قبل أن يطلق سراح الرفيق أبو سليم من الأسر عمم الحزب توجيها لكل الرفاق الذين شهدوا وقائع الهجوم الدموي الغادر الذي نفذه الإتحاد الوطني ضد حزبنا ورفيقاته ورفاقه ومقراته في بشت آشان وتوابعها الإدارية، وطلب أن تقوم المنظمات الحزبية بتقديم خلاصة استنتاجاتها لما جرى والعبر والدروس المستخلصة من ذلك فكان الاستنتاج إن الموقع بشت آشان الذي جرت فيه المعارك موقعا مترامي الأطراف ومن الصعب على قوات قليلة كقوات الحزب أن تدافع عنه إن الهزيمة العسكرية هي نتيجة لاستنتاجات سياسية خاطئة، حيث جرى الحديث عن إن الإتحاد الوطني هو الحليف الأقرب للحزب إن الأساليب التي أتبعت كانت متخلفة وينقصها الأساليب الحديثة للاتصال، وكانت القوات بطيئة الحركة وغير قادرة على مجاراة المهاجمين وغيرها من الاستنتاجات المهمة. وصدر بيان من المكتبين السياسي والعسكري للحزب يحوي هذه الأفكار وغيرها.

وكان الحزب قد اصدر توضيحا اعتبر فيه إن الاتفاق الذي وقع بين الر فيق كريم أحمد مع الإتحاد الوطني الكردستاني وهو أسير عندهم باطلا ،لإنه في هذه الحالة ( حالة الأسر ) لا يمثل إلا نفسه ولا يمثل الحزب ،  وبعد أن أطلق سراح الرفيق بدأ الرفيق جولة بين التنظيمات الحزبية ناقدا نفسه على هذا التوقيع موضحا بالحرف الواحد إن رقبته أرفع من الشعرة أمام ما يرتأي الحزب من رأي ، وعن سبب توقيعه هذا الاتفاق هو رغبته بحقن دماء الشيوعيين العراقيين لأن المعلومات التي كانت تضخ اليه بأن رفاقه تحت   رحمة اليكتي ووجب عليه كما تصور وقتها وقف نزف الدم

هاتان الممارستان الإيجابيتان أنعشت آمال الرفاق في عودة الصحة الى  كيان الحزب بعد كارثة بشت آشان ، ولكن كان وراء الأكمة ما وراءها  فوجهات النظر  والآراء المختلفة في رسم سياسة الحزب وفي عمله ظاهرة   صحية وتصب في المسار الصحيح على أساس مبدأ خضوع الأقلية الى رأي الأغلبية ولكن أصبحنا نحن القريبون من قادة الحزب الميدانيين نسمع ملاحظات مبتسرة هنا وهناك ، هذه الملاحظات اصبحت آراء واضحة خاصة بعد انعقاد المؤتمر الرابع للحزب ونتائجه ولكن قبل ذلك جرت ما يشبه أولا تصفية الوجود الكبير للرفاق في كردستان ، وتم إخراج العشرات الى خارج كردستان بذريعة تخفيف الأثقال، وكنا زوجتي وأنا من ضمن من خرجوا للدراسة فتوجهنا الى سوريا أولا .

 طريق السفر لخارج ألعراق

كانت المجموعة التي تضمنا متكونة من عدد من الرفيقات والرفاق الخارجين لتوهم من متاعب القتال الذي حدث يومي الأول والثاني من آيار ، وبعدها  التهيؤ لطريق الخروج الذي يمر عبر أراض وعرة يندر فيها الماء، ومع اقترابنا من مجرى نهر دجلة يزداد انبساط الأرض ويمتد شارع  تراقبه الدوريات العسكرية التركية ومدرعاتها والأضوية الكاشفة وقضينا نهارا كاملا في أرض شبه مكشوفة حلقت في محيطها وفي سمائها المروحيات التي كانت ترصد هذه الأرض ، وكان هناك شعور بأن الأتراك قد شعروا بأن هناك محاولة للعبور في الليلة السابقة، ولما حل الظلام  تسللنا الى النهر لنفاجا بأن الأعشاب المنتشرة على ضفتي النهر وأن بقايا الحصاد قد اشتعلت فيها النيران وتحولت الدنيا الى ما يشبه النهار ، وصاحب هذا الحريق إطلاق مكثف للنيران باتجاهنا فتوجهنا الى النهر الذي حمانا الانخفاض في سفحه الذي نحن عليه .

  بقيت مجموعة عددها أكثر من عشرة من ضمنهم رفيقتان وأنا لا يجيدون السباحة طلبت منهم أن نتوجه جميعنا الى النهر فكان ردهم نحن لا نعرف السباحة فطمأنتهم وقلت ،  بأني سأحملهم جميعا واعبر بهم دجلة، ونحن في النهر تجمع الرفاق حولي وتمسكوا بي وطلبت منهم أن لا يتعلقوا بيدي لأنها وسيلة تحركنا هي ورجلاي في الماء، ونحن في وسط الماء في محاولاتنا للعبور، وكان الرصاص ينهمر علينا كما المطر ولحسن الحظ حال انخفاض النهر وارتفاع السفح الذي عليه الجنود الأتراك دون إصابتنا، أثناء العبور ثبت قدمي بقوة في قاع النهر وتقرفصت بقدر ما أستطيع وقفزت الى الأمام فلاحظت إن مستوى الماء  أصبح اعلى كررت عملية القرفصة والقفز مرة ثانية ومرة ثالثة فلاحظت إن مستوى الماء وصل الى صدري وفي المرة الرابعة صار مستوى الماء لحد ركبتي فتنفست الصعداء فقد انتهت المهمة الى السلامة فهنئت الر فاق على السلامة ، وتنبهت الى أن الرفيقة أم وسيم قد جرفها ماء النهر فطلبت من دليلنا التركي إنقاذها، وعند وصولنا الشاطئ وجدنا حقلا من البطيخ الأحمر الرقي ، أكلنا منه قليل ثم جاء رفاقنا ومعهم رفاق سوريين أخذونا الى بيت قريب من النهر فاحتفوا بنا وذبحوا لنا الذبائح ووزعونا الى اماكن السكن في هذا المكان أخبرت الرفاق الذين سبحوا معي بأني مثلهم لا أعرف السباحة ولكن الضرورة حتمت أن أسحبهم معي.