ تمتد لتستعيد أزهارَها المتناثرة على الأرض. مِن وراءِ الشجرة ظهرَ شخصان، شابةٌ مرتبكةُ وهي تزرر قميصها: كانت عاصفةٌ هوجاء. يجيبها صوتهُ: ليتها لم تنتهِ. وعلى وجههِ ابتسامةٍ تتجلى فيها نشوة الرجال. لم اسمعهما.. داهمني صوت أمي: بح صوتي وأنا أناديك هل اصابك الطرش؟ ماذا تفعلين قبالة النافذة في هذا الوقت العاصف؟ تعالي ساعديني في اعداد الخبز، هذه الفوضى التي تعم غرفتك وشرودك.. يثيران جنوني. من على طرف النافذة سحبت جسدها، تحاول استعادة أنفاسها مِن مشهدِ شجرةٍ في الجانب الأخر مِن الرصيف المواجه للنافذة.. هامسة: نعم، ها أنا جئتُ. هزت الأم يدها متحيرةً وهي تغادر الغرفة تتبعها أبنتها.. النافذةُ لازالت تعرضُ المشهدَ.. الرياحُ تحملُ الأزهار الصغيرةَ مِن تحت الشجرة ِ وترفعها في دوامة ٍ كما لو أنها سرب فراشات بيض، وعلى صوتِ تصفيق حار.. يتسع بفعله قرص العجين..
انسدلت ستارةُ النافذة ِ