عبد الواحد الورد
ضيّف نادي الكتاب في محافظة كربلاء، أخيرا، الكاتب عبد الهادي البابي، الذي قدم محاضرة بعنوان "سياسة النأي بالنفس" بحضور جمع من المثقفين والأدباء والأكاديميين والمهتمين في الشأن السياسي.
أدار المحاضرة الباحث خليل الشافعي، الذي قدم نبذة تعريفية عن الضيف وموضوع محاضرته، مشيرا إلى ان سياسة النأي بالنفس ترتبط بالعلاقات الدولية وتتمثل في الحياد، وانها "تعني الاعتكاف على الذات الوطنية. وهي طريقة ليست جديدة في السياسة الدولية. إذ اتبعتها الصين في سياستها، ونأت بنفسها عن مشكلات العالم واتجهت لبناء اقتصادها".
وأوضح الشافعي ان سياسة الاعتكاف تعد سياسة بناء وإعمار، وان الدولة التي تتبعها تتجه نحو دعم اقتصادها، ولا تدخل في تحالفات دولية، لافتا إلى ان تطبيق هذه السياسة ليس سهلا، كون مقوماتها ترتبط بعوامل ذاتية وموضوعية، وبمحاور اجتماعية ودينية وقومية لا تحدها جغرافية معينة.
الكاتب البابي، وفي معرض حديثه، أشار إلى ان سياسة النأي بالنفس تعني موقفا غير تدخلي، وتعني ايضا عدم الميل الى اي طرف من اطراف النزاع والخصومة، ما تعد نهجا سياسيا، مضيفا ان هذه السياسة تمثل التزاما تتخذه الدولة بعدم التدخل في الشؤون السياسية للدول الأخرى، وان للحياد السياسي نوعين: مؤقت ودائم "فالمؤقت يعني الاحتفاظ بالعلاقات مع كلا الطرفين المتنازعين. اما الدائم فيعني ان هذه الدولة تنأى بنفسها عن الدخول في اي صراع دولي مستقبلا. وهذا يحتاج الى اتفاقيات ومعاهدات واعتراف دولي بضمان عدم الاعتداء".
وذكر الضيف ان هناك نماذج للعديد من الدول المحايدة، مثل سويسرا التي تلتزم بسياسة الحياد منذ العام 1815، والسويد التي تتبع هذا الأسلوب في سياستها منذ العام 1814.
فيما تحدث عن صفة اللا حياد، وأشار إلى انها تشمل من بين ما تشمله، موضوع كتابة التاريخ، وانحياز كل طرف إلى طرفه في هذا الموضوع.
ثم استعاد قصصا لوقائع تاريخية عربية وأجنبية تعتبر أمثلة لسياسة الحياد، من بينها ما تشير إلى الحياد الذي التزمه الحارث بن عباد البكري اثناء وقوع "حرب البسوس" بين قبيلته "بكر" وقبيلة "تغلب". فيما نوه بحياد أمريكا في بداية الحرب العالمية الثانية، ومن ثم انحيازها لدول التحالف الغربي ضد دول المحور بعد تواصل الحرب.
ومن بين الدول العربية المحايدة التي ذكرها البابي، هي عمان، مبينا انها لم تتدخل في الحرب الأخيرة الدائرة في اليمن بين الحوثيين والسعودية، وبادرت فقط إلى التحرك الدبلوماسي والتوسط بين الطرفين لفض النزاع.
وسلط المحاضر الضوء على إمكانية تطبيق سياسة النأي بالنفس في العراق، مشيرا إلى انه من الصعب تطبيقها، كون العراق لا يمتلك حيادا جغرافيا، وهو يقع بين دول كبرى، الأمر الذي جعله في وضع حساس.
وتابع قائلا ان من بين أسباب الظرف الصعب الذي يعيشه العراق اليوم، هو عدم استطاعته تطبيق سياسة الحياد، يضاف إلى عدم امتلاكه رؤية واضحة على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية.
وشهدت المحاضرة مداخلات قدمها العديد من الحاضرين، وعقب عليها الكاتب عبد الهادي البابي بصورة ضافية.