ضيّف "تجمع شارع المتنبي" الثقافي بالتعاون مع هيئة الآثار والتراث في وزارة الثقافة، الجمعة الماضية، الخبير الآثاري د. عباس عبد منديل، الذي قدم محاضرة بعنوان "حماية الآثار العراقية في ظل التشريعات القانونية ومؤسسات الحكومة"، بحضور عدد من الناشطين المدنيين والإعلاميين والمهتمين في الشأن الآثاري.

افتتح د. منديل المحاضرة التي احتضنتها قاعة المكتبة في مبنى المركز الثقافي البغدادي بشارع المتنبي، معرفا بأنواع الآثار التي يضمها العراق، والتي تكون على نوعين: مادية وفكرية.

وتابع قائلا أن الآثار المادية تنقسم إلى منقولة يتم نقلها من موقعها الأصلي إلى مكان آخر، كالمتاحف، وآثار غير منقولة ولا يمكن نقلها، مثل الأبنية والمدن التي يجب حمايتها موقعيا، مستعرضا سبل حماية المواقع الأثرية وأساليبها.

وأوضح المحاضر ان الآثار العراقية كانت قد تعرضت منذ قرون عدة، إلى التجاوزات، من خلال الرحالة المستكشفين الذين قاموا بتسويق اللقى الأثرية ونقلها بين الدول، مضيفا انه بعد الرحالة جاء الهواة، وهم في العادة أشخاص غير اختصاصيين يقومون بجمع الآثار وتداولها في الأسواق المتخصصة الموجودة في دول العالم، وان هذه التجارة راجت في الفترة بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.

وعرج د. منديل في حديثه على الأسباب التي تدعو إلى الاهتمام بالآثار، وعلى دور السلطات المحلية والحكومات المركزية في الحفاظ على الآثار وحمايتها.

وفي سياق المحاضرة قدم الروائي صادق الجمل مداخلة طرح فيها تساؤلا حول سبل حماية المباني التراثية من أعمال الإزالة والتهديم، التي حصلت خلال السنوات الأخيرة في بغداد، ولا تزال تحصل. وقد أجابه المحاضر مستعرضا نص فقرة قانونية في القانون العراقي النافذ رقم 55 لسنة 2002 الخاص بحماية الآثار، مفادها ان المباني التي يتجاوز عمرها الـ150 سنة تتحول من تراثية إلى آثارية. كما ذكر فقرة أخرى في القانون تتيح للدولة تحديد المباني التي تراها تدخل ضمن الآثار، والتي يجب أن تحمل سمات وطرزا معمارية فريدة، ما يعني ان للحكومة صلاحية في إيقاف عمليات الهدم والإزالة ومنعها، في حال توافرت تلك السمات والطرز في المبنى.

هذا وتطرق المحاضر إلى الاتفاقيات الثنائية المشتركة بين دول الجوار والدول الإقليمية والدول التي ترتبط بمصالح مشتركة، والتي تعتبر الآثار العالمية ارثا انسانيا مشتركا، يجب الحفاظ عليه. فيما تناول مواد قانونية تعنى بحماية المواقع الأثرية خلال النزاعات المسلحة، وسلط الضوء على قانون لاهاي الصادر عام 1954، والخاص بالنزاعات المسلحة، مشيرا إلى انه يتضمن بروتوكولا مهما يمنع أي جهة تحاول ضرب الآثار خلال الحروب.

واختتم د. منديل محاضرته لافتا إلى ان العراق يقع ضمن حماية "الدرع الأزرق"، الذي يجب أن يتم رفعه على الأبنية الثقافية والأثرية خلال فترات الحروب، ليكون إشارة دلالية للطيار تحذره من قصف المكان.