طريق الشعب/ برلين

قام رفاق وأصدقاء المفكروالمناضل الشيوعي د. كاظم حبيب يوم السبت المصادف 8 تشرين الاول بتنظيم أستذكارية في برلين بمناسبة مرور عام على رحيله، قبل بدئها قامت مجموعة من رفاقه واصدقائه بزيارة قبره ووضع الزهور عليه.

بدأت الاستذكارية التي أدارها الاستاذ مثنى محمود بالوقوف دقيقة حزن وصمت أستذكارا لابي سامر وجميع من رحلوا مؤخراً وشهداء الحركة الوطنية العراقية وثورة تشرين، تلتها الكلمة المشتركة لمنظمتي الحزب الشيوعي العراقي والكردستاني وتجمع دعم الانتفاضة والتغيير في العراق ومنظمة الدفاع عن حقوق الانسان العراقي / أومريك ألقاها الاستاذ سامي جواد كاظم والتي جاء في جزء منها: (اننا اليوم نستذكر شخصية شيوعية وديمقراطية ووطنية مرموقة، تتمتع بخلق رفيع وعلاقات واسعة، وباحترام كبير وحضور اجتماعي متميز. وقد ترك لنا ارثا كبيرا غنيا من كتبه ومؤلفاته ومقالاته في شؤون السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة وغيرها. لقد حمل الدكتور كاظم، مع رفيقاته ورفاقه المناضلين، راية النضال في سبيل الحرية والديمقراطية والاستقلال والسيادة الوطنية، في سبيل السلام والصداقة والتضامن الأممي ومن أجل العدالة الاجتماعية منذ الخمسينات من القرن الماضي، وبقي طوال حياته النضالية أمينا لشعبه والطبقة العاملة والفلاحين وسائر شغيلة اليد والفكرولم يدر ظهره للحقيقة مهما كلفه الامر.

 في هذه المناسبة نتقدم لرفيقة دربه السيدة المحترمة أم سامر وللاعزاء سامر وياسمين بعميق مشاعر التضامن والمواساة على الفقدان الذي لا يعوض، ونقول لهم إننا اليوم كيساريين ووطنيين ديمقراطيين في المانيا بأمس الحاجة اليه، فالفراغ الذي تركه لايمكن تعويضه مطلقا، لك المجد المعلى والخلود أبا سامر ستبقى قابعاً في ذاكرة محبيك الكثر).

 .. ثم ألقت أبنة الفقيد السيدة ياسمين كلمة أرتجالية مؤثرة تحدثت فيها عن بعض الخصال النبيلة لوالدها كأب ومناضل وطني وأممي ومفكر موسوعي، وقالت رغم شحة الوقت الذي كان يكرسه للعائلة بسبب انشغالاته في العمل السياسي لكنه كان أبا حنونا لم يبخل عليهم بالحب واللطف والانسانية التي زرعها فيهم، وشكرت المنظمات على مبادرتهم بتنظيم هذه الاستذكارية.

بعدها عُرضَ فلم قصير عن الحياة الحافلة بالنضال والعطاء لابي سامر، ثم أعطيت الكلمة لرفيقه الدكتور حميد الخاقاني الذي قال نلتقي هنا اليوم وأبو سامر غائب عنا هذا الغياب الذي لا نريد أن نصدق إنه واقع.. فأبو سامر الذي ترك لنا الكثير من قوة المثال والثراء الفكري الديمقراطي عصي على النسيان، وأشارالى الحياة المليئة بالتضحية والعطاء الوطنى والفكري للفقيد الذي لم يترك مجالا في الشأن العراقي أو العربي والعالمي لم يخض في نقاشه والتحفيز لطرح التساؤلات حوله، وطرح إضافاته المعرفية على ما يسمع من محاضرات ويقرأ من مقالات، حتى أنه كتب عن المرض اللعين الذي أصابه والذي واجهه بشجاعة، وعندما شعر في أيامه الاخيرة ان الزمن يفلت بين يديه كان يكتب وكأنه في سباق ليقول لنا مالم يقله.

بعدها كانت الكلمة للدكتور فرياد فاضل عمر رئيس معهد الدراسات الكردية في برلين التي استهلها بدقيقة صمت على صديقه الأثير أبي سامر وقال إن أجمل ما نستذكر به الصديق د. كاظم حبيب هو الصمت، فالصمت أحياناً يكون أكثر تعبيرا من الكلمات عن مشاعر عميقة تجاه انسان فقدناه مثل كاظم حبيب ، وصديقي الفقيد شخصية فريدة بل من الشخصيات النادرة في الشرق الاوسط وبالأخص في العراق فقد كرس معظم اعماله في الكتابة والبحوث في الدفاع عن الاقليات والاديان وكرس طاقته وجهده في النضال الوطني وخاصة في الدفاع عن حقوق الشعب الكردي كبقية المناضلين الوطنيين والديمقراطيين الاخرين، كما وعبر الدكتور فرياد عن حزنه وتضامنه بهذه المناسبة مع عائلة الفقيد.

ثم جاء دور الدكتور غالب العاني رفيق درب ابي سامر في النضال الوطنى ومجال الدفاع عن حقوق الانسان والاقليات والاديان، حيث توقف امام محطات العمل المشترك في العديد من المنظمات المهتمة بحقوق الانسان والاقليات ودور أبي سامر الفاعل والمؤثر في تأسيسها واستمرار عملها، بعدها قرأ مقالة الفقيد المعنونة (خلوة مع النفس بصوت مسموع) وجاء فيها:

( حين يخلو الإنسان إلى نفسه بعد نهار مرهق سببته الأخبار الموحشة الواردة من بقاع الدنيا كافة.. فهنا حريق أتى على غابات ودور سكن حولَّها بين ليلة وضحاها إلى أرض يباب وبلا بشر، مات بعضهم وهجول البعض الأخر بلا مأوى..، وهناك حريق آخر صنعته يد إنسان شرير وليس بسبب شدة الحرارة وتغير المناخ عالمياً، بل من مضاربي العقارات، رغم أن تغير المناخ هو الآخر من صنع البشر... هنا فيضان يغرق المدن والحقول ويجرف معه العربات وبيوت الفقراء والمعدمين، وهناك زلزال يهز المدن ويحولها إلى خرائب وموتى، كما في هايتي مثلاً... هنا حرب بالوكالة وأخرى أهلية تأتيان على الأخضر واليابس، تقتلان مباشرة من ليست له ناقة ولا جمل في هذه الحرب أو تلك .. هناك معتقلون يعذبون يومياً ويموتون تحت أيدي جلادي وجلاوزة نظم استبدادية سادية مريضة، وهناك مختطفون عذبوا وغيبوا في دهاليز النظم المستبدة والثيوقراطية، أو قتلوا ودفنوا في قبور فردية وجماعية لا يعرف مكانها إلا من اقتنصهم وأجرم بحقهم.. هناك الملايين من الفقراء والمحرومين الجياع يموتون أيضاً بسبب تخمة شديدة يعاني منها أصحاب رؤوس الأموال من ناهبي أجور العمال والأغنياء من سارقي اللقمة من افواه الجياع..، هنا وهناك مرضى فقراء يموتون بسبب نقص الدواء أو عدم الحصول على لقاح ضد وباء كورونا، وهناك فاسدون فاسقون يملؤون حساباتهم وجيوبهم بالمال الحرام ويقفون بلا حياء في طوابير المصلين ويحمدون إلههم الدولار الأخضر... هنا وهناك من يشتري من العائلات الفقيرة والمعوزة أعضاءً من أجسادهم لقاء لقمة العيش لهم أو لعائلاتهم..)

وأختتمت الاستذكارية بعد تقديم الشكر للحضور بقصيدة ( أسأل التاريخ ) للشاعر الواسطي حسين البهادلي التي أهداها للذكرى 88 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي .