منتصف عام 1974 أبلغني المحافظ ان الرفيق عامر عبد الله كان آنذاك وزير دولة، سيزور المحافظة وحدد لي موعد الزيارة، موفدا من رئيس الجمهورية لتفقد احوال المحافظتين الديوانية والمثنى وتقديم تقرير في ضوء ذلك الى رئاسة الجمهورية مع المقترحات للمعالجة.
في اليوم المحدد للزيارة توجهنا انا والرفيق عبد الامير ناصر الى ناحية السنية لننظم الى جماعة المستقبلين للسيد الوزير الذي بعد استراحة قصيرة في مقر عمل السيد مدير ناحية السنية توجه الى رأس موكب المستقبلين الى ديوان المحافظة وبعد ذلك انتقلنا جميعا الى قاعة النشاط الفني التابعة لتربية الديوانية لنلتقي مع السادة رؤساء الدوائر والاقسام في المحافظة الذين تحدثوا الواحد بعد الاخر عن مشاكل دوائرهم واقتراحاتهم.
اتذكر ان السيد قائمقام قضاء الشامية في حديثه تطرق الى السد على شط الشامية وذكر ان الحكومة المركزية ولعدة مرات كانت توعدهم بتشييده ولكن لا تخصيصات ولا سد. وتمنى على السيد الوزير ان يضمن تقريره هذا الموضوع ويسعى من اجل ان تقوم وزارة المالية بإعداد التخصيصات لإنشاء هذا السد الحيوي للزراعة في قضاء الشامية.
بعد انتهاء اللقاء توجهنا الى فندق المصائف لتناول طعام الغداء وبدء الانصراف حيث وقف السيد الوزير قرب المصعد لتوديع الحضور والصعود الى غرفة الاستراحة.
بقيت في القاعة لأكون اخر من يغادرها وعندما وصلت الى حيث يقف الرفيق عامر تصافحنا ونحن الاثنان كنا الواحد يعرف الاخر فقلت له (رفيق ابو عبد الله، انا سبق وان اعددت دراسة عن واقع المحافظة ايضا وبدأت انشر منها في الجريدة) وقدمت له نسخة منها قد تفيده لدى اعداد تقريره وودعته.
عصرا تمت له زيارة الى مقر منظمة حزبنا ثم غادرنا المقر في جولة في المدينة، الرفيق عامر استقل سيارة المحافظ مجاملة منه للسيد المحافظ فاستغلينا الفرصة انا والرفيق عبد الامير ناصر لنستقل سيارة الرفيق عامر صحبة سكرتيره وكان الكاتب ابراهيم احمد.
بعد جولة في الحي العسكري حيث شاهد بنفسه الابنية التي تشير الى مدى الفقر ينيخ بكلكله على سكان الحي والشوارع المليئة بالأتربة والاوساخ وهي كانت غير معبدة بالكامل، توجهنا مجددا الى قاعة النشاط الفني حيث كان متفقا عليه ان تعقد ندوة جماهيرية باسم لجنة الجبهة في المحافظة يتحدث فيها الرفيق عامر عن اخر شؤون العراق واتذكر جيدا انه تطرق في حديثه الى مأساة شحة المياه في نهر الفرات بعد ان انجزت سوريا بناء سد الطبقة وتركيا بناء سيد كيبان وسفره الى سوريا ومقابلته لرئيس الجمهورية السورية حافظ الاسد وتحدث بالتفصيل عما دار بينهما من حديث بهذا الخصوص.
بعد انتهاء الندوة توجهنا الى المعسكر مدعوين من قبل آمر الموقع لتناول طعام العشاء وقضاء السهرة في النادي العسكري الصيفي.
صباحا غادر الرفيق عامر الى المثنى وعاد مساء وقد حضرت توديعه من بيت المحافظ ليعود الى بغداد.
بعد اسابيع معدودات التقيت الرفيق عامر في مقر الحزب في ساحة عقبة بن نافع فتطرق الى زيارته الى الديوانية واشار الى الندوة التي عقدت مع مسؤولي الاقسام والنواحي وكانت “ندوة فقيرة في طروحاتها وفي مقترحاتها”. واكد لي وقتها انه اعتمد الدراسة التي قدمتها له كأساس لتقريره الذي قدمه الى البكر الذي أعجب في حينه بالتقرير والمقترحات فاتخذ قرارا بالبدء فورا بتنفيذ المقترحات وقسم التقرير الى قسمين، القسم الذي يختص بتحويل واقع المحافظة من زراعي متخلف الى صناعي متطور واحاله الى وزارتي الصناعة والاقتصاد وللتنفيذ وليس للدراسة وابداء وجهات النظر، اما القسم الزراعي فأحاله الى وزارتي الري والزراعة للتنفيذ ايضا وبعد بضعة سنين كانت النتيجة ان تم ما يلي:
اولا:
1.
تشييد معملي المطاط والنسيج في الديوانية
2.
تشييد معمل للألبان في ناحية السنية
3.
تشييد مكبس للتمور في مدينة الشامية
4.
تشييد اربعة معامل حكومية للطابوق أحدها بين الديوانية والدغارة، وآخر في عفك، ثالث في الحمزة الشرقي والرابع في مفترق طريق الشنافية من طريق ديوانية نجف.
ثانيا:
1.
تشييد سدي حديثة على الفرات والموصل على دجلة مع التعديلات الجوهرية على الخرائط والكلفة التي ارتفعت الى مليار ومائتي مليون دينار حيث بلغت كلفة تشييد سد الموصل سبعمائة مليون وكلفة سد حديثة خمسمائة مليون دينار.
2.
تشييد سدين على مفترق شط الهندية قبالة مدينة الكفل الى شطي الكوفة والشامية لتنظيم توزيع المياه بين الشطين.
3.
ناظم قاطع في المشخاب على شط الكوفة.
4.
ناظمان قاطعان على شط الشامية أحدهما قرب مدينة الصلاحية والآخر قرب مدينة غماس
هذا عدا السد الكبير الذي انشئ في مدينة العمارة على مفترق شط دجلة بين الشط الذي يتوجه الى القرنة ليشكل مع الفرات شط العرب، والثاني الذي يدخل مدينة العمارة ليتفرع الى شطي المشرح والكحلاء.
آنذاك كانت سوريا قد اكملت ملء بحيرة سد الطبقة بالمياه وكذلك تركيا فيما يتعلق بسد كيبان، وقد ساعد ذلك على ان تصلنا في شط الفرات مناسيب جيدة ساعدت على ان تمتلئ بحيرة السد بالمياه العذبة وبسرعة ونفس الشيء كان بالنسبة لدجلة، وهذا ما ساعد على توفر المياه العذبة في دجلة والفرات وبمناسيب جيدة. ولكن، وكم هي ملعونة هذه الـ(لكن)!!.
هذا ما سأتناوله في الحلقة اللاحقة.

عرض مقالات: