من يتابع الفنان مؤيد محسن يكتشف انه مغرم بركائز يؤكد عليها في اغلب أعماله الفنية منها ما يتخذ بعدا سياسيا، ومنها ما له صلة بحياتنا الاجتماعية. لكن هذا الفنان المسكون بالتمثيل السريالي استطاع أن يزاوج وبقدرة فنان متألق يعرف كيف يمسك بخيوطه الجمالية، وذلك عندما اوجد صلة قوية أصبحت فيما بعد من مميزات أسلوبه الفني وهي التزاوج بين الرؤية الأسطورية توظيفا، وذلك من خلال الرسم والرؤية الابتعادية للفن، تلك التي تعطيه صفة الوجودية وما يمتلكه من أحلام تتداخل في ذهنه وغيبياته وتسهم في إغناء اللوحة بتعبيرات مكانية وتترك أثرا في مفاصلها وصياغاتها.

حيث يرى المتابع لأعماله أنه عادة ما ينحاز إلى الشكل الفني، الذي يمكنه من إعادة الاعتبار إلى بنية المؤثر الوجودي الذي يعطي اللوحة زخما تعبيرياً ويترك الرموز تحجب ثيمة ما تؤول إليه بالنهاية من أبعاد، لكن حتى تلك الشفرات المتروكة في السطح التصويري تنبؤنا بأنه مسكون بهواجس ومواقف حساسة وهذا الأمر يجعلنا نؤكد أن الأسلوب الذي ينخرط فيه يظهر ميلا داخليا ليزاوج بين المرئي والمتخيل حسبما يبتغيه من العمل وفكرته وهو بذلك يجرنا إلى مناطق أبعاده الفكرية التي تتصاعد منها حمى الكشوفات الباطنية من جهة وإحاطته بالغيبيات التي تضمر الجوهر من جهة ثانية، مع المحافظة على احترام الهوية الذاتية، وتلاقحها أخلاقيا مع هويات العالم الأخرى، لأنه من المهم جدا أن تتأثر المعارف لصالح المثل الإنسانية.

كذلك زاوج بين الصورة الفوتوغرافية وما يضاف إليها من تعديل، له أهميته في تعيين الهوية للوحة وما يتضمنه من استعارات لأشكال التاريخ والتراث، فالتنوع والاختلاف في مضامين اللوحة يمثلها التشكيل المحلي والعربي والعالمي التي تثبت حضوره كمشتغل أو كمؤثر في الوسط الإنساني الفني، لذلك وجد لنفسه مكانا مميزاً بين أهم الفنانين في العراق .

أن أعمال الفنان عادة ما تخضع لمعايير أسلوبية وتعبيرية حيث أنه عادة ما يسعى من خلالها إلى محاولة تنشئة وخلق مخيلة تستحضر ذاكرة المشاهد وتأملاته، من خلال تقديم فنه كقضية قد تتخذ بعدا سياسيا مثل لوحة ( رامسفيلد ) التي كانت مثالا حيا للبعد السياسي الذي مثلته تفاصيلها، ولوحة (الكرسي المنشطر) الذي تعلوه بقع من الدماء، ومنها ما له صلة بحياتنا الاجتماعية كالحقائب وسكك الحديد أو قد تعكس العلاقة بين الرجل والمرأة التي تمثلها الأرض، فقد امتلك مؤيد محسن اتساعاً في الرؤية التكوينية التي تجرنا إلى مناطق الرؤية الفكرية الخالصة من دون أن يتداخل مع ابتكاره وتشكيلاته، من هنا يصعب على من يريد أن يتجول في ثنايا وبواطن أعماله أن ينجرف إلى خياله وعناصر رؤيته التعبيرية، ليقدم المزاوجة بين أفكاره والصورة التي تظهر الواقع وتخلق تزاوج بين خطوطه الفنية وفرشاته، ليتمكن من تحديد الهوية لعمله المنجز وما يحمله من استعارات لأشكال التاريخ والتراث. حيث أن ما تحمله لوحاته من اختلافات تستطيع أن تثبت حضورها وتأثيرها في الوسط الفني والوسط الإنساني المعرفي،

فقدم الواقع بطريقة سرياليه، وهي ما تمثلها الواقعية الرمزية التي تسعى لثبات وتأكيد هويته الفنية.

فأكتشف رغبة الإنسان الآخر حتى في صنع مناخات يغمرها التوظيف الذي يستطيع أن يتماس مع الجو البيئي وهو يعطي الأسلوب التعبيري الذي يحيط بمركزية العمل واستعاراته الصورية، فقد أستطاع خلق جو فكري وجمالي تظهره اللوحة وتعزز مظاهره بنية الشكل الفني مندفعة بأقصى حالاتها لتعزيز رؤيتها الجمالية، من خلال الثورة  التي قدمها بلوحاته أو نظرية الظل والضوء التي تحدد البعد والقرب الذي يرمز من خلالها أعماله التي تكاد أن تقدم نقداً لما يشهده العراق والعالم من حروب وأزمات.

 أن الفنان مؤيد محسن، أستطاع أن يسخر أدواته لصالح الفكرة التي يعمل عليها، فتقنيته المتناهية تعطي لمنجزه الإبداعي الكثير من الواقعية من خلال تصوير المكان والزمان، الذي يعطي الفنان المتمكن من أدواته صورة مذهلة للمتلقي بتعبيرها عما يريد وبصناعته للون الذي يكون علامة فارقة تدل عليه، مستخدماً ألوانه وفرشاته، ليظهر رموزاً واقعية يستخدمها للتعبير عن أحلامه للارتقاء بالأشكال الطبيعية إلى ما فوق الواقع المرئي، فيكون لدى محسن تعبيرات تخص ذاته وتفكيره الشخصي وأخلاقياته التي تظهره على وفق أفكاره الوجدانية.

يذكر أن الفنان مـؤيـد مـحـسـن من مواليد 1964، حائز على دبلوم رسم من معهد الفنون الجميلة – بغداد 1984، وعلى بكالوريوس فنون تشكيلية من جامعة بابل عام 1999، وماجستير رسم من جامعة بغداد عام 2011

عرض مقالات: