علمتني..الدنية ما تسوه بغيابك شي ابد
او علمتني..يعني تبقه بكلبي احبك للابد
الحديث عن القصيدة الشعرية الصورية الوامضة (فصيحها وشعبيها) يعني الحديث عن النزعة البلاغية وتقنية الانزياح والصورة الكاشفة عن قوة العاطفة وتكثيف الرؤيا باستخدام الالفاظ المجازية المستمدة من اليومي والمنبثقة من خلجات النفس مع تداخل الخيالي بالواقعي لتشكيل النسيج النصي الكاشف عن الوجدان الشعري المتأسس على الاضاءات السريعة (الوجدانية والفكرية) بلغة ملبدة بابعادها الرامزة مع تركيز على جمالية السياق وتوخي الايجاز وعمق المعنى وكثافة الايحاء..لتحقيق خطاب يستفز الذاكرة المستهلكة (المتلقية) عبر وحدة موضوعية تشكل نسقا جماليا متداخلا والفعل الشعري والاستدلالي..
او صرت ما شوف..
واليمي ابد ما وجديته
وادورك بالخيال..بليل الظنون
يكحلي انت..وعله جفوني لكيته
ضعت مني حبيبي بدرب مهجور
ومفتاح الكلب بيدك نسيته
وتشكل الشاعرة الشعبية ذاكرة زاخرة بالحكايا والامثال والاهازيج حتى انها حملت على شفتيها الموروث المعرفي والثقافي الشعبي الذي هو صورة حية تعكس الوجود الاجتماعي والتاريخي بحكم تفاعلها الذي فرض نفسه على امتداد جسد الخارطة الشعرية..فتقاسمت والآخر كبريائه حافظة للهوية ومعبرة عن مشاعر الوجود الانساني وقيمه ابتداءا من انخيدوانا السومرية ومرورا بشاعرة الاغريق سافو وخنساء العرب المتفردة برثائها وشعريتها عن معاصراتها وولادة بنت المستكفي العاطفة المتمردة والتعلق بالطبيعة ورابعة العدوية شاعرة الحب الالهي وانتهاء بنازك الملائكة والتجديد الشعري المتجاوز للقوالب الجاهزة..فالسرب الابداعي المعاصر الذي خط مسارات التجديد وكتب قصيدة النثر ونص الصورة الوامض..
ونه اليامه بليالي الشوك
جنت اسهر وغنيلك
ولهسه بصلاة الليل ودعيلك
لا دمعي يردك..لا نحيب الصوت
او ليليه اصير عيون وبجيلك
ولها:
وبليلك ابقه حلم
ابليل الشته شما طال
او خليني صوت اوصدى
وحلام ماتنكال
محنة اوخذاني الوكت
وهموم ما تنشال
يتشلبه حزن الكلب
فوك النجم لو مال
وبذا صارت المرأة الشاعرة قطب الشعر الآخر..فأطرهما اطار عجلة الحياة واتكئا على المخزون الثقافي والمعرفي ومهارة التشكيل البنائي للمفردات والصور التي نتظلل بظلالها الدائمة..اذ ان معطيات الحياة وتأثيراتها على الفكر المجتمعي غير قابلة للتجزئة(ذكوري وانثوي) فتجاوزت فكرة ارتباط الشعر النسوي في الذاكرة الادبية بالفخر والرثاء معبرة عن خلجات الذات والذات الجمعي الآخر مع توظيف المعاني الدالة على الوفاء والتغني بالوطن وكل ما له علاقة بالوجدان والقيم..كما في قول الشاعرة احلام الزيدي..
او سمارك من سماري الدنيه الوان
ونه لوني اويه لونك دوم يتوحد
وطبعك مثل طبعي ابكل الاوصاف
نهوك وما انتهيت وابد ما ترتد
ولو مية سنه اكعد واتناك
ويظل الصبر كل يوم يتجدد
تعال وخلي نكعد بس انه وياك
بلجن غيم روحي اوياك يتبدد
فالنص يختزل الحياة بمهارة فنية واخيلة خصبة في التراكيب البنائية باعتماد آلية لغوية ايحائية تؤطره وجمله المستمدة من دوالها وهي تقوم على ثنائية درامية نامية..خالقة لفاعليتها التي تكتسب توترها من المضمون الذي جسدته دلالاتها التي تحيل الى محور التأويل..كونها تقدم بناء نصيا يكشف عن شاعرة واعية بشد جملها الشعرية بعمق الرؤيا التي تخفف من وطأة السرد الشعري..
وتنيتك وآنه كلي اشواك وهموم
اويجيني الليل ما بي كمر ونجوم
اوسمه عيوني
مغبره ملبدة غيوم
وبلياك مكسورة الخاطر
اوتدري بعمري يا ما بيه كسرات
مثل كسرة غيابك ماكو هيهات
وسنيني الي راحن كضن صفنات
مثل صفنة مسيه اعله المكابر..
فالنص يسير بحركة تراتبية مشدودة الاواصر بقدرة لغوية تربط المقدمات بالنتائج تماشيا مع جوهر التفكير الذي يجعل الاتصال بين الجمل اتصالا جماليا نتيجة امتلاك الشاعرة من الابجدية المتاحة لتصوغ منها خرائطها النصية باستخدام الموروث الشعبي وتحديثه على الرغم من سيطرة الحسجة الجنوبية المكتظة بالاحاسيس والمشاعر..

عرض مقالات: