طريق الشعب
عقدت "منظمة أنا عراقي.. أنا أقرأ"، عصر الجمعة الماضية في بغداد، جلسة استذكار لشهيد الثقافة العراقية كامل شياع، في مناسبة الذكرى الحادية عشرة لاغتياله برصاص غادر.
شهدت الجلسة التي التأمت على قاعة "مقهى كهوة وكتاب" في منطقة الكرادة، حضورا حاشدا لمحبي الشهيد، من المثقفين والأدباء والإعلاميين والناشطين.
وبعد أن استمع الحاضرون إلى مقطوعات موسيقية أدتها مجموعة من العازفين الشباب، على ضوء الشموع وأمام صور الشهيد شياع، دعت الإعلامية فيفيان غانم، المساهمين في الجلسة إلى قراءة كلماتهم.
وكانت الكلمة الأولى باسم الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، ألقاها نائب الأمين العام الناقد علي الفواز، واعتبر فيها جلسة استذكار الشهيد كامل شياع "استعادة تؤكد أن الذين يؤسسون على الأرض، من الصعب جدا أن يغيبوا، لأن هذا التأسيس يؤكد أن الثقافة تتلازم مع صناعة الحياة".
وأشار الفواز في الكلمة إلى أن ما قدمه الشهيد شياع خلال مسيرته العراقية القصيرة، كان يؤكد جديته في تأسيس مشروع ثقافي عراقي مهم.
بعد ذلك قدم الكاتب رضا الظاهر مداخلة وجيزة أشار فيها الى أن "الأسئلة التي ما زال يطرحها مصرع كامل شياع تظل حارقة، يجيب عليها تألقه كمثقف قدم نموذجاً نادر المثال في فكره وسلوكه وحياته".
واضاف قائلا ان "الهدف من وراء قتل كامل شياع هو، ببساطة وجلاء، قتل المشروع الذي سعى اليه، مشروع الثقافة الوطنية، واعادة الاعتبار للعقلانية، وارساء أسس الديمقراطية، شرط حرية الابداع"، متابعا قوله أن "قضية استشهاد كامل أكبر من مجرد تصفية حسابات سياسية، أو اغتيال مثقف أو قائد سياسي.. إنها، بإيجاز، معركة على البديل الاجتماعي، وعلى نتائجها تتوقف مصائر وجهة التطور في بلادنا".
وإذ أضاء الظاهر الدروس العميقة التي انطوى عليها مقال كامل شياع الباهر الموسوم "عودة من المنفى"، ختم بالقول ان "الاحساس بفجيعة فقدان كامل شياع ينبغي أن لا يهدأ، والأصوات الغاضبة يجب أن تظل متعالية، مطالبة بالكشف عن الجناة، وانزال العقاب العادل بهم".
وكانت للإعلامي عماد جاسم كلمة مؤثرة تناول فيها بعض المحطات التي جمعته بالشهيد شياع واستذكر واقعة اغتياله، وقد قرأها بالنيابة الكاتب حارث رسمي الهيتي، وجاء فيها: "على مرمى حجر من دمك المسفوك على اسفلت محمد القاسم، اقترب مني ضابط السيطرة متسائلا عن هوية المقتول الذي تنحبون قرب جثته! كتمت صرخة الاستنكار, واختصرتك بالملاك! لم يفهمني, مثلما لم تفهمك الحكومة التي عملت معها, لكني على يقين ان قاتليك تيقنوا انك الخطر الذي يسعى لطمس ظلامهم, وأنت المفكر المبدئي الذي ستبقى تناضل لتقديس العقل وإعلاء شأن الجمال, وستكون الامل المرتجى, والمحب الوطني الذي تنكر لكل إغراءات التحزب والامتيازات".
وأضاف قائلا في الكلمة: "أراسلك بعد احد عشر عاما من كابوس رحيلك.. كل مساء استرجع يقين هدوئك وذلك التواضع وروحك المضيئة بالحكمة والمحبة".
وساهم في الجلسة أيضا الشاعر فارس حرّام، الذي ألقى قصيدة عنوانها "فيلمي"، قال في مطلعها: "كان في ودي يوما أن أكتب قصيدة عن فيلم سينمائي لم أره.. بطله في اللقطة الأولى يربّي وجدانه في مزهرية ورثها عن أبيه.. وفي اللقطة الثانية يستلقي على بطانية عسكرية فيموت.. كان في ودي أن أسأل صديقي الذي لم يشاهد الفيلم مثلي ماذا نفعل الآن؟ لقد مات البطل في اللقطة الثانية، مات قبل أن يمهلنا الفرصة لنفرك حواسنا..".