يعد العنف الوظيفي الموجه ضد النساء، واحدا من الظواهر الخطيرة في المجتمع، لما له من آثار سلبية على المؤسسات بتنوعها، حكومة كانت أم غير حكومية.
ويتعرض العديد من النساء الموظفات إلى ضغوطات اثناء العمل، كالتحرش والابتزاز والتهديد، من قبل بعض الأفراد من داخل المؤسسة، أو خارجها من المراجعين. وينطبق الأمر ذاته على مراجعات تلك المؤسسات، اللاتي واجهت الكثيرات منهن ضغوطات من موظفين.
وباتت هذه الظاهرة الخطيرة تتفاقم يوما بعد آخر، خاصة في المؤسسات الرسمية. فقد تتعرض المرأة المراجعة إلى التحرش من قبل بعض الإداريين أو الموظفين، في ظل عجزها عن تقديم شكوى ضد المتحرش. فهي إن اشتكت ستتم عرقلة إنجاز معاملتها، وستوجه إليها في الوقت ذاته نظرة سلبية من قبل المجتمع.
"طريق الشعب" استطلعت آراء البعض حول ظاهرة العنف الوظيفي، بينهم نساء تعرضن إلى التحرش والابتزاز.
السيدة مريم (30 سنة)، وهي موظفة في القطاع الحكومي، تقول انها تعرضت إلى التحرش اللفظي بعد رفضها إقامة علاقة مع مسؤولها المباشر في العمل، مؤكدة انها بعد أن رفضت الرضوخ لرغبات المسؤول غير الأخلاقية، صار يكلفها بمهام وظيفية ليست من اختصاصها، بذريعة أن المرأة أكثر دقة من الرجل في العمل!
أما د. رنا (33 سنة)، وهي موظفة في شركة حكومية، فقد تعرضت هي الأخرى للمساومة والتهديد من قبل مدير عام في إحدى الوزارات. وقد اضطرت إلى السكوت فترات طويلة تجنبا للمشاكل، لكنها، وبعد أن طفح بها الكيل، أبلغت والدتها بالأمر، التي قامت من جانبها بالاتصال بالمدير وتهديده بفضحه أمام الجميع إذا لم يكف عن سلوكياته اللا أخلاقية تجاه ابنتها.
وتتحدث موظفة القطاع الخاص زينب (40 سنة)، عن حادثة تعرضها للابتزاز والتشهير من قبل أحد المتنفذين الفاسدين، الذي قام بنشر مقاطع مخلة بالآداب على صفحتها الشخصية في موقع "فيسبوك"، كونها كشفت عنه ملفات فساد.
من جانبها تفسر الباحثة الاجتماعية نور حسين سلوك العنف الوظيفي على أنه حالة مرضية نفسية صارت تتزايد في الوقت الحالي نتيجة ضعف القوانين الرادعة وصمت غالبية النساء اللاتي يتعرضن إلى التحرش والابتزاز، خوفا من حدوث مشكلة، موضحة أن ذلك كله "ينسجم مع توجهات المجتمع السلبية وغير المنصفة التي تمنح الرجل سلطة ومكانة تسمح له بالسيطرة والتحكم، وبالتالي فهو يتحرش ويعنف ولا احد يحاسبه على ذلك".
ويوضح المحامي علي عباس الوائلي موقف القانون من هذه الظواهر السلبية، مشيرا إلى أن القانون الجزائي نص على حظر هذه الأفعال، وعدها من الأفعال التي تتطلب تشديد العقوبة على مرتكبيها الذين يستغلون المنصب الوظيفي ويسيئون استخدام السلطة.
وأضاف قائلا أن العنف الوظيفي يدخل ضمن الجرائم المخلة بالأخلاق، وعقوباته منصوص عليها في قوانين العقوبات والقوانين المنظمة للوظيفة العامة، مبينا أن المرأة التي تتعرض للعنف الوظيفي تستطيع أن تقدم شكوى وتنال حقها، لكنها في الكثير من الأحيان لا تقوم بذلك بسبب العادات والتقاليد المتشددة.
حالات عنف وظيفي مختلفة تعرض لها العديد من النساء في ظل تقاليد اجتماعية لا تسمح للمرأة الضحية بتقديم الشكوى، وتعتبرها هي المذنبة في جميع الأحوال. فيما تبيح للرجل القيام بالسلوكيات غير الأخلاقية!

عرض مقالات: