في 13 من شباط 2023 ودعنا الرفيق النصير لطفي حاتم (ابو هندرين) بعد معاناة مع المرض الذي انهك قواه.
الفقيد من مواليد 1946 في قضاء الهندية التابع الى محافظة بابل. وبعدها انتقل الى بغداد وسكن في منطقة الشواكة ودرس في مدارسها واكمل الابتدائية والمتوسطة والاعداية المسائية. انتمى للحزب الشيوعي العراقي في بداية الستينيات. وبعد انقلاب 8 شباط الاسود عام 1963 تعرض الى الاعتقال.
يقول القيادي في الحزب الشيوعي العراقي جاسم الحلوائي في مذكراته (عندما كنا – موقف مديرية الامن العامة-جاؤا بشابين يافعين من مدينة الثورة، وهما نعيم الناشيء ولطفي حاتم (ابو هندرين) من منظمات حزبنا في مدينة الثورة، وكان موقفهما جيدا في التحقيق ويضيف الحلوائي اصبح لطفي موضع ثقتنا وعندما نقلوه الى معتقل خلف السدة، وضعوه في قاووش اخر كنت ازوده سرا بأدبيات الحزب).
وفي عام 1964، يشير ايضا القيادي سليم اسماعيل (القي القبض بعد بضعة ايام على الرفيق لطفي حاتم وكان شابا يافعا تعرض للضرب عدة مرات وفي احدى جولات التحقيق مع لطفي، وكان موقفه صعبا قال له احد المحققين :ان قائدكم صالح الرزاقي اعترف على كل شيئ وانت لاتعترف؟!وعندما اعيد لطفي الى التوقيف ارسل يخبرنا بذلك).
وقد كتب رفيقه في السجن،عبد القادر العيداني، بعد ان علم بوفاته (عرفتك مناضلا شيوعيا باسلا في زنازين الطغاة وفي زنزانتي في سجن نقرة السلمان عام1964 بعد ان تم الحكم عليك بتهمة اغتيال مدير الأمن العامة، فبعد القاء القبض عليك من قبل مفارز الأمن تم العثور على ورقة فيها أرقام سيارات الأمن بما فيها رقم مدير الأمن العام، لكنك صمدت ببطولة قل نظيرها، وبعد أن خابت آمالهم أخذ الجلادون يعيرونك بصمودك حين يعيرونك بأحد المرتدين القياديين وهو ممدد على فراشه ومدلل بعد ان خان الحزب، وبعد ان يأسوا منك قدموك للمحكمة ورموك في غياهب نقرة السلمان، في تلك الفترة تم التعارف والأخوة الرفاقية بيننا وصقلتها أيام السجن وما بعده تلاحما أخويا إلى أن سافرت إلى موسكو وأكملت الدراسة الجامعية والتحقت بفصائل الانصار في كردستان العراق).
وتقول زوجته ام هندرين انه قضى عامين ونصف في السجن وكان موقفه بطوليا.
درس لطفي حاتم في جامعة الصداقة في الاتحاد السوفيتي واكمل دراسة البكلوريوس والماجستير في القانون عام 1980.ثم اكمل دراسة الدكتوراه في الاكاديمية العربية في الدنمارك واصبح عميد كلية القانون.
التحق بالحركة الانصارية تشرين اول عام 1980 و تبوأ عدة مناصب حزبية كعضوية مكتب قاطع بهدينان ومستشار سياسي لسرية المقر.
عندما وصل الى السويد 1991 اهتم بشكل كبير بالقضايا الفكرية والسياسية العالمية والعربية والعراقية. فاصدر 13 كتابا مختلفة العناوين منها (المنافسة الرأسمالية وسمات بنيتها الايديولوجية، العولمة واعادة بناء اليسار الاشتراكي،العولمة الراسمالية والكفاح الوطني الديمقراطي).
وقد نعى المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي الفقيد
(ينعى المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، بحزن عميق، الرفيق لطفي حاتم (أبو هندرين) الذي رحل عنا يوم أمس بعد مرض عضال لم يمهله طويلاً.
وبرحيل الرفيق أبو هندرين، فقد حزبنا أحد مناضليه البواسل، الذي واكب مسيرته النضالية منذ الستينات حتى آخر يوم من حياته، وواجه الأنظمة الدكتاتورية بشجاعة وإباء، وإخترق قتامة الزنازين الخانقة في الحلة ونقرة السلمان وخلف السدة).
وفي رسالة من الدكتور وليد الحيالي "رئيس الأكاديمية العلمية في الدنمارك" في تأبين ابو هندرين (.. إن الأكاديمية تفتخر بما قدمه الأستاذ الجليل الدكتور لطفي حاتم، من نشاطات علمية متميزة، شملت عشرات المحاضرات والبحوث العلمية القيمة في القانون والسياسة، والأشراف ومناقشة عشرات الاطاريح والرسائل.
لقد خسرنا برحيل المفكر لطفي حاتم كفاءة علمية واكاديمية مبدعة ومربياً فاضلاً وشخصية إنسانية، بعد فترة طويلة من العطاء، تاركاً سيرة عطرة، وذكرى طيبة، وروحاً نقية، وميراثاً من العلم والخلق الرفيع.. حقاً انه من الصعب تعداد مزايا أستاذنا الجليل فالكلمات لا تكفي للحديث عن سيرته وتاريخه المشرف لخدمة العلم والمعرفة ونضاله الوطني ضد الاستبداد والأنظمة الدكتاتورية.
وقبل ان اختم هذه الذكرى العطرة استعير هذا الاهداء من احد كتبه –(الى الكادحين الذين نذرت روحي لهم وكافحت من اجل خبزهم وكرامة عيشهم- الى المكافحين من اجل حرية اوطانهم وسعادة شعوبهم –الى المناهضين لروح الغطرسة والعدوان...).
يبقى لطفي حاتم (ابو هندرين)، انسانًاً رائعاً ومناضلاً شيوعيا معطاء منحازا للكادحين والفقراء. له طيب الذكر و سلاما لروحه النقية.