الجود بالنفس أقصى غاية الجود / المتظاهر محمد قاسم

آسف لكل كلمة تجريح قيلت في حقكم. فقد اثبتم للعالم أنكم اشجع من على وجه هذه الأرض. واجهتم الرصاص الحي بصدور عارية. نعم، انها ثورة اصحاب التكاتك الذين طالما تعرضوا للسخرية. وهاهم يسطرون اروع ملاحم البطولة والإنسانية. في اليوم الثالث للتظاهرات وبينما كنت في العمل، راحت الأخبار تتوالى عن سقوط شهداء وجرحى من المتظاهرين. وبدأت اشعر بالخجل لعدم مشاركتي مع هؤلاء الأبطال. واحسست ان صبري ينفد. فقررت النزول الى ساحات التظاهر. وحين توجهت الى ساحة الطيران وجدت الطرق كلها مغلقة امامي. اتصلت بأحد الأصدقاء فابلغني ان المتظاهرين بدأوا بالتجمع قرب مستشفى الجملة العصبية. وما ان وصلت الى هناك حتى بدأ إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين.
انسحبوا وانا وسطهم في اتجاه مول النخيل، فاذا بالرصاص الحي ينهال من بنادق القناصة على المتظاهرين. وسقط شهيدان أمام اعيننا.
ركضنا هاربين من بطش القناصة وقوات مكافحة الشعب الى ان وصلنا ساحة وهران، وحينها ظننا وظن بقية المتظاهرين انهم اصبحوا في أمان، وان قوات الشغب لا يمكن ان تصل إليهم. ولكن ما هي الا دقائق حتى بدأ إطلاق الرصاص الحي مجددا على الشباب السلمي الاعزل، الذي لم يكن يحمل سوى الإعلام بايديهم.
كان الرصاص بنطلق كالسيل، فأجبرنا على الانسحاب وهذه المرة في اتجاه ساحة الحمزة.
وهنا وجدت نفسي عاجزا عن مواصلة الركض، فانقذني ابو التكتك الشهم الذي أخذ هو وزملاؤه دور المسعف في نقل الجرحى والشهداء. وأوصلني الى مكان آمن، وحين أردت دفع شيء له كأجرة، رفض وقال "خويه مو عيب؟ صدك جذب ..اني متظاهر مثلك".
على رغم فقرهم الشديد وبؤسهم، كانوا كرماء حد الموت.
كم انت عظيم أيها العراقي!

 ***************

مجداً للشهيد والامتنان لسائق التكتك الشجاع / حسين حبيب

في يوم الجمعة 4 تشرين الاول الجاري كنت متوجهاً الى ساحة التحرير للمشاركة في التظاهرات الاحتجاجي. ورغم فرض حظر التجوال وصعوبة التنقل وصلت الى شارع وزارة النفط المتجه من مول النخيل نحو الباب الشرقي، مرورا بوزارة النفط ومعي أولاد عمي أثير وعلي، ورأيت ايضا الرفيق علي الجبوري في نفس المكان. ونحن نسير ونهتف في هذا الشارع وقبل وصولنا الى مستشفى الجملة العصبية، تعرض احد المتظاهرين الذي بدا انه لم يتجاوز العشرين عاما من عمره، الى قنص في الرأس سقط على اثره شهيدا. تراجعنا واحتمينا بكتلة كونكريتية وآخرون بجذع نخله وغيرهم دخلوا الى الشارع المقابل لوزارة النفط.
في هذه الأثناء توغل سائق تكتك لم يتجاوز الثالثة عشرة من العمر بين صفوف المتظاهرين، وبشجاعة لا توصف وهو يتمايل يميناً ويساراً من اجل التمويه، مواجها ومتحديا قناصاً لا يخطئ هدفه ابدا، من اجل انقاذ المصاب. وبالفعل قام بسحبه ونقله الى مستشفى الكندي ليأكدوا عندها استشهاده، حسب ما سمعنا. في نفس الوقت شاهدت بعيني سقوط ما يقارب العشرة شهداء قريباً من مكان تواجدي، وقد تعرضوا الى قنص في الرأس سقطوا على أثرها شهداء .
مجدا للشهيد والامتنان والعرفان لسائق التُكتُك الشجاع، الذي واجه الموت من اجل إنقاذ حياة الاخرين.
ولا نسى الاشارة الى ان القناص كان يستهدف من يشد أزر المتظاهرين ومن يقوم بتوثيق إجرام الثقتلة.