نادية جهاد
أقام منبر العقل في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، صباح الأربعاء الماضي، أصبوحة ثقافية بعنوان "الحكمة المنهوبة/ الإله نابو أنموذجا"، تناولت قضية الآثار العراقية المنهوبة، وقدمت سرداً تاريخياً عن "الإله نابو" في الحضارات الرافدينية.

الاصبوحة التي أقيمت على قاعة الجواهري في مقر الاتحاد وسط بغداد، والتي تحدث فيها عدد من النقاد والباحثين، في مقدمتهم وزير الثقافة والسياحة والآثار د. عبد الأمير الحمداني، حضرها جمع من الأدباء والمثقفين والأكاديميين والمهتمين في الشأنين الثقافي والتاريخي، فيما أدارها الناقد علي الفواز، الذي استهل تقديمه مشيرا إلى أن "نهب الآثار يعد نهبا للأفكار والحضارة والتاريخ والسياق الذي تشكلت به الحضارة الإنسانية".
وكان أول المتحدثين في الأصبوحة د. عبد الأمير الحمداني، الذي تناول بشكل تفصيلي، "الإله نابو" وما كان يمثله قديما من معتقد ديني لدى أبناء وادي الرافدين وأدبائه وكتابه، الذين كانوا يعتبرونه حامي الكتّاب في عصره وراعي الكتابة والتدوين، وله الفضل في توثيق التاريخ.
وأوضح وزير الثقافة أن "الإله نابو" ظهر في المنحوتات والرقم الطينية وهو يحمل مسمارا او ازميلا يستخدمهما في الكتابة والنقش، مشيرا إلى أن السومريين كانوا يقدسون الآلهة الانثى، إلا أن "نابو" ابن "مردوخ" استطاع أن يجعل التأليه ذكوريا، بعد أن انتشرت عبادته على بقعة واسعة من الأرض، ليصبح "نابو" هو المقدس الذي يبارك الأرض والملوك والبشرية.
من جانب آخر تطرق د. الحمداني إلى عمله السابق مديرا للآثار في محافظة ذي قار، وكيف انه كان يسعى إلى الحفاظ على الآثار من السرقة والتهريب، حتى استطاع أن يستعيد نحو 30 ألف قطعة منهوبة، مبينا أنه حصل في ذلك الحين على دعم من المرجعية الدينية في تحريم تهريب الآثار وتدمير الأماكن والمواقع الأثرية.
ولفت الوزير إلى ان "متحف نابو" في لبنان، كشف عن وجود مجموعة قطع أثرية عراقية، وأرسل رسالة تفاوض إلى السفارة العراقية "فقمنا بدورنا بإحالة الأمر إلى وزارتي العدل والخارجية، فضلاً عن الشرطة الدولية والعربية لاستعادة هذه الآثار"، مبيناً أن "القائم على المتحف محرج، والحكومة اللبنانية، بكافة تشكيلاتها، غير راضية عن هذا المتحف".
وحمّل د. الحمداني المثقفين والإعلاميين وكل المهتمين في الشأن التراثي، مسؤولية الحفاظ على الكنوز الأثرية التي توثق حضارة وادي الرافدين العريقة.
بعد ذلك تحدث رئيس الاتحاد، الباحث ناجح المعموري، بشكل مفصل عن الديانات والمعتقدات في وادي الرافدين، بوصفه مهتما في هذا الحقل البحثي.
وشدد المعموري في حديثه على أهمية التعاون المشترك لحفظ التراث والآثار العراقية، مبينا أن العراق يضم الآلاف من المواقع الأثرية التي لا يمكن الحفاظ عليها وحمايتها من دون التكاتف والتوعية.
وكان آخر المتحدثين التدريسي في كلية التربية بجامعة واسط د. طالب منعم الشمري، الذي قدم لمحة عن الديانات في بلاد الرافدين وعن عصور السلالات، و"الإله نابو" الذي يعني اسمه "السيد العظيم" أو "السيد القلم" أو"حامي الكتّاب والمدافع عنهم".
وأضاف قائلا أن أبناء وادي الرافدين كانوا يعتقدون أن "الإله نابو" يبارك الملك بعد تنصيبه، حيث كان الملوك يقصدونه في حال أصيبت مناطق حكمهم بالقحط أو المرض أو تعرضت إلى ظواهر طبيعية أو حروب.

عرض مقالات: