طريق الشعب
تحولت أم سلوان أو "أم المتظاهرين" كما صار لقبها، إلى إحدى ايقونات ساحة التحرير. إذ يناديها المتظاهرون بـ "يمه"، و"ماما"، و"أمي" و"يُوم"، و"حجية" و"حبوبة" وفقاً للهجات العراقية المختلفة، وذلك بعد دأبها، منذ انطلاق التظاهرات في تشرين الأول الماضي، على غسل ملابس المتظاهرين وخياطتها وتجفيفها.
بعض المتظاهرين، وتحديداً ممن فقدوا أمهاتهم، يرون أنّ وجود أم سلوان فرصة لإعادة ترديد كلمة "يمه". إذ يؤكد علي عباس النعيمي، في حديث صحفي، أنه اشتاق لنطق هذه الكلمة بعد وفاة أمه منذ سنوات، فوجد أم سلوان تجيبه بـ "يا بعد امك"، كلما ناداها "يمه".
أم سلوان (60 عاماً)، تشير من جانبها إلى انها تغسل ثياب المتظاهرين وكأنها ثياب أبنائها، وتجد ذلك واجباً عليها، مضيفة قولها: "أغسل ملابس أبنائي المتظاهرين، لأن العديد منهم قادمون من محافظات أخرى غير بغداد، للوقوف على سواتر جسر الجمهورية، بالإضافة إلى متظاهري بغداد".
وتتابع قولها: "اشتريت غسالة وجلبتها إلى ساحة التحرير لأغسل فيها ملابس المتظاهرين. فلا شيء أجيده غير ذلك، وهذه خدمة مني للتظاهرات، ولشدّ أزر المتظاهرين وتعزيز موقفهم للثبات على هذه الخطوة العظيمة، في الوقوف بوجه السلطات الفاسدة حتى ينالوا حقوقهم كاملة".
وفي السياق، يرى المتظاهر أبو عبد الله (66 عاماً)، أنّ "ما تقوم به أم سلوان حالة تستحق الثناء"، ويقول عنها: "لأنها فقيرة ولا تملك شيئاً، اقترضت ثمن الغسالة وحضرت لخدمة أبنائها المتظاهرين".
ويتابع أبو عبد الله حديثه قائلا: "رغم كوني أعاني أمراض الضغط والسكري والقلب، إلا اني واظبت على الحضور يومياً الى ساحة التحرير، وعندما رأيت ما تقوم به أم سلوان اندهشت وتيقنت أن النصر آتٍ على يد المتظاهرين، بثباتهم أمام الفاسدين".
المتظاهر هادي سليم (32 عاماً)، الذي يقيم في ساحة التحرير منذ 14 يوما، يوضح انهم أطلقوا على "أمهم" أم سلوان لقب "أم المتظاهرين"، معللا ذلك بكونها "أماً حنونة تغسل ملابسنا، وتمثل الشرف العراقي، والصورة الحقيقية للعراق".
ويضيف قائلا: "أنا مصاب، وأم سلوان هي من يعالجني ويطمئن على حالتي، في الوقت الذي لم تكن لي بها معرفة سابقة".
إلى ذلك تقول أم أحمد التي حضرت لتساعد أم سلوان في غسل ملابس المتظاهرين: "كان أبنائي يجلبون ملابسهم وأغسلها في البيت، وما إن قالوا إنّ أم سلوان تغسل ملابس المتظاهرين، حتى حضرت لمساعدتها".
ويرى المتظاهر أحمد صادق (58 عاماً)، أن دور الأم العراقية في التظاهرات إيجابي جدا "فهي تركت بيتها وأطفالها لتغسل ملابس المتظاهرين وتخيط الممزق منها.. كلهم أبناؤها، لم تفكر في شيء سوى في حقوقهم ومطالبهم".