أمس، الخامس من أيار، مرت الذكرى الـ (200) لميلاد ماركس، وهي مناسبة فريدة يتواصل الاحتفال بها في سائر أنحاء العالم، وعلى نحو يليق بهذا المفكر العبقري والقائد الثوري اللامع، الذي أعادته أزمات الرأسمالية العميقة الى الواجهة، وجعلت استفتاء (بي بي سي) يمنحه لقب (فيلسوف الألفية الثانية).  

اليوم، وفي القادم من الأيام، نحتفي بماركس، الذي علمنا أن ليس لدينا ما نخسره سوى أغلالنا لنكسب عالماً بأسره!

اليوم نعود، مفعمين بالأمل، الى الينابيع، لترشدنا السبيل، عبر المنهج المتجدد،

الى غد البشرية الوضاء.

أما أولئك "المعاصرون" الذين يتحدثون عن "موت" ماركس، فنعلم أن لديهم الكثير من الأسلاف، وسيكون لديهم الكثير من الأحفاد. ويكفينا أن نحيلهم الى ما يعترف به خصوم ماركس الذين يتحدثون عن "عودته".. الى (النيويوركر) التي وصفت ماركس في أكتوبر 1997 بأنه "المفكر الأعظم المقبل"، و(الفايننشيال تايمز) التي ذكّرت بتحليل ماركس العميق للرأسمالية ورسمه طريق الخروج من أزماتها، مشيرة الى أنه وصف الاقتصاد العالمي في (البيان الشيوعي) على نحو أكثر شبهاً باقتصاد عصرنا منه باقتصاد عام 1848.

والماركسية، في الجوهر، نظرية لنقد الرأسمالية، ومنهجية ضد تأبيد الواقع والثقافة السائدة، وهو التأبيد الذي يستخدمه الخصوم للحفاظ على امتيازاتهم، ومن هنا الأهمية الفائقة لموضوعة ماركس حول أن الفلاسفة فسروا العالم بينما المهمة تكمن في تغييره.

والماركسية، النظرية العلمية التي توفر أداة لتحليل الواقع الاجتماعي والصراع الطبقي وترسم آفاق التغيير، هي سلاح نظري بيد الطبقة العاملة وسائر المستغَلّين، ودليل عمل يدعو الى الكفاح الثوري من أجل الاطاحة بعالم رأس المال، عالم الظلم والاضطهاد.

وعلى الرغم من التباينات في تقييم الماركسية والتجارب التي اعتمدتها، ومآل هذه التجارب، فان الباحثين الماركسيين يتفقون على أنها ظلت التحليل الأشمل للتاريخ والواقع ومصائر الرأسمالية ونتائج الصراع الطبقي.

وفي التحليل علينا أن نتمسك بمنهج ماركس نفسه، أي النظر الى الظواهر في حركتها لا في سكونها. ويتعين أن نتذكر هنا حديث انجلز، عميق الدلالة، عن الأشياء التي تشيخ في الحياة، وضرورة التجديد ومواكبة التطور.

يتعين علينا أن نقرأ ماركس، ونعيد قراءته.. أن نتأمل في راهنية الماركسية، وأن نجيب على سؤال: لماذا كان ماركس على حق!

الماركسية لم تمت.. إنها تولد من جديد.. وسيظل ماركس معاصرنا!

عرض مقالات: