غالي العطواني
عقدت الجمعية العراقية لعلم النفس السياسي، أخيرا، ندوة بحثية بعنوان "لماذا لم تستقر الدولة العراقية منذ تأسيسها؟ (رؤية انثروبولوجية)"، ضيّفت فيها الباحث د. علاء حميد إدريس، الذي تحدث عن دوامة اللااستقرار السياسي في العراق منذ تأسيس الدولة عام 1921 إلى يومنا هذا.

الندوة التي عقدت تحت شعار "نحو ثقافة سياسية إنسانية تحقق كرامة المجتمع وعقلانية الدولة"، والتي احتضنتها قاعة أكاديمية بغداد للعلوم الإنسانية، حضرها جمع من الأكاديميين والباحثين والمثقفين، فيما أدارها الباحث في علم النفس السياسي د. فارس كمال نظمي، واستهلها بتقديم سيرة الضيف الأكاديمية، مبينا انه حاصل على شهادة الدكتوراه في الانثروبولوجيا، ومتخصص في مجال الاثنيات والقوميات، وله مساهمات بحثية أساسية في العديد من الدراسات الاجتماعية العراقية.
د. علاء حميد، طرح من جانبه سؤالا قوامه "لماذا لم يتم التوصل إلى مرحلة ثبات للسياقات الاجتماعية والسياسية في العراق، للانتقال من السلطة إلى الدولة؟".
وفي معرض إجابته عن السؤال الذي طرحه، تطرق إلى بدايات نشوء الدولة العراقية عام 1921، ملقيا الضوء على بعض الاضطرابات السياسية والحركات الاجتماعية التي شهدها البلد منذ ذلك الحين.
وعرّج الباحث الضيف على انقلاب بكر صدقي عام 1936، وعلى حركة رشيد عالي الكيلاني عام 1941، ووثبة كانون 1948 الجماهيرية، التي ألغت "معاهدة بورتسموث" الاستعمارية، وأسقطت حكومة صالح جبر.
ثم واصل حديثه متناولا فترة التحول من النظام الملكي إلى النظام الجمهوري عبر ثورة 14 تموز 1958، حتى انقلاب شباط عام 1963 وهيمنة حزب البعث ونظام صدام حسين المقبور على السلطة عام 1979، وما تخلل هذه الفترة من اضطرابات، بدءا من الحرب العراقية - الإيرانية، ومرورا باجتياح الكويت وحرب الخليج الثانية، التي أعقبها الحصار الاقتصادي على العراق، حتى سقوط النظام الدكتاتوري المباد عام 2003.
وتحدث د. حميد عن الاضطرابات الطائفية التي شهدها العراق بعد التغيير، والتي تواترت على إثر تفجير قباب الإمامين في سامراء عام 2006، وما خلفه ذلك من صدام سني – شيعي، ليأتي العام 2010 الذي تعرضت فيه "كنيسة سيدة النجاة" في بغداد، إلى هجوم إرهابي، تسبب في هجرة المئات من المسيحيين.
بعدها تناول عام 2014 الذي سيطرت فيه عصابات داعش الإرهابية على مدينة الموصل والكثير من الأراضي العراقية، لافتا إلى أن كل ما ذكره من حوادث ساهم في تفكيك النسيج الوطني والاجتماعي في العراق، حتى أصبح اللااستقرار واضح المعالم، وبدأت ملامح ظاهرة "التصفير السياسي" بالظهور، والتي يعني بها إفراغ النظام السياسي والاجتماعي من أي تراكم دائم لتقاليد ومعايير، تكون إطاراً مستقراً لإدارة الصراع.
وفي جانب ذي صلة، تطرق الباحث الضيف إلى بعض الرؤى التي طرحها عالم الاجتماع الراحل د. علي الوردي، حول طبيعة المجتمع العراقي. كما تطرق إلى كتاب "العمامة والأفندي" للباحث الراحل د. فالح عبد الجبار، وما تضمنه بهذا الصدد.
وبيّن ان شكل السلطة العراقية، منذ عام 1921 وحتى الوقت الراهن، غير متوازٍ، وأن العراق بات في حالة شبه دائمة من التضاد بين السلطة والمكان، موضحا أن اللااستقرار السياسي يمثل اضطراب المكان من الداخل ومن جميع جوانبه، وان ذلك كله سببه رأس النظام الحاكم.
وانتهى د. حميد إلى اقتراح جملة حلول لمشكلة اللااستقرار السياسي، أبرزها تطوير مؤسسة الجيش (القوة)، وتطوير المؤسسة الاقتصادية (الكلفة)، فضلا عن تطوير التعليم (المعرفة).

عرض مقالات: