قال الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب في العراق، الشاعر إبراهيم الخياط، أن الأديبة النجفية حياة شرارة، التي أعلن انها وجدت في العام 1997 ميتة مختنقة بالغاز في شقتها مع واحدة من بناتها، لم تنتحر مثلما أشيع وقتها، موضحا ان الحادثة كانت مدبرة من قبل أجهزة النظام البعثي القمعية.

جاء ذلك في أمسية ثقافية حول سيرة الأديبة حياة شرارة وتجربتها في حقلي الأدب والترجمة وحادثة اغتيالها، أقامتها اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في محافظة النجف، أخيرا، وضيّفت فيها الخياط.

الأمسية التي حضرها جمع من الشيوعيين والمواطنين الآخرين من الأدباء والمثقفين والمهتمين في الشأن الأدبي، أدارها رئيس اتحاد الأدباء والكتاب في النجف د. باقر الكرباسي. فيما استهلها الخياط بالحديث عن مدينة النجف، على اعتبارها بيئة ثقافية وأدبية ودينية، مشيرا إلى أن الأديبة حياة شرارة ولدت ابان ثلاثينيات القرن الماضي في هذه البيئة، وترعرعت في أجوائها وبين أبناء مجتمعها.

وأضاف قائلا إن والد الأديبة المغدورة محمد شرارة لبناني الأصل، كان قد جاء إلى النجف ليدرس الفقه في حوزتها العلمية ومدارسها الدينية، فتدرج في الفقه حتى بلغ مرحلة الاجتهاد، ثم تحوّل تحولا نوعيا من خلال تبنيه الفكر الماركسي، وانتمائه إلى الحزب الشيوعي.

وأشار الضيف إلى أن والد الأديبة انتقل بعد ذلك للعيش في بغداد، حيث مكث فيها مع عائلته ما تبقى من عمره، الذي امتد حتى نهاية عقد السبعينيات من القرن الماضي، مخلفا وراءه إرثا أدبيا ثرا، وبنتا "هي ثالثة الأثافي بعد شقيقتين" – على حد تعبيره –.

وتابع قوله إن تلك البنت هي حياة، التي اختطت طريق والدها متأثرة به وبالشخصيات الثقافية والأدبية النخبوية التي كانت ترتاد الصالون الأدبي العائد إلى أبيها، موضحا أن والد حياة حرص على افتتاح هذا الصالون، ليكون معلما ثقافيا مهما في مدينة النجف، ما أثر بشكل كبير على نشأة ابنته وتوجهاتها الثقافية والسياسية.

وتطرق الخياط إلى تفاصيل مهمة في سيرة الأديبة حياة وتشكلها الثقافي ودراستها في مصر، ثم عودتها إلى العراق بعد ثورة 14 تموز 1958، لتباشر دراستها الأولية في بلدها، مضيفا أنها بعد ذلك انتقلت إلى موسكو لتكمل الدكتوراه متخصصة في الأدب الروسي، ولتعود أستاذة في كلية الآداب بجامعة بغداد/ قسم اللغة الروسية.

وأشار إلى أن حياة شغلت كرسيها العلمي بجدارة، حتى أبعدتها السلطات البعثية الدكتاتورية عنه، مستهدفة إياها بسبب كونها تنتمي إلى الحزب الشيوعي ومن عائلة شيوعية، مبينا أن مسلسل الاضطهاد بحق الأديبة المغدورة استمر حتى بعد شمولها بقرار العودة إلى الجامعة، بعد أحداث 1991، ليجري إبعادها مجددا عن كرسيها العلمي.

وتناول الأمين العام لاتحاد الأدباء أهم مؤلفات الأديبة حياة المنشورة، من بينها رسالتها في الدكتوراه عن الروائي الروسي الشهير ليو تولستوي، فضلا عن ترجماتها الأدبية عن اللغة الروسية.

وفي ختام الأمسية أثار الخياط حادثة اغتيال حياة شرارة، نافيا خبر انتحارها الذي ذكرته محاضر الشرطة آنذاك، ومطالبا الحكومة بإعادة فتح التحقيق في ملف القضية "وإنصاف هذه الأديبة الأصيلة التي آثرت على نفسها أن لا تغادر العراق مع أفواج المغادرين في عقود الظلام الصدّامي، فبقيت لتلقى مصيرها المحزن".