كتب القاص المبدع/ فهد الاسدي / عن الزوالات، زوالات الواقع العراقي، وقد صحا على (عدن مضاع)..، ولم تكن طيوره يوماً ارضيّةً جاهزةً للذبح، وانما كانت (طيور السماء) المبحرة باتجاهات متعددة غامضة؛ وما (معمّرة عِلي) إلّا الاشارة الى خراب هذه المعمّرة وزوالها.
في مجموعته - طيور السماء، كان الزوال زوال الانسان القسري، وقد كان القاص مدهِشاً في استعادة ترتيلة اعدام الزنجي (حلب بن غريبة) في واحدة ٍ من قصصها التي توسّعت لاحقاً الى رواية بعنوان (حلب بن غريبة الصليب)..، وهي استعادة لصورة موت الفقراء المحتجّين، وكانت تجسيداً واقعياً وبراعةً فنيةً في التشكيل السردي.
إستثمر الشاعر المبدع/ طارق ياسين/ قصة اعدام (حلب بن غريبة) شعرياً، متماهياً مع واقعيتها ودلالاتها بحسّه الشعري العميق، وكتب قصيدة طويلة بالعنوان ذاته.
إنَّ الأهمية الفنية تُحتّم الاشارة هذه لتوضيح فاعلية تفاعل الاجناس المختلفة في توليد عمل ٍفني لاحق من عمل ٍ فني سابق، وقد إحتفظ االمبدعان الراحلان بلمسة خصوصيتهما، وتلك هي َ علامة الذين ليسوا كسواهم.
يقول الشاعر/ طارق ياسين/ في مقطع من قصيدته:
حلب يابن غريبه ياوسيع العين.. إمشينه لهلنّه ياحلب نرجع
جيب اوياك عصّاة التنوش الكَمره وازود نوش
وآنه إو شبح موتك والشمس نربطهه ويّه الهوش
بلجن يا حلب نحلبها من تشبع كَصيل إو ماي
خل تسرح إوتندل المراعي الواسعه الخضره
ياحلمان بالحلم الجبير إو دولة الفقره... (مامش دولَه للفقره).
سفينه امحمِلَه ابموتاهه يبني ياحلب والهوه ايكَص الماي
وحيده إو جنّك انت إوياي
عصاك ابطولك اتفج العشب واتوسّع الكَمره
ولا جرحوك.. ولا ساووك بالحفره
ولا شفتك ابعيني ابطولك املولح عله السدّه ابعمر عرّيس
حلب يابن غريبه يا وسيع العين..
عِوَض عنك يموت الموت ..
اموت آنه ..وادري الموت ماينغش .
" حلب بن غريبة " بين (فهد الاسدي وطارق ياسين) فرصة سانحة في مشاغلة الذاكرة لإستذكار مبدعَين مازالا عصيين على النسيان ...