"السقشخي" رواية مكان تطلق على الشخص الساكن في منطقة سوق الشيوخ، وهي مدينة الشعر والكرم والشجاعة مدينة فراتية تصدت للعنف والدكتاتورية فكانت منبع الثورات، وعلى الرغم من الحصار والظلم ظلت مدينة الشجعان..

تحكي الرواية قصة شاب عراقي اسمه ماجد معلم تربية فنية، جامعي في مدرسة ابتدائية، راتبه بسيط لا يسد نفقات الاسرة العراقية. الراوي يسرد محنة العراقي ابان الحصار الاقتصادي على العراق.. فكرة الرواية تجسد الظلم والجور الذي يصيب الانسان في الوجود كونه محاصر بالكثير من مطبات الحياة ، يقوم البطل ماجد ببيع الشاي بعد الدوام الرسمي ، فيطارد ويعتقل من قبل السلطة بحجة المخالفة لتعليمات الوظيفة الحكومية ، احدهم كتب تقرير بذلك .

( الا تخجل من نفسك .. معلم تربية فنية يعني فنان .. وتبيع الشاي!!)

الرواية تحدثنا عن تاريخ العراق وما مر به من ويلات وعن الحالات الاجتماعية والثقافية وحتى الدينية التي تجعل القارئ يبحر في مغازيها محاولا الوصول الى حقيقة المجتمع وما يعاني منه من ظلم وحكم تعسفي يدفع ( ماجد ) بعد خروجه من المعتقل للسفر الى الخارج خصوصا وانه مطارد من اشخاص كتبوا عنه تقرير أعتقل على اثره، واستطاع الهروب الى الاردن عن طريق راعي غنم اوصله الى الساحة الهاشمية وعرفه على شخص صاحب فندق هيأ له السفر الى لبنان عن طريق شخص معاق اسمه حامد السماوي المتواجد في الساحة الهاشمية بعد تعرضه للاعتقال في الاردن مطالبين بأوراقه الثبوتية استطاع صاحب الفندق تخليصه من المأزق .

في لبنان يتعرف على فتاة مسلمة امريكية اسمها ( زينب ) هربت عائلتها جراء الحرب اللبنانية، استطاع ان يقيم معها علاقة ويتزوجها، اكملت زينب اوراق الزواج من السفارة الأمريكية.. بعدها استطاع الوصول الى امريكا .

( هاربا من جور الحياة.. كنت ساهما في احد المقاهي  شارع الحمراء .. أخاف من رؤية أية شخصية عراقية قد تعرفني .. وكانت هي كذلك ، تجلس وحيدة .. ومثل قدر لا يراه الا في المخيلة، ابتسم احدنا للأخر ربما الوقت الطويل الذي امضيناه جلوسا منفردين اوحى لبعضنا اننا في مازق حياتي).

الرحلة كانت تحمل صراعاً يجمع من الحزن والخوف فقد اعتقل من قبل جماعة أتهم بانه ارهابي لأنه صور برجي التجارة العالمي أثناء الانفجار في 11 سبتمبر ايلول الذي كان محض صدفة اثناء تواجده قرب المركز التجاري جاءت طائرة وقصفت البرج ولحقتها طائرة ثانية وقصفت اخذ يصور بكامرته وهو مرعوب هرب كما هرب الكثير وعمت الفوضى المكان ولأنه كان متابع من قبل اشخاص اتهم بانه من تنظيم القاعدة وهو المشارك في التخطيط .

يسرد لنا الروائي كيفية اعتقاله والاسئلة المملة التي تلقاها ماجد.. أنه سرد محبوك من سارد يحكي وجعه أثناء الاعتقال والاستجواب .

في الرواية العديد من النقاط المهمة:

1ــ تعدد الأمكنة والازمنة، الهروب من العراق الى الاردن الساحة الهاشمية والى لبنان الساحة الحمراء والى امريكا والمركز التجاري في نيويورك ومن ثم الرجوع الى بغداد والتجوال في امكنة عديدة ومن ثم الى الناصرية وسوق الشيوخ الى اهله في منطقة الاسماعيلية الغنية بالأمكنة الى جانب "السقشخي" سوق الشيوخ .

2ــ الرواية كثيرة الاسترجاع ( فلاش باك ) في الخارج يتذكر زوجته وعندما يكون في العراق يكتب عن الشوق والفراق .

3ــ الرواية فيها كلمات عامية وهي ليست عيباً بالعكس زادت السرد اشتياقاً.

4ـ رواية "السقشخي" من ثلاثة عشر باباً او مقطعاً أغلب هذه المقاطع تحمل مواصفات القصة القصيرة ذات ثيمة واحدة. .

5ــ هذه الرواية تعد ادانة لسلبيات الماضي التي مر بها العراق من حصار وحروب وانتهاك للحريات والدكتاتورية القاتلة وتهشيم القناعات الزائفة كل هذه الاشياء دفعت باتجاه المرارة،  فكانت رحلة مكوكية ذهاباً واياباً، صراع مع الخوف والحزن والالم .

عرض مقالات: