يعد الفنان حسين صالح عبد حمزة الكرعاوي، واحداً من ابرز الفنانين الشباب في مدينة الديوانية. اذ قدم، رغم حداثة تجربته، انجازات فنية مهمة، منها نصب عامل النظافة "ابو حيدر" في مدينة النجف، اضافة الى اعمال فنية اخرى في مختلف المحافظات.

الكرعاوي المولود عام 1988، والذي ساهم في الكثير من النشاطات والمعارض الفنية، تخرج في اكاديمية الفنون الجميلة بجامعة بابل، وحصل على شهادة الماجستير فيها ايضاً، وهو حالياً طالب دكتوراه في مرحلة الكتابة.

وقال حسين الكرعاوي في حوار اجرته معه "طريق الشعب"، انه يهتم دائما بالرؤية الحضرية للمدن، كذلك بالعمارة على اعتبارها ذات صلة بفن النحت، مضيفا ان "تجربتي في النحت كانت بسيطة جدا اثناء بداياتي كطالب في اكاديمية الفنون الجميلة، لكنني سرعان ما وجدت نفسي منافساً قوياً لبعض زملائي ممن يمتازون بنتاجهم النحتي، حتى تخصصت أكاديميا في فن النحت، ثم قبلت في الماجستير".

 وتابع قائلا أن "البلد اليوم بحاجة إلى ان نقف معه ونظهر تاريخه من خلال نحت بعض المجسمات التي تمت لحضارة بلاد الرافدين بصلة من الناحيتين التاريخية والآثارية"، موضحا أنه أنجز نصبا نصفيا للمراسل الحربي الرائد علاء العيداني، الذي اصيب في معارك تحرير مدينة الفلوجة. كما أنه انجز بعض الأعمال الحديثة في متحف الفنون والآثار بجامعة الديوانية.

ويلفت الكرعاوي إلى أن "ابرز المعوقات التي تواجه عمل الفنان هي عدم اتساع رقعته فكريا من خلال امرين: الاول ان السلطة التنفيذية استبعدت ذات الفنان حتى اصبح يواجه صعوبات جمة في تنفيذ اعماله واخراجها برؤية تتلاءم مع عصرية الكوكب وحاضره. فيما الأمر الآخر هو ان الفنان لم يعش العزلة فقط مع السلطة، انما هناك عزلة كبيرة بينه وبين المجتمع، حتى اننا اصبحنا امام موروث تحطمت فيه الاواصر بين المجتمع، والفنان كعنصر حي قادر على إعادة نشاط وافكار المجتمعات".

وعدّ النحات الكرعاوي تمثال الشهيد ابو تحسين الصالحي، من ابرز انجازاته، والذي انتجه كمرحلة اولى على نفقته الخاصة بارتفاع 6 امتار. كما انجز عملا خاصا على خلفية قرار رفع الحظر عن الملاعب العراقية، والذي لاقى رواجاً كبيراً في الاوساط، مضيفا أن له عملا بعنوان "خروج الروح"، موجود في متحف الفنون والآثار بجامعة الديوانية، يبين فيه أهمية الروح وكيف يصبح الجسد بدون هذه الروح عبارة عن مادة عرضة للتلف.

وتابع قوله انه أنجز نصباً للامام العباس، حيث أخرجه كفارس همام وقائد، بعيداً عن الصفات الأخرى السائدة بين أبناء المجتمع، موضحا بهذا الصدد انه "يتحتم علينا في رسالتنا الفنية، ان نظهر الجمال بقيم فنية وجمالية مدروسة، لغرض تصحيح رؤية المجتمعات الخاطئة، مع تأكيد مفهوم تجسيد الماضي وتفاعله مع الحاضر، كون الحاضر مكملا للماضي".

وذكر الكرعاوي انه يسعى من اجل "نهضة فنية كبيرة ترشدنا الى الجمال وتصحح مسار الفن الخالي من العشوائية وهيمنة السلطة"، آملا أن "تمتزج اعمال الفنانين والنحاتين مع العمارة، لغرض انتاج رؤية كبيرة في تأثيث المدن التي اصبحت خاوية بفعل العشوائية والقبح المستمر".

وعن اختلاف الآراء التي طرحت في مواقع التواصل الاجتماعي حول تمثال عامل النظافة ابو حيدر، قال الكرعاوي: "عملت من خلال خطة وجهد لسنوات، على وضع استراتيجية لتقوية العناصر المهمة في الحياة، ومنها الطبقة الكادحة، المسلوبة حقوقها من قبل السلطة، وفي مقدمتها عمال النظافة  او (مهندسي النظافة) كما يطلق عليهم. فتم العمل على إنجاز نصب يمثل عامل النظافة ابو حيدر في احدى ساحات مدينة النجف، عند (شارع الانصار). وبحسب آراء الناس، فإن هذا النصب شكل علامة مضيئة وفارقة في تناول المواضيع فنيا".

واستدرك قائلا: "لكن أسئلة كثيرة اثيرت بخصوص مبلغ النصب وانجازه. فكان الجواب هو ان النصب عبارة عن حافز معنوي كبير لدعم عمال النظافة، وان المبلغ المرصود لإقامته اقل بكثير مما يشاع، ونحن بصدد تثبيت دعائم هذه الفئة المهمشة كي تكون علامة فارقة في المجتمع من حيث الصبر على العمل والاهتمام في الشوارع وتقديم الخدمات بشكل مستمر، على الرغم من عدم اهتمام السلطة في رواتب عمال النظافة او اي شيء متعلق بعملهم ومعيشتهم".