أجرت "طريق الشعب" حوارات ضافية مع الرفيق حميد مجيد موسى السكرتير السابق للجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، حول قضية تحالفات الحزب ننشر في أدناه الجزء الثالث من خلاصة ما طرحه الرفيق أبو داود في شأن الموضوع.

العلاقة مع القوى المعارضة للنظام الدكتاتوري

بعد انتقال الحزب الى المعارضة المكشوفة، واستخلاصه تجربة التحالف مع سلطة البعث، واستجابة لمتطلبات الواقع الجديد والتغيرات الكبيرة التي طرأت على المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي في العراق، باشر الحزب وهو يشعر بعظم الكارثة التي حلت بالعراق، وعمق الازمة التي يعيشها شعبنا، وفداحة الخسائر التي تلحق بمصالح البلد وحقوق الانسان العراقي، جراء نهج الدكتاتورية الفاشية وعنفها المنفلت وقمعها الدموي وحروبها الاجرامية الداخلية والخارجية؛ باشر الحزب بالاتصال بكل القوى التي أعلنت معارضتها للنظام، وذلك بهدف تجميعها في جبهة وطنية ديمقراطية على اساس برنامج يمثل المشتركات التي من شأنها انقاذ وطننا وتخليص شعبنا من المحنة التي يعيشها على يد دكتاتورية صدام حسين الاجرامية واجهزته الامنية المخابراتية المتنوعة وحاشيته المنفلتة.
فانطلقت المشاورات، التي كان قد اتخذ بعضها جانبا محدوداً، والبعض الأخر أتخذ طابعاً واسعاً متعدد الأطراف. وكات الحزب بدءاً يعمل على تعزيز علاقاته الثنائية بالأطراف السياسية في المعارضة، ثم في مراحل متقدمة وبعد ان استقر النهج السياسي للحزب على المعارضة الشاملة للنظام، انفتحت الاتصالات مع الكثير من القوى السياسية العراقية، فتأسست الجبهة الوطنية والقومية التقدمية (جوقد)، في دمشق في عام 1980، والتي ضمت إلى جانب الحزب الشيوعي العراقي، كلاً من الاتحاد الوطني الكردستاني، حزب البعث المحسوب على سوريا ، الحزب الاشتراكي في العراق، الحزب الاشتراكي الكردستاني والتجمع الديمقراطي العراقي. وقد رفض الاتحاد الوطني الكردستاني والبعث المعارض ضم الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى الجبهة، ما دفع الحزب الشيوعي والحزب الاشتراكي الكردستاني إلى تشكيل الجبهة الوطنية الديمقراطية (جود) مع الحزب الديمقراطي الكردستاني. وكان لهذا التحالف اثره على تحالف (جوقد).
كان تحالفي (جوقد) و(جود)، عبارة عن تحالفات ميدانية على ارض الصراع المسلح ضد نظام صدام واجهزته العسكرية والأمنية. لكن للأسف لم يرتق دور ومستوى التحالف في هاذين التشكيلين الى مستوى تحالف وطني شامل.
وكان الحزب الشيوعي العراقي يهتدي بتجاربه التحالفية السابقة، ويسعى في كل منها الى التمسك باستقلاليته السياسية والفكرية والتنظيمية.
ثم توفرت الاجواء والظروف التي انتعشت فيها آمال العراقيين في التصدي للنظام الدكتاتوري، فتشكلت لجنة العمل المشترك، التي كانت عبارة عن تحالف سياسي قائم على اساس برنامج سياسي، انبثقت عنه امانة، تمثل فيها الحزب الشيوعي ممثلا للتيار الديمقراطي، وحزب البعث العربي الاشتراكي-تنظيم سوريا ممثلاً للقوى القومية، وحزب الدعوة والمجلس الاسلامي ممثلين للتيارات الاسلامية والحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني ممثلين للقوى القومية الكردستانية . فباشر هذا التحالف نشاطه واقام علاقات واسعة وتصدى لمناصرة انتفاضة شعبنا المجيدة في آذار عام 1991.
ولكن للاسف مع انتكاسة الانتفاضة والمآل المأساوي الذي شهدته، انفرط عقد لجنة العمل المشترك، ليحل محله او ليقوم مقامه تحالف جديد لم ينشأ بصورة طبيعية، وانما نتيجة لاجتهادات لم تكن مقبولة في البداية، فرضت نفسها وأثرت لاحقاً على استمرارية وفاعلية هذا التحالف، الا وهو ظهور نواتات تشكيل المؤتمر الوطني العراقي، الذي عقد اولى جلساته في فيينا، ومن ثم عقد أخرى في صلاح الدين بمدينة أربيل، ليتم إعلان تشكيل "المؤتمر الوطني العراقي الموحد" الذي شكلت قيادته على اساس مزيج بين تمثيل طائفي -قومي -سياسي.
كانت هذه الخطوة بمثابة المرحلة الانتقالية نحو المحاصصة الطائفية والاثنية. وساهم هذا المؤتمر بتجميع قواه ولكن لم يتمكن من التخلص من بعض الالتزامات والارتباطات الخارجية التي اثرت على فاعليته، مما استدعى اتخاذ المؤتمر الوطني الخامس للحزب الشيوعي العراقي عام 1993، قراراً بتجميد عضوية الحزب في امانة المؤتمر الوطني الموحد، والانسحاب منه لاحقاً. ونحن في هذا القرار أكدنا ان الحزب الشيوعي العراقي لا يستطيع المضي في تحالف يخرج عن ثوابته واستقلاليته السياسية والفكرية والتنظيمية.
وسعينا الى ابقاء علاقاتنا الثنائية مع القوى الأخرى، لإنجاز بعض المهمات التي تواجه الحركة الوطنية العراقية. وقد رفضنا قطعاً المشاركة في مؤتمر لندن عام 2002، لاختلافنا في الموقف حول دور العامل الخارجي في تغيير الوضع في العراق واسقاط الدكتاتورية، فنحن كنا متمسكين بالاعتماد اساساً على القوى الداخلية في احداث التغيير من دون الاهمال او التفريط بضرورة الدعم الخارجي على اساس ميثاق الامم المتحدة والمشروعية الدولية القانونية، في حين استسهلت بعض قوى المعارضة آنذاك القبول بالتدخل الخارجي المكشوف، وهو ما تطور لاحقاً الى غزو العراق في العام 2003.

ما بعد عام 2003

في بداية 2003، وبعد سقوط النظام ومجيء سلطة الاحتلال، ظهرت الحاجة مجدداً إلى توحيد القوى الوطنية العراقية للتعامل مع الوقائع الجديدة، حيث الحاجة إلى التصدي للاستحقاقات الوطنية الكبيرة، ومنها استعادة استقلال وسيادة العراق، ووضع البلد على طريق التطور السلمي الديمقراطي، واصلاح واعمار ما خربته الحروب.. كان هذا ما دفعنا الى التفكير بتجديد الحوار لبناء تحالفات وطنية.
كانت هناك هيئة تحالفية بين القوى العراقية، سميت بـ"الهيئة القيادية الخماسية"، التي انبثقت عن مؤتمر لندن عام 2002، وبدلاً من ان تأخذ هذه الهيئة المبادرة إلى توسيع صفوفها وبالاعتماد على القوى الوطنية الأخرى التي ساهمت في معارضة النظام السابق، مارس بعض أعضاء هذه الهيئة، للأسف، احتكاراً رغبة في التفرد في ادارة السلطة، الامر الذي وضعهم في تناقض مع الواقع الجديد الذي يعيشه البلد.
فهم في تشكيلتهم لم يكونوا قادرين على استيعاب التنوع والتعدد الموجود على الساحة السياسية العراقية. وقد بذلت جهود لتوسعة هذه الحلقة الضيقة من القوى السياسية، ولم تثمر الا توسعاً محدوداً، حيث أضيفت قوتان أخريان، وبقي العيب الاساسي ماثلاً.
وحينما طالت المفاوضات بسبب تردد البعض في الانفتاح على غيره من الاحزاب والقوى، وكنا نحن طرفاً في المفاوضات التي يجريها ممثلاً عن مجموعة القوى السبعة الرئيس الراحل جلال الطالباني مع الحزب الشيوعي العراقي والحزب الاسلامي وحركة الديمقراطيين العراقيين (عدنان الباججي) والحركة الاشتراكية العربية (عبد الاله النصراوي)؛ حينما طالت المفاوضات ضاق الامريكان ذرعاً ببطء العملية وبتردد المتزعمين للهيئة القيادية، فذهبوا الى مجلس الامن واستحصلوا قرارهم المرقم (1483) بتشريع سلطة الاحتلال، وتشكيل هيئة استشارية عراقية الى جانب تسليم السلطة الى حاكم مدني يمثل قوى الاحتلال. هنا تغيرت ملامح واتجاهات التحالفات، وأصبحنا امام سؤال مهم، ألا وهو كيف يشكل مجلس الحكم؟
وجرت حوارات واسعة ساهم في انضاجها ليس فقط الاطراف المعنية في الهيئة القيادية، وإنما ساهمت الامم المتحدة بشخص ممثلها الشهيد سيرجيو فييرا دي ميلو، وأيضا سلطة الاحتلال الممثلة بالحاكم المدني. وعقدت اجتماعات من اجل تشكيل مجلس الحكم.
هنا اريد ان أسجل الحقيقة التالية: هي أننا كنا نخوض نقاشاً مع القوى الوطنية الأخرى، بأن البديل الصحيح هو عقد مؤتمر وطني واسع لكل الاطراف العراقية ذات الحضور الفاعل في الساحة السياسية، وان يتكلل جهد هذا المؤتمر بتشكيل حكومة وطنية تدير زمام السلطة وتخرج بالعراق إلى وضع جديد بعيداً عن الاحتلال، بعيداً عن التخلف، بعيداً عن كل منتجات الدكتاتورية والأوضاع المأساوية التي عشناها.
نعم، كان علينا ان نبذل الجهد من اجل اقناع بقية الأطراف بأهمية المؤتمر الوطني، ولكن يبدو ان قرار مجلس الامن الذي صدر في حينها، قد قطع علينا وعلى القوى الاخرى طريق مواصلة العمل على عقد المؤتمر، بل ان بعض القوى العراقية قد استمرأت فكرة تشكيل كيان عراقي ليس مجلساً تشاورياً او هيئة تشاورية كما جاء في حيثيات او في نصوص القرار الدولي، وإنما مؤسسة سياسية ذات صلاحيات ودور اكبر مما نص عليه قرار مجلس الامن.-

دروس وخلاصات

تتيح تجربة الحزب الشيوعي العراقي، والأحزاب الشقيقة الأخرى، في ميدان التحالفات، بلورة العديد من الخلاصات من بينها:
- نتحالف من منطلق القناعة. لهذا ينبغي ان ننطلق من الثقة بالنفس ومن المعرفة بأن التحالفات التي تقام ليست عبئا على الحزب، ولا هي مفروضة عليه. فنحن نتحالف من منطلق القناعة والثقة بالنفس وعلى أساس مصلحة البلد وضرورة تقدمه. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، نحن لا نتحالف لتلبية مطامح حزبية ضيقة ، لزيادة مقاعدنا او خوفا من ان تقل حصتنا في البرلمان. وإذا كنا حريصين على الاستفادة من الخلاصة التي توصل اليها الحزب، كل الحزب، في تحليله تجربة الانتخابات السابقة وما اتخذه من قرارات في المؤتمر الوطني العاشر (أوائل كانون الأول 2016)، فلابد ان نبحث عمن يقترب منا ويتوافق معنا في تنفيذ مشروعنا ؛ هذه هي كل الاعتبارات التي اخذناها لإقامة تحالف من شأنه ان يوصلنا الى محطة نحن كحزب نعتقد ان مصير البلد يعتمد عليها. يبقى في آخر المطاف ان أي تحالف لا يمكن ان يلغي الاستقلال الفكري والسياسي والتنظيمي للحزب. ولا يمكن ان يلغي حرية الحزب في التحرك والتصرف، ولا يمنع الحزب في حالة انجاز البرنامج المتفق عليه او تخلي أحد اطراف البرنامج عن الالتزام به، لا يمنعنا من الانسحاب من هذا التحالف. هذه المبادئ التي نعتمدها ونسعى لأن تكون واضحة للجميع.
- في حال عقد التحالف ولكي يكون ناجحا، لا بد من وضوح الأهداف لمعرفة كيفية التصرف والتقدم والتراجع. فالبرنامج الواضح والأهداف المحددة مهمة جدا لئلا تختلط المهمات.
- والتحالف في مثل هذه الحالة يجب أن لا يكون فوقيا هشا، أو مجرد تحالف بين قيادات ولا ينسحب الى الجماهير، لأنه في هذه الحالة سوف يتبخر وينتكس لأنه لم ينشأ من القاعدة فهي التي تمنحه الروح والحركة والفعالية لإنجاز أهدافه.
- المتابعة الرصينة والفحص المتواصل للتحالف وخطواته البرنامجية كونه عملية متكاملة وليس مجرد إجراءات أو إجراء واحد و لمرة واحدة. ولكي يتواصل التحالف وينجز مشروعه لابد أن يكون في الموقع الأمين. ولمنع تعثره لا بد من وضعه تحت نظر المتابعة التي تجنبنا الشطط والخطأ في الوقت المناسب.
- من جانب آخر، فإن التحالف، واضافة للثبات في الرؤية، يتطلب المرونة. والتحالف الذي نقصده في تجربتنا العراقية تحالف مرحلة يمكن تسميتها بالمرحلة الوطنية الديمقراطية مع مفرداتها الملموسة، للتخلص من نهج المحاصصة والفساد وغيره، ولإعادة بناء المنظومة السياسية. وهي الحدود التي تشمل المرحلة بعموميتها ومن ضمنها الجزئيات. إذن لا بد من المرونة التكتيكية وتجنب الانزعاج السريع والتطير عند حدوث بعض العوائق او التمترس من طرف البعض، فالتحالف مع الآخر يفرض عليك الإقرار بأن الآخر المؤتلف معك يختلف في أمور كثيرة عنك وهذا حق لكلا الطرفين في التحالف، ويجب معرفة ممارسات الآخر وتوجهاته. التحالف يحتاج الى هذه المرونة التكتيكية لاستيعاب التباينات والاختلافات ولإيجاد حلول تديم بقاء الهدف الاستراتيجي، عبر الحوار المتواصل.
- التحالفات إذن ليست ذوبانا أو اندماجا في الآخر، بل بالعكس هي احتفاظ كل طرف بكيانه الخاص مع احترام المشتركات واحترام الاستقلال الفكري والسياسي والتنظيمي دون ضياع البوصلة. وحين تخرق الاستقلالية لا يبقى التحالف تحالفا ومن المهم دائماً تذكر القاعدة التي تقول بضرورة القدرة على ادارة التحالف بما لا يسيء لهويته، والانسحاب حينما يتطلب الأمر ذلك في الوقت المناسب.
- نحن نتحالف من اجل تحقيق اهداف محددة، ومن موقع ان الكل يعرف ميزان القوى، وهذا يتيح فرصة المناورة للحزب وتجنبه فرض اشتراطات تتعارض مع أهدافه وفهمه لهذه القضايا.
- لقد أقمنا تحالفا، وحينما نتحالف فإنه من البديهيات ان نتعامل مع القوى كما هي. فهؤلاء يمثلون مصالح طبقية أخرى، والتحالف نقطة التقاء على قضية (او قضايا) مشتركة، ومن المضر الدخول في نقاشات عقيمة تضر بجهد الحزب. ومن المفيد ان نذكر بأن تحالفنا تحالف انتخابي لتحقيق اهداف محددة وقضايا مشتركة.
- الإقرار باختلاف مرجعيات القوى المؤتلفة، ولكن هذا لن يمنعنا من التباين والنقد، فنحن نعرف الجميع ونعرف أنفسنا ونثق بقدراتنا. والحياة تملي على الحزب التعامل مع القوى المختلفة. إن التحالف مع القوى الأخرى لا يمكن أن يلغي الوجه الآخر للتحالف، أي الكفاح، ضد الأفكار والمفاهيم الاجتماعية والتوجهات السياسية التي تعرقل تطوير هذا التحالف، وان لا يخضع هذا الكفاح لموضوعة التضامن فقط، بل يجب الربط ديالكتيكيا بين النضال والتضامن.
- ضرورة تجنب المقاربات غير التاريخية للتجارب، لأن كل تجربة مشروطة بظروفها التاريخية وبميزان القوى السائد في تلك الفترة. وفي كل الأحوال لا يمكن ولا يجوز استنساخ التجارب، فلكل شيء ظروفه وموازينه. فمثال في تجربة التحالف مع البعث، لم نرض بتثبيت قيادة حزب البعث للجبهة الوطنية، ولكن في تلك الظروف ولكونهم القوة الحاكمة لمفاصل الدولة، تم الاتفاق على كونهم حزبا يقود الدولة. ولكن الحزب لم يتنازل لهم في موضوع القيادة السياسية.
- وما جاء في أعلاه يرتبط بإشكالية أخرى هي الضمانات في التحالف، وكيف نفهمها؟ لا ضمانات مطلقة في التحالفات كما هي في السياسة عموما، ولكن هناك عناصر مهمة ينبغي اخذها بالاعتبار ومن بينها: الثقة بالنفس، ووضوح الرؤية، والمتابعة الموضوعية والدقيقة، بعيدا عن المزاجية والتطيّر، والنظر الى التحالف باعتباره معركة فكرية بامتياز وليس تسكينا للصراع بذريعة الحفاظ على التحالف.
- المتحالفون متساوون ومتكافئون في الحقوق والواجبات. الحزب في سياسته العملية ينظر الى توازن القوى، ويحسب، إمكانيات كل طرف دون التجاوز على حقوقه، لأن ذلك ربما يؤدي الى انهيارات غير محسوبة. ومن الضروري ان يفهم الائتلاف او التحالف بشكله الصحيح اي انه لا ينفي المنافسة السليمة وفق قواعد الديمقراطية الحقة. بعبارة أخرى: ان الائتلاف لا ينفي النشاط الخاص لكل طرف من اطراف التحالف.
- لا ينبغي ان يكون التحالف – بأي حال من الأحوال – مدعاة للاسترخاء والكسل او التردد في ابداع اشكال كثيرة من النشاط تتسم بالحماسة من الصلة بالجماهير. فنحن حينما نتحالف نكون صادقين في تحالفنا. ونعمل كأننا ننشط لأنفسنا. فإذا تحقق نجاح للتحالف فهو نجاح لنا، فضلا عن اننا نعتبر كل مناسبة انتخابية وكل فعالية سياسية كبرى ميدانا لتعزيز صلات الحزب بالجماهير، وهنا، أيضا، تكمن مصلحة الحزب الخاصة من التحالف، وهذا امر لا ننكره، فهو ميدان لاختبار قدرة منظمات الحزب وتحفيزها وتشجيعها على نفض غبار الرتابة والروتين عن نشاطها، وهو أيضا فرصة لاختبار الكادر الحزبي ومواهبه وإمكاناته ولتدريب اعضاء الحزب على النشاط السياسي الواسع العلني، الجماهيري.
خلاصة القول، ان الحاضر، بسماته الأساسية التي تدمغه بالفشل والعجز، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا يجد جذره وسببه الأساس في منظومة الطائفية السياسية والمحاصصة الطائفية – الأثنية. ان هذه المنظومة هي التي انتهكت الدستور وشوهت الديمقراطية ورعت الفساد وحمت المفسدين. انها التي حفزت التطرف والإرهاب، وساهمت في زعزعة الوحدة الوطنية، وشجعت التشرذم وإثارة النعرات والفتن، وعرقلت التنمية والبناء والاستفادة من الكفاءات الوطنية، ووفرت السبب للتدخلات الاجنبية الدولية- الإقليمية في شؤون بلدنا الداخلية. كما انها أسست الارضية المناسبة لسوء الإدارة، وهي التي مارست بالفعل انتهاك مواد وروح الدستور ونشر الممارسات الانتقائية والتحايل والتفسيرات المنحازة لفقراته.
وأختتم الحديث بالتأكيد على أن الحاجة ملحة الآن الى بديل اخر، يمثل نفيا لنظام المحاصصات، والى اشكال ملموسة للتحالفات تحول البديل الجديد الى واقع