عبد الحسين ناصر السماوي

مع حلول شهر محرم، بدأت كراديس "موكب جمهور السماوة" المعروف بهتافاته الوطنية عبر الردّات الحسينية، تشق طريقها كل مساء في سوق المدينة الكبير وبعض الشوارع العامة، في مواكب عزاء تستمر حتى العاشر من محرم. 

ومثل كل عام، دوت حناجر المشاركين هذا العام بهتافاتها الغاضبة وهي تدين الفساد الحكومي والظلم الذين يثقلان كاهل أبناء الشعب، وتتطرق إلى مختلف القضايا التي تخص الراهن من أحوال الوطن. وقد أضيفت في محرّم الحالي، هتافات جديدة ترفض قانون انتخابات مجالس المحافظات (سانت ليغو 1.9)، لما يتضمنه من إجحاف بحق الكتل السياسية غير الكبيرة، على ويعيق وصولها إلى المجالس.

وجاء في واحدة من الردّات التي أطلقتها حناجر المشاركين:

للتغيير لم تسع مجاهدا يا عراقي

لذا حبيس التسلط وسجانك باقي

سانت ليغو للأحزاب.. مفصل كالثياب

اجحاف بحق الشعب وتكريس للأنا

خائن الشعب والباغي لا يسود بيننا

ومعلوم أن هذا الموكب يعد من المواكب العريقة في محافظة المثنى، وتحديدا في مدينة السماوة. فقد تأسس عام 1940، وواكب منذ تأسيسه مختلف الأحداث السياسية التي شهدها العراق. وعرف منتسبو هذا الموكب، منذ بداياته، برفضهم ظلم الحكومات التي توالت على حكم العراق. فكانت جميع "المستهلات" والهتافات التي يطلقونها، تندد بالفساد وقمع الحريات وتدين عدم اكتراث الحكومات بمطالب الشعب، وتستنكر الفقر والجهل والبطالة وغير ذلك من المشكلات الاجتماعية، الأمر الذي جعل هذا الموكب ناطقا حقيقيا باسم أبناء الشعب، ومعبرا صادقا عن معاناتهم وتطلعاتهم.

وكان "موكب جمهور السماوة" في صدام دائم مع الحكومات الدكتاتورية الفاسدة، كون جميع هتافاته تطرح مواضيع تطالب تلك الحكومات بتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والقضاء على الفقر والحرمان، وبكل ما له صلة بمصلحة أبناء الشعب.

محمد وروار (أبو صفاء) أحد المشاركين في "موكب جمهور السماوة"، يتحدث لـ "طريق الشعب" عن تاريخ الموكب مستذكرا بعض الأحداث التي مر بها، ومن بينها انه في أحدى السنوات، خلال حكم الطاغية صدام، خرج الموكب بمستهلات غاضبة تطالب بالإصلاح، الأمر الذي أثار حفيظة السلطة الأمنية، فقامت باعتقال مؤسس الموكب وإيداعه في السجن واتهامه هو وبقية المعزين، بأن لهم ميولا يسارية، وانهم معارضون لسياسة الحزب الحاكم!

من جانبه يتحدث المواطن حسن علي (أبو مصطفى)، عن الهتافات السياسية التي أبدع في كتابتها شعراء الموكب، خاصة بعد أن نالوا قسطا من الحرية وتنفسوا الصعداء بسقوط النظام الدكتاتوري المباد، مبينا أن ردّات الموكب خلال السنوات الأخيرة تعكس مطالب أبناء الشعب بالقضاء على الفساد ووضع الحلول لمشكلات المجتمع وأبرزها البطالة وسوء الخدمات البلدية.

ويوضح أبو مصطفى أن الموكب يستوحي فكرة الإصلاح والتغيير من ثورة الإمام الحسين بوصفها "ثورة للإصلاح ولبناء المجتمع ونشر العدالة الاجتماعية"، مضيفا قوله أن "الشعائر الحسينية تتيح فرصة كبيرة لدعوة الحكومة إلى مراجعة برنامجها والعمل على توفير ما يحتاجه الإنسان العراقي من امن واستقرار وراحة بال".