يتفق المختصون في الميثولوجيا على ان كل ما كان التوغل في ماضي الجماعات فالحكايات الشعبية تضل حاضرة..هذا يعني انها من اقدم الموضوعات التي ابتدعها الخيال الشعبي وهو يبدأ استهلاله السردي بمقدمة ثابتة (كان ياما كان في قديم الزمان) ومن ثم الاسترسال باسلوب درامي مشوق وجاذب حتى اصبح نتاجا فكريا انتجته الشعوب عبر تاريخها الممتد مع بداية الوجود الانساني..فكانت خلاصة التجارب التي مر بها الانسان عبر مراحله التاريخية مع الاحتفاظ بمقومات بقائها وعناصرها البنائية، الموضوع والحدث والشخصية والاسلوب والبنية الزمانية (المرحلة التاريخية) والبنية المكانية (المحيط الجغرافي الذي تجري فيه الاحداث وتتناقلها الشفاه) وتأدية دورها المجتمعي والفكري..كونها موروث واثر ادبي شفاهي وخلاصة تجارب انسانية وافرازات التفاعل مع الحياة يتميز بمشاهده التخييلية الشعبية الادهاشية المثيرة للاسئلة..
ـ الحكاية الشعبية جنس ادبي قائم بذاته له اصوله ومقوماته الفنية تتناقله الالسن شفاها وتتوارثه الاجيال بلغة شعبية مرنة في بنيتها الشكلية والدلالية ومضمونها الهادف لتحقيق الوظيفة التعليمية والترفيهية والنفسية والثقافية..فضلا عن تحقيق المتعة الروحية والمنفعة الفكرية بتأسيسها خبرات حياتية مضافة في بناء سردي زاخر بالحكم والامثال والقيم وتأصيل وتوطيد العلاقات الاجتماعية..بطلها من الخارق للعادة والمتجاوز للمألوف..
ـ الحكاية الشعبية اثر ادبي يؤثر بشكل سريع قي متلقيه لما يتضمنه من مشاهد تذكي الخيال وتستفز الذاكرة عبر لغة يومية متداولة الالفاظ..عرفها الانسان وحكاها مع ومضة وعيه الاولى..اذ كانت وسيلة التسلية وشحذ الفكر..لذا تعد من اهم مصادر التراث الشعبي بمعطياتها التربوية والنفسية والتاريخية..حتى انها شكلت ركيزة اساسية في البناء السردي(قصة ورواية) بحكم تأثيرها بتعابيرها الموضوعية..
ولكي لا تفقد الحكايات الشعبية مكانتها ووهجها ندعو المؤسسات الثقافية تجاوز كسلها وجمعها وتصنيفها ودراستها ونشرها كمشروع ثقافي ـ وطني..من اجل الحفاظ على خزينها الانساني كما في الف ليلة وليلة وسندرلا والزير سالم....