في آذار الجاري كنت في أربيل في بيت أخي الاكبر الذي عاد مساءً حاملاً عدداً من الكتب ، نظر إلي وقال خذ نسخة لك حيث أعطوني ثلاث نسخ وهي عن شهيدات الحزب الشيوعي العراقي بسبب كون أن لنا أختنا الكبرى وأختنا الصغرى من بينهن، فتحت الكتاب وشاهدت الاهداء ..الى عائلة الشهيدة موناليزا أمين مع خالص التحيات والتوقيع لجنة الشهيدة الشيوعية أربيل 26 آذار 2022 طبعاً هنا نسوا ذكر اسم الشهيدة أختنا الصغرى سحر فكان ذكرها بالإهداء ضروري، بدأت أتصفح الكتاب وأقرأ بعض ما كتب عن عدد من الشهيدات وبسرعة على أمل أن أتابع القرارة عندما أعود من رحلتي للعراق وهذا ما حصل ....الكتاب صدر من دار الرواد المزدهرة في بغداد بعنوان ..شموس ساطعة ..لعراق حر وشعب سعيد ..لشهيدات الحزب الشيوعي العراقي منذ تأسيس الحزب في آذار عام 1934 ولغاية عام 2021 وهو معزز بالصور والمقالات التفصيلية والذكريات والأشعار ويحوي أسماءً وصورا شخصية وعائلية لمئات الشهيدات الشيوعيات العراقيات من جميع مدن العراق ومن كافة الاديان والقوميات والعشائر، وفيه أسماء ومعلومات عن عوائل شهيدة بالكامل او أفراد منها تمت تصفيتهم من قبل أزلام النظام البعثي المقبور وهم في ريعان الشباب رجالاً ونساءً وعدد من الاطفال أيضاً بتهم ملفقة وسخيفة هي أن هؤلاء ضد الحزب والثورة ..! اي حزب البعث الذي كان معه الحزب الشيوعي في تحالف قاموا بتخريبه وشن حملة شعواء لإبادة الشيوعيين في جميع محافظات العراق من كردستان الى البصرة مروراً بالعاصمة بغداد، والسلطة المقبورة للأبد تعرف أن هؤلاء أبرياء وهم اعضاء أو مؤازرون للحزب الشيوعي ولم يحملوا أي سلاح سوى أفكارهم التي أرهبت النظام فعملوا بكل ما يملكون من أدوات البطش للقضاء عليه وبسرعة وشمولية ما عدا الشهيدات اللواتي كنّ ضمن قوات أنصار الحزب في كردستان ..وهذا الكتاب صادر عن لجنة استذكار الشهيدات الشيوعيات العراقيات وهو يحوي على 384 صفحة وتم تنظيمه من قبل ثمانية أشخاص هم أعضاء اللجنة مع اسم آخر للمراجعة والتدقيق فيه لوحتان في الغلاف الاول لسوسن سلمان والثانية في الخلف للفنان فيصل لعيبي ..في الكتاب كلمة باسم لجنة استذكار الشهيدات وفي خاتمتها لوحة للفنان الراحل محمود صبري وفي صفحة رقم 9 كلمة لرائد فهمي سكرتير الحزب الشيوعي العراقي تليها كلمة سكرتير الحزب الشيوعي الكردستاني كاوا محمود ثم مقال للفقيد كاظم حبيب عن المرأة وعامها ونضالاتها ..واعتمدت هنا الكتابات عن كل شهيدة من خلال ذكريات عائلتها عنها او ما كتبه عدد من رفاقها او معارفها وكانت معززة بصور الشهيدة الشخصية او العائلية وبعض الصور تظهر الشهيدة مع زوجها خاصة اذا كان هو أيضاً شهيدا او أن بأحضانها طفلها الصغير او الرضيع، لذلك نرى أما القلّة او التوسع بالكتابة عن الشهيدة والتعريف بجوانب حياتها ونضالها وطريقة وأماكن عملها واستشهادها ، وبالإضافة لما ذكر عن الشهيدات الشيوعيات فقد أفرد الكتاب عدداً من صفحاته للحديث عن عدد من المناضلات العراقيات اللواتي فقدن حيواتهن في ظروف مختلفة داخل العراق او في المنافي فمثلاً تم الحديث مع صور جميلة للراحلة أستاذة الادب الروسي الدكتورة حياة شرارة التي انتحرت عام 1997 مع ابنتها مها في بغداد بعد إعدام زوجها الطبيب محمد صالح سميسم وكذلك الحديث وبشكل مفصل عن حياة ونضال الدكتورة نزيهة الدليمي والحديث عن المناضلة فتحية محمد مصطفى أم شوان زوجة الشهيد عادل سليم معزز بالصور وما يتعلق بحياتها النضالية في رابطة المرأة العراقية وفي تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي، والرفيقة أم شوان كانت شديدة الالتصاق بحزبها ورفاقها ولما كنت نصيراً في أربيل جاءت الينا في مقر القاطع في آذار عام 1983 وحضرت معنا احتفالات الحزب بذكرى تأسيسه وكان معها ابنها الاصغر هافال وتذوقنا الطعام الذي حملته معها وكان دولمة مع الكيك والعصائر وغيرها ..وكذلك نجد صورة وكتابات ذكريات عن المناضلة أختنا الكبرى النصيرة والشاعرة الجسورة خوشكة فريشتة وهي شقيقة الشاعر الكبير الراحل احمد دلزار حيث كانت إمرأة طيبة وتحب كافة الانصار وكذلك أخيها الشاعر طيب الذكر ..وفي الكتاب ذكريات حزينة ومؤلمة لضحايا عوائل بالكامل وفيها عدد من الاطفال وبمختلف الاعمار تم قتلهم بدم بارد من قبل ازلام النظام المقبور ومنهم عائلة حجي كنجي من بحزاني والتي فقدت 13 فرداً وهنا تم ذكرهم سواء كانوا من الذكور او الاناث، وهنا نجد أيضاً عائلة هرمز خوشابا وزوجته جوليت داود اي الشهيدين ابو نصير وأم نصير واولادهما الشهداء فيكون عدد العائلة الشهيدة تسعة وبمختلف الاعمار ..كما أن هناك عددا آخر من العوائل التي استشهد عدد من أفرادها ومنها عائلة نجية الركابي وزوجها فيصل ماضي واختها وزوجها وعائلة عبد عطية الطائي وعائلة البكاء وعائلة الشهيدة زينب قهرمان علي وهم سبعة من عائلة واحدة وعائلة عبد المجيد الخياط وزوجته نظيرة وستة من اولادهما الشهداء وعائلة المناضل محمد شلال واستشهاد ابنه ابراهيم وثلاثة من بناته وزوج احداهن ..وتم ذكر مجزرة ابادة الايزيديين وقلعة نزاركي في دهوك ثم هنا توجد قائمة بأسماء 193 شهيد ومن الجنسين في حقل جرائم الانفال المشؤومة ..وحسب وجهة نظري أن هذا الكتاب هو أفضل الكتب التي صدرت عن شهداء وشهيدات الحزب الشيوعي العراقي من ناحية السرد التفصيلي في الذكريات الحزينة عن الشهيدات وهو معزز بصور واضحة ومعبرة عنهن وعنهم بالإضافة الى ندرة الاخطاء في المعلومات والمستقاة من كتابات عدد من الرفاق او الاصدقاء لكن الجهود المبذولة في عملية تنظيم هذا الكتاب كانت رائعة وتعبر عن حرص شديد من قبل القائمين عليه أما بعض النواقص والاخطاء البسيطة فممكن تلافيها في الطبعة الثانية وأنا من جانبي يمكن ان أذكر لهم بالمراسلة بعضاً من ما لاحظته ..أود الاشارة أخيراً الى أن الذي يقرأ هذا الكتاب بما احتوى من صور وذكريات حزينة ومؤلمة سوف تكبر كثيراً جداً في عينه المرأة الشيوعية العراقية الباسلة وتصغر الى حد كبير لا يرى حتى بالمجهر أجهزة السلطة وازلامها المخنثين الذين بطشوا بكل هذا الكم الهائل من مناضلي شعبنا الباسلات اللواتي كان كل منهن يحلم بتحقيق شعار الحزب في ان يكون لنا وطن حر وشعب ينعم بالسعادة والرفاه والاطمئنان وبكامل الحرية ..المجد للشهيدات الشيوعيات العراقيات الاديبات والفنانات والشاعرات والصيدلانيات والطبيبات والمعلمات والمهندسات وربات البيوت ومن كل المهن والاختصاصات اللواتي جرى إعدامهن وقتلهن بأسباب تافهة او بدونها حتى ..المجد للمرأة الشيوعية العراقية وصديقة الحزب الشهيدة والعار للنظام البعثي المجرم .

عرض مقالات: