لا ينهض العمل بصورة متكاملة في اي بلد من دول العالم الا من خلال ارتكازه على طاقات الشباب والمواهب الخلاقة المبدعة، وعبر زجهم في مجالات العمل كالمعامل والمصانع والمشاريع التنموية والاستثمارية كلا حسب اختصاصه لكي يشكلون القاعدة الرصينة لهرم الدولة المتطورة.
هذه الطاقات تتمثل فيخريجي الدراسات الاكاديمية العلمية والانسانية والفنية التي تعتمدهم الدولة في المؤسسات الحكومية، كالأطباء والمعلمين والمهندسين والقضاة والاداريين وغيرهم من الخريجين.
وفي بلدنا العراق تعد البطالة من اهم المشاكل التي يعاني منها الخريجون الجدد ومنذ سنوات عديدة، حيث لجأوا الى تنظيم التظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات لكن دون جدوى، فالحكومة عاجزة عن حل الاشكالية بشكل ناجع وحاسم، او السعي بافتتاح المشاريع لاستيعاب الاعداد الكبيرة من الخريجين للاستفادة من خبراتهم العلمية.
وقد تحدثت خريجة العلوم السياسية "حنين هادي" عن معاناتها بسبب عدم التعيين فتقول" نعاني من عدم الاستقرار المادي والنفسي، واليأس من تحقيق حلمنا وطموحنا أيام الدراسة بسبب غياب فرص العمل لخدمة البلد واعالة عائلاتنا"
واضافت " الحكومة تتبع سياسية خاطئة بإدارة الدولة عبر اهمال الخريجين وعدم الالتفات اليهم، او الاستفادة من طاقاتهم الشبابية، من جانب اخر تسعى الى زيادة عدد الكليات الخاصة والأهلية".
واقترحت هادي بعض الحلول لايجاد فرص العمل للخريجين وذلك من خلال إعادة تشغيل المعامل المعطلة والمتوقفة ودعم القطاع الخاص وتسهيل منح القروض للشباب لكلا الجنسين، وإعادة النظر في قانون التقاعد الموحد لتوفير الدرجات الوظيفية.
فيما تقول خريجة الهندسة رؤى عبد الامير " اشكالية البطالة من الخريجين العاطلين عن العمل بسبب زيادة عدد الكليات الاهلية والقبول بمعدلات متدنية فتكون نسبة الخريجين أكثر عدداً في كل سنة مقابل فرص عمل قليلة، وهذه الأخيرة تنحسر على فئات معينة من مرشحي احزاب السلطة او من يتعامل بطرق غير شرعية "الواسطة" اذ لعبت دورا كبيرا في خطف الدرجات الوظيفية من افواه مستحقيها الخريجين المتميزين"
وتابعت قولها " انتشر الفساد بصورة كبيرة في جميع دوائر ومفاصل الدولة، حتى أصبح لكل درجة وظيفية سعر محدد، والكل يعرف مقوله "تدفع المبلغ ام ابيع الوظيفة لشخص اخر" ومن يشتري الدرجة يحصل على التعيين، لقد أصبحنا لا نعلم هل نتعامل مع سمسار او موظف؟"
في الموضوع ذاته يقول خريج المعهد التقني حسن احمد" انا من الخريجين الذين لم يحالفهم الحظ حيث تقدمت لاكثر من وظيفة لكني خارج دائرة التعيين ولاسباب عديدة منها لا امتلك النقود للتعامل مع سمسار يؤمن لي وظيفة، وليس عندي واسطة او شخصية سياسية مقربة، فاغلب دوائر الدولة تتعامل بالواسطة والمعارف والاقرباء".
وتشير احدى خريجات علوم الفيزياء فاطمة الزبيدي الى ان " اعداد الخريجين الجدد تزداد سنويا، وحسب الاحصائيات المنشورة في بعض الوكالات الاخبارية، حيث يتعدى عددهم الــ 600 الف خريج سنويا، وتقول " اعتبر الدرجات التي تطلقها الحكومة بإعلانها الخبري مجرد كذبة لان الحقيقة ان الدرجات الوظيفية تجُير للأقرباء وابناء المسؤولين والتابعين للأحزاب السياسية الحاكمة"
ويشارك الرأي أحد الخريجين(...) فيقول " هل هذه الديمقراطية، عبارة عن اانتشار الفساد والبطالة وتردي الخدمات وتراجع في قطاع الزراعة والصناعة"
واضاف "أتساءل ماذا قدمت الحكومة للشباب ومواطني البلد غير الذل والفقر والتشرذم في بلدنا"
اعداد كبيرة من الخريجين تشابهت معاناتهم وتمركزت آراؤهم على ان الفساد هو السبب الرئيس في ضياع حقوقهم بالتعيين وايجاد فرص عمل مناسبة لهم، كذلك الاهمال المتعمد من قبل الحكومة بأبعاد الكفاءات والخبرات العملية والعلمية عن ادارة الدولة.
ختاما أقول، نتابع يوما بعد يوم اتساع رقعة البطالة بين صفوف الشباب من الخريجين الجدد، في ظل خطط حكومية بطيئة او حلول ترقيعيه لا جدوى منها، ولهذا تجد ان خريج الهندسة تحول الى عامل بناء واخر الى سائق تاكسي او بائع بسطة والمحامي الى نجار وغيرهم الكثيرون ممن يعانون من المشكلة ذاتها لكن لا حلول على ارض الواقع، بيد ان البلد يحتاج الى هذه النخب العلمية لمواكبة حركة التطور العمراني في باقي البلدان العربية او بلدان الجوار كاقل تقدير ممن تعتمد على طاقات شبابها باعتبارهم عماد البلد ومستقبله الزاهر.

 

عرض مقالات: