طه رشيد
في مناسبة الذكرى الـ 60 لثورة 14 تموز 1958، عقد الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، ظهيرة السبت الماضي، ندوة جماهيرية ضيّف فيها شاهدين على وقائع الثورة، هما عضو مجلس محافظة كربلاء السابق المحامي كامل المسعودي، والمهندس مناضل فاضل عباس المهداوي، نجل العقيد الشهيد فاضل المهداوي رئيس "محكمة الشعب".

الندوة التي احتضنتها قاعة الجواهري في مقر الاتحاد، حضرها جمع من المثقفين والأدباء والناشطين المدنيين والإعلاميين والمهتمين بالشأن السياسي. فيما أدارها الأديب حسين الجاف، الذي رحب بالحاضرين وذكر ان الضيفين يحملان شجونا وذكريات عن ثورة 14 تموز "التي هزت العالم لتقدم نموذجا رائعا للنزاهة والبناء وضمان حقوق الشعب بكل اطيافه وشرائحه".
وكان أول المتحدثين في الندوة، المحامي المسعودي، الذي استهل حديثه بقراءة ملامح السلطة قبل انطلاق الثورة، مشيرا إلى انه من الضروري استقراء ملامح الدولة العراقية قبل ثورة تموز، ومعرفة طبيعة القوى القابضة على السلطة، التي كانت انعكاسا للحالة الاجتماعية والطبقية لبنية المجتمع العراقي.
وتابع قائلا ان "السلطات المتعاقبة في ظل الاحتلال والاستعمار الانكليزي كانت ذات طبيعة شكلية للديمقراطية. وكان يتولى السلطة من يدور في فلك الاستعمار، وينفذ أجندته في الاستحواذ على الثروات الطبيعية وإبقاء البلاد على حالها. فالتشكيلات الادارية كانت تقوم على المحسوبية وحكم العائلات المتنفذة في المدينة والريف".
وفي معرض حديثه عن واقع المجتمع العراقي، وتحديدا الواقع الذي عاشه ولمسه في قرى وأرياف كربلاء، فقد أشار المسعودي إلى انه "عندما ننظر الى واقع المجتمع العراقي في ذلك الحين، نجد ان مشكلات الامية والتخلف والفقر والمرض كانت تعم البلاد قبل الثورة، ولم يكن هناك من يتمتع بالعيش الرغيد سوى طبقة محدودة. فيما بقية الفئات الاجتماعية كانت تعاني الحرمان وشظف العيش والتخلف في جميع مجالات الحياة".
واكمل حديثه مقارنا بين ذلك الواقع السيئ الذي كان يعيشه المواطن، وبالاخص الفلاح، وبين الواقع الجديد بعد ثورة تموز، التي غيرت حياة المواطن بشكل جذري. وبهذا الصدد يرفض المسعودي إطلاق صفة "الانقلاب" على ثورة 1958.
بعد ذلك استأنف المهندس مناضل المهداوي الذي ولد قبل الثورة بعشر سنوات، موضوع الندوة، مبتدئا حديثه بتسليط الضوء على بعض ذكرياته عن والده، الذي هو ابن خالة الزعيم عبد الكريم قاسم.
وقد أثار حديث المهداوي الكثير من الشجون، خاصة بعد أن أكد النية الصافية والصادقة للزعيم عبد الكريم قاسم في خدمة البلد والشعب، وأشار إلى ثقته المطلقة بمن حوله من عسكريين، وكيف ان هذا الأمر تسبب في حصول تقاطع بين الزعيم والعقيد المهداوي، قبل عام ونصف العام على انقلاب 8 شباط الدموي 1963.
وتابع قائلا ان والده كان يشك بولاء عدد كبير من أولئك العسكريين للثورة، إلا ان هذا الأمر لم يمنعه من الالتحاق بوزارة الدفاع حال سماعه خبر الانقلاب "المشؤوم"، ليستشهد مع الزعيم وكوكبة من الضباط الوطنيين الذين دافعوا عن الثورة.
هذا وشهدت الندوة مداخلات شارك فيها العديد من الحاضرين، الذين أضاءوا جوانب عدة من أحداث ثورة 14 تموز ومنجزاتها.