حاول السيد "م . ع ج" أن لا يحشر أنفه في تفاصيل الورقة التي عثر عليها في جيب بدلة قديمة، كان قد القاها في اعماق خزانة ملابسه ونسيها.. قرأها وقرر أن ينشرها على صفحته كما هي بلا اضافات أو تشذيب فظهرت هكذا....
14/4/2003 الاثنين
((تتساقط القنابل في كل مكان، ازيز الطائرات يملأ السماء، كنت الوذ في زاوية محصنة تحت سلم بناية مدعمة بالحديد و الاسمنت، وعلى مبعدة مني، عبر الفتحة المواربة قليلا، لباب كبير، لمحت تمثالا مذعورا بحجم انسان .......))
هذا إستهلال قصة جديدة بدأت كتابتها صباح هذا اليوم، أما الأخبار، فلم تكن سوى ان تكريت بيد الامريكان، سقطت كورقة مبللة، عكس الهالة التي كان يبثها الامريكان في وسائل الاعلام، انهم سوف يواجهون مقاومة حينما يدخلون هذه المدينة المثيرة للغط، مرت امامي نصف دزينة من الدبابات الامريكية حينما، قررت ان ازور بيت والدي، أسميه البيت الكبير، لم اصدق، كان عناقي مع أخوتي حارا، وأنا ادور معهم في زوايا واطراف البيت، نستطلع اثار الدمار الذي احدثته القنابل العنقودية التي القتها الطائرات على وحدات منتشرة في منطقة العبيدي، وصلت هذه القنابل محيط البيت الكبير وانتشرت قرب الشبابيك الكبيرة التي تهشم زجاجها، وحمدنا الله انهم لم يكونوا في البيت لا في تلك الليلة ولا غيرها، إذا امضوا أكثر من نصف شهر في ريف ديالى مع اصدقاء للعائلة. في أغرب حادثة سلب ونهب، حذر اطباء دائرة الصحة المركزي في ـ ساحة الاندلس ـ مستنجدين بالدبابتين الواقفتين أمام المستشفى، " أن السراق نهبوا حاويات معدة للفحص المجهري تحتوي على فايروسات امراض فتاكة،كانت موضوعة في برادات " الخطر يكمن في انها لو القيت في مصادر المياه، يمكن ان تسبب كارثة هائلة، أتمنى أن يلقي السراق هذه الحاويات في الشارع، لان مافيها سينتهي مفعوله بسرعة إذا تعرض للشمس والهواء ويمكن ان يزول الخطر، مابال ابناء جلدتي قساة الى هذا الحد؟ واين كانت تنام هذه الهمجية الموضوع يعني طاقم الدبابات الامريكية المرابطة امام المستشفى؟ حينما تكلم معهم الاطباء بلغتهم، لكنهم اكتفوا بهز رؤوسهم، ترى هل هذا هو الوطن ؟! ان في اعماقي شك كبير ان مايجري مجرد حلم او كابوس سرعان ماينتهي ! حتى ان أخبار الطوفان الامريكي في الوطن ، يمكن ان يكون وهماً او كابوس، المثير في الامر، حدثني أخي عن مصلح الأنابيب (علي بوري) هكذا نسميه، رجل طويل نحيف، شكله يثير الضحك ، دخل مع الداخلين الى أحد قصور رئيسنا الهارب، ترك الجميع ينهب ويكسر ويبحث، بقي جالسا امام صورة عملاقة للرئيس وهو يضحك، وبجانب الصورة صور اخرى لعائلة الرئيس، وبجانب الصورة كانت هناك خزائن كبيرة للملابس، لم يجد في تلك الخزائن الا معطف اسود طويل، ارتداه علي بوري وجلس امام الصورة وهو يمسك بيده خشبه صغيرة .. وبدأ بحديث مع الرئيس .." اين انت الان ؟ وفي اي مكان تختبىء ؟" كان المسكين على بوري يمسح القبوط بيده مقتربا من ذلك البذخ الخرافي الذي كان يعيشه صاحب المعطف .. واصل حديثه الصاخب مع الصورة التي بدأ يهزها ولم يستطع ان يسيطر على انفعالاته فاسقطها، احدث سقوطها دوياً هائلا أرعب كل السراق، سقطت الصورة وتهشم زجاجها، داسها بقدمه، ونهض دون ان ينزع المعطف، خرج من القصر متجها الى بيته مكتفيا بالمعطف كتذكار كما اخبر اخي ...
اما اكثر الاخبار مرارة، كانت تتمثل في إحراق ونهب المكتبة الوطنية، وكذلك المتحف الوطني، ولااعلم .. مالسبب في ذلك .. لكن شقيقي الصغير اجاب على تساؤلي .... انها من أجل احراق واتلاف الذاكرة العراقية !.