عن بيت الكتاب السومري –المتنبي، صدرت المجموعة الشعرية (رَجّعللي حِلمي) للشاعر الشعبي علي عماد والتي ضمت 37 قصيدة... واتسمت المجموعة بالمفردة الهادئة ولهجتها الشفافة وهي تنطق بهموم الشاعر العاليةالإنتماء والعالية الاهتمام والعالية الوقع في مطلبه الانسانيلأحلامه و رؤاه الحياتية الممتدة المتعددة والموزعة في البحث الجمالي عن الوطن والانسان والحبيبة وكلالقيم الجمالية وفق مفهوم الوجود الحياتي له...كما اشار في وصفية قصيدة "ما نسيتك" ص9...
(ما نسيت.../انته من اول حنين بروحي غالي/ مانسيتك حزن وانت اعله بالي/كل فرح وانت اعله بالي/وانته اول سالفه بروحي خذتني/ وكلها تالي.../اعرفت باول حنه من دم الشهيد/الوطن غالي../وحته من انجوع سهله....صحت بوجوه الخذوك الوطن مالي/) حتى يذهب لهجس السؤال (انه اخاف اطفال باجر من يسألوني الوطن إلمن؟ شكلهم؟؟...).وهذا التساؤل الاخير يعبر عن الحالة العراقية الصعبة التي راح الفاسدين في تغريب الوطن وبيعه.
ومن المتفق اللغوي للمفردة الشعرية انها توازي وتناسب مضمون القصيدة وفق الاسلوب الخاص للشاعر،ولهرمونيتهاتاخذاللفظة الشعرية بالصعود التلقائي لشدة وقوة خطابها الصائتلتضمينات القصيدة، لكن ما ظهر في لهجة الملفوظ لقصائد هذه المجموعة بقاء الشاعر بهدوء وشفافية اللفظ والحفاظ على التعامل الفني الدقيق مع اللفظة وهي ترسم التصوير الشعري العميق،وهذا واضح في نوع وماهية استخداماته التي امتدت على قصائد المجموعة.
ان الوطن في حالته المهددة له والحبيبة الغائبة وعموم الحياة المتعثرة وخاصة تحت نير الحكام المستبدين لم تترك الشاعر باقياً في (رباط جأشه) بل تأخذه لشدة المطالبة والمقاربة للحلم واليوتوبياالمتخيلهله، وهذا ما نقرأه في تصاعد وشدة مطاليب الشاعر في نصوص المجموعة لكنه لا يرمي به بالعصبية اللفظية في التعبير عنها ليبقى بعيداً عن اللفظة الخشنة المتوترة...كما في وصف تشوقه للحبيب في قصيدة "رجعلي حلمي" بقوله (إبكلشي التقينه ... وانتهينهإبكلمه/ ....) ويضيف (المتروس فركه ايدور الملكة بروح/مثل اليدور بالضحى اعله النجمة).
وامتاز الكثيرمن نهايات الانساق والجمل الشعرية بالقفل الساكن غير متحرك في حرف المفردة،لميل الشاعر لخلق تلائم مع روح وحالة الفكرة المعبرة عنها كما واضح بهدوء وسكون مفردات (إبكلمه والنجمة)،وهذه السمة في تسكين وقفل المفردة المقفاة راح يميل لها بعض شعراء قصيدة العمود والتفعيلة لتضع السامع والمتلقي عموماً ازاء انصات وتأمل امام خطابة الشعري،وقد امتد هذا الاتخاذ الفني على الكثير من القصائد،وفق مثول ملفوظ شعري تناغم جماليا في بناءات القصيد الشعري،كما في تقفية الجمل في قصيدة "فهمت الناس" (من يرحون كلهم انه ارد ليك/وأهدأ من اشوف الوادمإتنض/واسكت وابتعد عن الهتافات/واخلي الكلب بيك ابراحتهايج/و اطوفن واسعى بيك إمنين ما يد/وأنسم من اشوف الوادماتعج/اشما رجيتني نلكانيمتروس/عطر واترس اهدومك لمن اترج...).
ومن عشقه للارض وتغزله بها راح الشاعر "علي عماد" برسم صورة مشرقة عن طيبتها وعطائها كما في قصيدة "واعدها ابسنابل"ص29 (واعدها ابسنابل تعطي خدها الكاع/وتضحك ما تخوشن خاطر اليحرث/تره الضحكه حرز بسوالف العشاك/والموش بوكتها اشما تزود اتغش/اتحسهاشكد ترف لو غازلت نسمات/بس تلكاه عجاج امن ايخبث...) وهذا الانتماء للارض انتماء انساني شرطه الشاعر باحترام قدر وماهية الارض وهو يمنحها حس وتفاعل مع الانسان وبمثل مفهوم امنح ما تريد لتمنحك الخير من ثمارها والسكن فيها مبناء حياتك.
وقد تطبعت مجموعة "رجعلي حلمي" بالسمات الانسنية العادلة في حقها بالعيش السعيد من وطن وحب ومجتمع تغمرة العلاقات البناءة التي ترسم جمال المكون الحياتي .كما في قراءتنا لقصيدة "كتلها"ص92 التي اتسمت بالتقطيع الإلقائيالمموسق في التعبير عن موضوعة الحب في قوله(كتلها...ودرت وجهك...ما محسبلها/حسبالكاحجاية وتمر ...واحملها/ماتدريالكلوبالتحب ما تنعاف/وحجاية الراح تروح تكتلها/ماتدري العيون التضحك لكل طيف/طيفك لو كطع بجفونها ايذلها..).
ويحرض الشاعر في بناءاته الشعرية على منح الروح التعبيرية العالية للمفردة الشعبية ومن خلال انزالها للمنطقة الاعمق والانشط في دلالتها والمساحة الاوسع، حتى يحسها المتلقي مصوته للمعناها وبكامل قدرها، لذا نراها في ذلك الجلوس في النسق الشعري جلوساً باكثر معافاة وهي منفتحه على مهمتها الشعرية باكبر قدرة لفعلها الشعري. اضافة لتقطيع الشاعر لانساقة الشعرية المؤثرة والفاعلة ليكون القاريء سامع لكتابتها وصانت لصوتها حتى في تلقية القرائي وليس السماعي الذي يتدخل فيه الشاعر في القاء قصيدته،وهذا من السماتالباصمة للشاعر "علي عماد" والمميزة لجمالية بناءاته الشعرية المنسجمة الفواصل والتقطيعات لانساقة الشعرية....
استطاع الشاعر "علي عماد" هنا ان يكون بوثوقه الشعري بصمته الشعرية الخاصة كتفرد له وايضاح واسلوبه البنائي للقصيدة الشعبية التي امتازت بمضامين انسانية عالية تدعو لبناء الوطن والانسان.والتي تأملننا وتأمننا لخطابات شعرية اكثر قرب وصدق مع المجتمع الطامح لجمال وعدالة وجودة التي راح الشاعر "علي عماد" في انشاده الجميل لها.

عرض مقالات: