وجدت إن الرفاق في لودر، وضعوا نظاما دقيقا ناجحا لإدارة الحياة في هذه المديرية، يمتد هذا البرنامج من بداية ساعات الدوام في المدرسة الثانوية، ومن ثم الاستفادة من أوقات الفراغ التي كانت عبارة عن زيارات الى المدينة وسوقها وزيار ات الى المزارع القريبة من سكننا وكذلك المزارع التي أبعد من تلك الأولى وكانت العلاقات جيدة مع المجتمع اللودري.

توزعت اهتمامات الرفاق واختصاصاتهم، وهذه الاهتمامات عززت العلاقة مع شباب المديرية ومع البعثات التعليمية  الأخرى ومع الموظفين من جنسيات  متعددة ومع الخبراء السوفييت ومترجمهم عبد السلام، فقد كونت الرفيقة   أم عصام والرفيقة أم آراس والرفيقة ام ثابت والرفيقتان لقاء ومويرا مجموعة من العلاقات الرائعة مع البنات اليمنيات وتبادلن الزيارات ووضعن برامج لتعليم الخياطة وغيرها من اهتماماتهن، الرفيق عادل طه سالم وهو فنان مسرحي كأبيه الفنان المعروف طه سالم اسس فرقة مسرحية من الشباب اللودري واختار مسرحية لتقديمها في المركز الثقافي في لودر، وكان شقيق الرفيق عادل وهو الرفيق سالم طه سالم ( ملازم علي لاحقا) وهو شاب رياضي متفوق في  لعبة كرة السلة فغرس حب هذه اللعبة وقوانينها وطريقة لعبها لدى عدد لابأس به من شباب المديرية فكون نواة لفريق لها، الرفيق ابو زاهر متفوق في لعبة كرة الطائرة فانخرط مع فريق الطائرة في المدرسة وهو خبير في طبخ التشريب وبرز الرفيق جمال دحام في الفن التشكيلي وأكتشف العديد من المواهب ونظم معرضا لنتاجاتهم، اما الرفيق ابو ثابت فهو رفيق متعدد المواهب فهو الخطاط والرسام والنجار والكهربائي والمصور الفوتغرافي والكيمياوي..إلخ ، لا يعجز أمام أي طلب تطلبه منه الخبير في طبخ التبسي، كان محبوبا من قبل طلاب وطالبات المدرسة تساعده رفيقة دربه الرفيقة ام ثابت على هذا النجاح اما الرفيق ابو آراس الذي رحل عنا مبكرا، فقد كان المايسترو الذي يشرف على إدارة  هذا النشاط

لودر هذه المديرية ذات طبيعة خلابة فيها مزارع ويفصل بينها وبين مديرية مكيراس جبل شاهق اسمه جبل الثرى يسير في هذا الجبل طريق للسيارات القادمة من مكيراس نرى أنوارها ليلا وهي نازلة الى لودر فيها سوق يومي اعتيادي ودكاكين كثيرة وفيها عدة مدارس ابتدائية وروضة للأطفال كانت الرفيقة ام عصام معلمة فيها وفيها مركز ثقافي ونادي رياضي وسينما صيفي ومسرح صيفي  وفيها سوق اسبوعي، الناس هنا لطيفون في تعاملهم ويقدرون غير اليمنيين الذي جاؤا أما للتعليم أو للصحة أو لتطوير الزراعة وغيرها، المدينة جوها يختلف عن جو عدن فهي غير رطبة وباردة ليلا، أرضها تزرع بعد سقوط المطر فحين يسقط المطر تحرث ثم تزرع فيها الحبوب وخاصة السمسم الذي يسمى محليا ( الجلجل) . عندما يستيقظ اليمنيون من النوم يكتفون بشرب القهوة أو الشاي بالحليب (شاهي باللبن) ثم بعد ساعة ونصف تقريبا يتناولون وجبة القراع (بضم القاف) وهي أول وجبة في اليوم، ويكون الدوام في المدارس أو في الدوائر منظما على مستوجبات القراع.

كان لنا أيضا نشاطنا الخاص  فقمنا في يوم بلصق ملصقات عن التضامن مع شعبنا في العراق ضد الدكتاتورية والإرهاب فصنع لنا العزيز ابو ثابت الصمغ الذي نلصق به من الدقيق والسكر والنشا في المساءات نذهب جميعا الى السينما وهي صالة كبيرة مبنية على شكل سينما صيفي أي بدون سقف وكانت تعرض في كل يوم فلما مختلفا عن فلم الليلة السابقة، وفي المديرية كانت هناك ساعات محدودة لتشغيل محطة الكهرباء.

سوق لودر الأسبوعي

 يوم السوق في لودر هو يوم الإثنين حيث يأتي الفلاحون والحرفيون والبائعون من مختلف القرى المحيطة بالمديرية ويعرضون بضاعاتهم متخذين مركز المدينة والشوارع المتفرعة منه مكانا لهم، في هذا السوق يجري التبادل البضاعي اما نقدا أو تبادلا عينيا، حيث لدى بائع الحبوب مكيالا ( صاع ) يتم على أساسه احتساب المعادل السعري للبضاعة، رأيناها بأعيننا كما قرأنا عنها في الاقتصاد السياسي، وكانت الحبوب المعروضة السمسم الذي يسمى محليا الجلجل، والحنطة التي تسمى البر واللوبياء التي تسمى العتر وهكذا يتم تحديد المعادل لكل بضاعة حسب اسس ومقاييس متعارف عليها بينهم . كان السوق ممتعا وضاجا بالمتبضعين من القرى المختلفة.

محاكمة علنية في لودر

    تم دعوة السكان لحضور وقائع مهمة لمحاكمة علنية لمتهم بقتل رجل  من قريته فأقبل الناس من المديرية ومن القرى المحيطة بها، وتم تعطيل الدوام الرسمي للدوائر والمدارس كان مكان التجمع قرب مديرية التربية ومقر المنظمة الحزبية، اعد مكان المحاكمة وكان الناس يحيطون بهيئة المحكمة ومثل المتهم أمامها بقفص الاتهام وكانت الإجراءات قانونية وفق الأصول فهناك الحاكم ووكيل النيابة ومحامي الدفاع وشهود الإثبات وشهود النفي وجرت وقائع المحاكمة وكان الجمهور صامتا يصغي باهتمام الى الوقائع والأدلة، وبعد القناعة التامة للمحكمة جرى النطق بالحكم، وعند ذلك غادرت الجموع مكان المحكمة بنفس الهدوء الذي ابتدأت في المحاكمة

اللقاء بالرفيق عزيز محمد

تمت دعوتنا من قبل الرفاق في منظمة حزبنا الشيوعي العراقي في أبين  لحضور اللقاء مع الرفيق عزيز محمد سكرتير حزبنا الذي كان في زيارة لجمهورية اليمن الديمقراطية ومنها زيارة أبين ، وبذلك توجه كل الرفاق العاملون في لودر الى أبين للقاء بالرفيق سكرتير الحزب، وبعد اللقاء الرسمي  جر ى لقاء واسع  للرفاق مع السكرتير ابو سعود على وليمة كبيرة أقيمت في الهواء الطلق عند المجمع السكني قرب ثانوية أبين حيث يسكن معظم رفاقنا وهنا تحدث الرفيق السكرتير عن جملة قضايا سياسية ومنها عن توجهات الحزب اللاحقة وعن الاتفاقات مع اليمن الديمقراطية لإعدادنا  لمواجهة عسف النظام وجوره وسيكون ذلك في  العطلة الصيفية للمدارس.

 مارسنا حياتنا اليومية ما بين تنفيذ واجباتنا في التدريس والالتزام في إتباع الشروط والقواعد العامة للحياة في المديرية، وتنمية علاقاتنا الاجتماعية مع الناس المحيطين بنا وخاصة العلاقة مع الحزب الاشتراكي اليمني ومديرية التربية ومع المدرسين والموظفين الآخرين  وطالبات وطلاب المدرسة، ومن ناحيتي حرصت على إتمام المنهج فطلابي سيحضرون امتحانات البكالوريا وتكللت نتائج امتحانات الرياضيات لتلك السنة بنسبة 100% وهي نسبة تتحقق للمرة الأولى في مدرستنا في لودر فكانت الفرحة عارمة  بين الطلاب وإدارة المدرسة ومديرها أستاذ حسين لعور، وبدأنا نعد العدة للانتقال في العطلة الصيفية الى أبين وعدن