كان ناصعاً كالبلور

بسيطاً دون رتوش

يشبهنا كثيراً

أحلامه صغيرة

مثل رازقي الحدائق

يعانق عبق المساءات

عند تخوم المدن

المسورة بالممنوعات.

الولد الخنافس

الخفيف كريشة فاختة

والجميل كوجه القمر

مضى طويلا

باحثاً عن وطن في الذات

عن ذاته في الوطن.

لكنه ويا للخيبة

لم يحصد

سوى سراب الوهم.

الولد الخنافس

لم يعرف كارل ماركس

لم يقرأ فائض قيمته

ولم يجهد طويلاً

في رأس ماله

لكنه في كل مرة

يصير حزيناً

كافراً بالجوع والمهانة

عند عتبات مولات بغداد

ورأسمالية طحن الطبقات

حين يدخل كفيه في الجيب

وحين تخرجان

 فارغتين كما دخلتا

حين تتساوى في البطالة واللا جدوى

 صباحاته والمساءات

وحين يغطس في الكمد

باحثاً عن لقمة عيش

ضارباً أسداسه بالأخماس

منتظراً أن يأتي الفرج

وأن تحرك مخافة الله

رأفة قلوب

سماسرة السلطة والمال

الحيتان الوطنية جداً

اولئك الذين لغفونا

في برهة خائبة

وسط كذبة عدل الدولار.

الولد الخنافس

لا يفقه كثيراً في الجغرافيا

لكنه يعلم علم اليقين

أن خلف الحدود

هناك عبر البحار والمحيطات

شعوباً وقبائل وأوطاناً أخرى

 لا تشبه مدنه الرثة

ولا ساحاته المكتظة بالضجر

أوطان تتنفس النور

تتقن طرائق احترام الكلاب

وتسهر كي تسعد القطط.

الولد الخنافس

لم يكن مولعاً كثيراً

بكتب التاريخ والبلاغة

لكنه وللحقيقة

قد حفظ الكثير

من تفاصيل زهد علي

وفصول من نبل الحلاج

وطلاسم عدالة الغفاري

وظل على الدوام

مأسوراً بأمجاد أهل الصفا

وبسالة اجداده القرامطة.

الولد الخنافس

في وئد مضى مهيباً

وسط هدير الرصاص

مثخناً بالجراحات

زوادته علبة ماء

وصدر فولاذ

متأبطاً ارادة الوثوب.

ترى من أين أتى

بكل تلك الصراخ الهادرة

في تقاسيم الوجه

وغضب العينين ؟

وبكل ذاك الثبات

عبر قوة اليقين ؟

وبكل تلك الشجاعة

وهو يقتحم الموت

صوب حياة أخرى

حياة تليق بالبشر؟

 

ستوكهولم

الأربعاء 30 تشرين الأول 2019

عرض مقالات: