إعداد: طريق الشعب

شاب تونسي أضرم النار في نفسه يوم الجمعة 17 كانون الأول 2010 أمام مقر ولاية سيدي بوزيد احتجاجا على مصادرة شرطية عربته التي كان يبيع عليها الفواكه والخضر، بعد صفعها له.

وأشعل تصرف محمد البوعزيزي نار الاحتجاجات في المدينة، لتجتاح باقي مدن ومناطق تونس، ووصفه كثيرون بأنه مطلق شرارة ثورات الربيع العربي.

المولد والنشأة

ولد محمد البوعزيزي - واسمه الكامل طارق الطيب محمد البوعزيزي-  في 29 آذار 1984 بسيدي بوزيد، من أسرة تعاني من ضيق ذات اليد، وتتكون من تسعة أفراد، أحدهم معاق، وعمل والده بليبيا قبل أن يتوفى وطارق ما زال في الثالثة من عمره.

الدراسة والتكوين

تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة بقرية سيدي صالح، ولم تسمح ظروفه المادية بإكمال دراسته، واضطر للخروج الى سوق العمل في سن مبكرة لإعالة أسرته.

المسارفي صباح الجمعة 17 كانون الأول 2010 كان محمد البوعزيزي - بوصفه بائعا متجولا - يسوق عربته وعليها الخضر والفواكه في سيدي بوزيد، فاعترضت شرطية سبيله، وأرادت مصادرة عربته وبضاعته بمبرر أنه يبيع في مكان لا يسمح فيه للباعة الجوالين بالتجارة فيه.

ولما رفض سلوكها، وحاول ثنيها عن ذلك، دفعته وصفعته أمام الناس بحجة أنه تهجم عليها، فسألها، والحسرة والغضب يزلزلان كيانه، عن سبب سلوكها تجاه إنسان بسيط همه أن يعيل أسرته، وقرر بعدها أن يلجأ الى مسؤول في البلدية لتقديم شكوى في الشرطية التي أهانت كرامته، لكن دون جدوى، وهو ما زاد من نار غضبه، فقرر إحراق نفسه أمام مبنى البلدية.. (ساعة ونصف الساعة) حتى التهم الحريق جل جسده.

ونفت الشرطية أن تكون صفعته، لكن نفيها وتبرئة المحكمة لها لم يمنعا انتقال النار التي أحرقت البوعزيزي إلى منطقة سيدي بوزيد ثم كامل البلاد لاحقا، وتحولت الكلمة التي قالتها الشرطية له بالفرنسية “Dégage” -أي ارحل- إلى شعار لثورة شعب بكامله ضد رأس الدولة ونظامه طلبا للكرامة والحرية ورفضا للفساد.

في اليوم التالي لاحتراق البوعزيزي، خرجت احتجاجات لأهالي سيدي بوزيد للتضامن معه، وطالبت أيضا بحل إشكالات البطالة والتهميش والفقر.

اصطدمت الاحتجاجات مع قوات الأمن، وتوسعت رقعتها الجغرافية، ولم تنفع بعض القرارات الحكومية، وزيارة الرئيس زين العابدين بن علي لمحمد البوعزيزي في المستشفى في تراجعها، بل ازدادت وتحولت الى انتفاضة شعبية اجتاحت معظم مناطق تونس وصولا لقصر قرطاج، وأجبرت ساكنه الرئيس بن علي - بعد 23 سنة من الحكم - على ترك السلطة والهروب للخارج( السعودية) في 14 كانون الثاني 2011.

تكريم

أعلن عمدة العاصمة الفرنسية باريس بيرتراند ديلانو في الرابع من شباط 2011 عن إقامة تمثال تذكاري تخليدا للبوعزيزي، ووعد بإطلاق اسمه على أحد ميادين باريس، وعدّه “رمزا لكفاح تونس من أجل الديمقراطية والعدالة والحرية”.

واختاره البرلمان الأوروبي في 27 تشرين الأول 2011 للفوز بجائزة ساخاروف لحرية الفكر.

ورفض سالم أخو محمد البوعزيزي عرضين من رجلي أعمال لشراء عربة شقيقه التي كان يبيع عليها الخضر الفواكه، وفضل احتفاظ العائلة بها كذكرى لفقيدهم، أو وضعها في إحدى الساحات كمعلم في مدينة سيدي بوزيد.

الوفاة

توفي محمد البوعزيزي الثلاثاء في الرابع من كانون الثاني 2011 متأثرا بحروقه. وخلّف موته غضبا لدى الشباب التونسي، وأشعل جذوة الاحتجاجات ضد نظام بن علي، وأصبح سلوك البوعزيزي في الاحتجاج ورفض الظلم والإهانة محط تحليل، وتقليد كذلك، حيث تكررت حالة الاحتجاج بإحراق الذات أكثر من خمسين مرة في أكثر من بلد عربي.