النص الشعري الشعبي على امتداده التاريخي حمل هموم الواقع وتناقضاته فكشف عن براعة فنية مع توهج لهجته المتداولة والقريبة من الوجدان بتدفق وانسيابية عذبة محركة للذاكرة ومشكلة اضافة خلاقة يزهو بها الفكر الانساني..اذ هناك مناجاة الذات والواقع باقتصاد لغوي دال على البوح باعتماد اسلوب التراكم الدلالي للتناقضات الحاصلة داخل نسيج النص المنتج .. المشبع بقدرته التعبيرية المستنطقة للحظة الشعرية مجتمعيا عبر نسق لغوي مكتمل المعنى..كما في قول الشاعر عريان السيد خلف )الشجر يثبت شجر..والخاوية تطيح)..وله:
الموت من يحصد الوادم...باكه..باكه
الصوت من يصحه اعله ظالم..باكه ..باكه
فالصورة الشعرية عند الشاعر تعتمد صراع الاضداد مبنى ومعنى..اضافة الى اعتماد الانزياح اللغوي وتجاوز المألوف بتوظيف الاسلوب البلاغي كالجناس كما في(باكه..باكه) اذ تعني الاولى الموت بصيغة جماعية..اما الثانية فتعني الصحوة والانتفاض ضد السارق لحقوق الاخرين وممتلكاتهم..وهناك الطباق كما في(الموت والصوت) ..اضافة الى المجاز والتشبيه والاستعارة.. لتحقيق الشعرية المستفزة والنابشة لذاكرة المستهلك(المتلقي) للكشف عن ابعاد النص سياسيا واجتماعيا واقتصاديا معتمدا المفردات الشعبية المتداولة والموغلة ببعدها التاريخي ومنحها بعدا معرفيا وثقافيا معاصرا..حتى ان هذه القصيدة (كبل ليلة يبو محيسن) شكلت منعطفا في التجربة الشعرية العريانية خصوصا ومجمل التجربة الشعرية عموما..
جان اول بيت ضحكه
وجان ثالث بيت رجفه
وجان رابع بيت عين
فالشاعر هنا يخلق توازنا ما بين الفكرة والصورة الماسكة بالسياق النصي والمتميزة بالعمق الدلالي المنبثق من خزين الذاكرة الشعرية المنتجة لنصها وهي تعالج واقعا مأزوما..اضافة الى انبعاث قوة الايحاء في رسم المفردة الشعرية التي تكشف عن الاسقاط الطبقي عبر رؤى اجتماعية مكتنزة بمدلولاتها السياسية..
هذا يعني ان الشاعر الشعبي كشف عن قدرة فكرية منتجة وحضور فاعل ومتفاعل مجتمعيا من اجل وجود انساني يشعر بالسعادة في وطن حر متحرر وينسى شكواه (الناس بالجله دفت وآنه ارجف بنص تموز)..عبر نسج شعري يعتمد مضمار الحداثة الشعرية التي اسسها مظفر النواب باعتماد التعالق بين اللهجة اليومية والاساليب البلاغية والفكرة الفارشة لروحها على ىامتداد الجسد النصي الحاضن للصورة الشعرية..ش

عرض مقالات: