طريق الشعب
ضيّف "منتدى الكرادة" الثقافي، الأسبوع الماضي، الكاتب رشيد غويلب الذي قدم محاضرة عنوانها "العراق، فنزويلا، الازمة السياسية: مآلات ومقارنة"، حضرها جمع من والمهتمين في الشأن السياسي. وأدار المحاضرة ، السيد عصام عبد يوسف، الذي قدم نبذة عن الضيف واهتماماته.
الكاتب غويلب، وفي مستهل حديثه طرح جملة من الملاحظات حول الراهن السياسي بشكل عام، مؤكدا أهمية التضامن مع الشعوب المناضلة وقواها الديمقراطية، ومشيرا في الوقت ذاته الى الفعاليات التي نظمها الشيوعيون للتضامن مع الشعبين الفلسطيني والسوداني.
وأضاف قائلا ان جلسة، تأتي للتعريف بطبيعة الصراع الجاري في فنزويلا، وخلفياته ومحطاته، مبيّنا ان الصراع الدائر بين قوى اليسار والتحرر والتقدم في العالم من طرف، والمراكز الرأسمالية من طرف آخر، يجري في ظل تفوق عسكري واقتصادي واعلامي للأخيرة "ومن هنا تأتي اهمية دفاع اليسار عن انتصاراته المتحققة، وعدم تخليه عن مواقعه تحت اي ذريعة كانت. وكذلك اهمية التراكم الذي خلفته التجارب السابقة. كالتجربة الاشتراكية في شرق اوربا، والمعارك الانتخابية التي خاضتها تحالفات اليسار في امريكا اللاتينية".
وبخصوص التطورات الجارية في فنزويلا، اشار المحاضر : "المساعي الانقلابية لليمين المعارض المدعوم من الولايات المتحدة، تأتي في سياق هجمة عامة منسقة بدأت منذ اكثر من 5 سنوات لاسترداد المواقع المهمة التي فقدتها الامبريالية في العديد من بلدان امريكا اللاتينية". ثم تناول خلفيات الصراع الدائر في فنزويلا ومحطاته، منذ فوز الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو شافيز في انتخابات الرئاسة عام 1998، عارضا اهم انجازات اليسار السياسية والاجتماعية، مرورا بالصعوبات التي واجهتها التجربة، وتوظيف ذلك من قبل اليمين المعارض وحلفائه الخارجيين، و مساعي اليمين الانقلابية الاخيرة التي بدأت في 23 كانون الثاني الماضي، والمحاولة الفاشلة لتنفيذ تدخل عسكري في 23 شباط الماضي بحجة ادخال "معونات انسانية"، والمتغيرات التي حدثت بعد ذلك على مواقف الداعمين للانقلابيين، والتي تجسدت برفض خيار الغزو والتدخل الخارجي من قبل الاتحاد الأوربي ودول "مجموعة ليما"، إلى جانب موقف الامم المتحدة الواضح الداعم للشرعية.
وتابع قائلا ان الحكومة الشرعية المنتخبة ديمقراطيا حققت نجاحا في صراع لا يزال مفتوح المآلات، وان امكانيات الدفاع عن التجربة اليسارية قد تعززت.
وتناول غويلب المشكلات الاقتصادية التي شكلت مدخلا رئيسا لمحاولات اسقاط الحكومة الشرعية، مشيرا الى طبيعة الاقتصاد الريعية المعتمدة على تصدير النفط في فنزويلا، وإلى التبعية الاقتصادية، وثقافة الاستهلاك التي كرستها الولايات المتحدة، منذ بدايات بناء الدولة الفنزويلية في عشرينيات القرن الماضي، وعدم قدرة حكومة اليسار، رغم المحاولات التي بذلتها، للإفلات من هذه الكماشة، ومن العقوبات الاقتصادية الجائرة وغير الشرعية التي تفرضها الولايات المتحدة على فنزويلا، والمتمثلة في حجب الأموال عن الحكومة الشرعية، ووضعها تحت تصرف اليمين الانقلابي.
وأكد التشتت الذي تعانيه المعارضة اليمينية، وعدم قدرتها على تعبئة الاوساط الشعبية الواسعة، التي استفادت من المكاسب الاجتماعية التي حققها اليسار في العشرين سنة الاخيرة.
وافرز المحاضر مساحة للتعريف بمواقف الحزب الشيوعي الفنزويلي المشارك في تحالف اليسار الحاكم، ودفاعه عن التجربة اليسارية، ومرافقته اداء الحكومة برؤية نقدية عميقة، ومطالبته الرئيس الفنزويلي وحكومته بتعميق المنجز على طريق تحقيق سلطة الشعب الاشتراكية.
وفي الختام لخص غويلب نقاط التشابه والاختلاف بين الصراع الدائر في فنزويلا والصراع الدائر في العراق. وفي هذا السياق أشار الى الطبيعة المشتركة للاقتصاد الريعي، والفساد المستشري، والذي يمتاز بالاتساع والعمق في العراق، مضيفا ان "امكانية الدفاع عن التجربة اليسارية في فنزويلا حاضرة، في حين ان النضال من اجل البديل في العراق أصعب وأعقد، لكنه ليس مستحيلا".
كذلك أشار إلى التشابه في دور العامل الاقليمي والدولي المعيق لتحقيق البديل المرجو.
هذا وقدم الحاضرون جملة من المداخلات والاستفسارات التي عقّب عليها الكاتب رشيد غويلب باستفاضة.

عرض مقالات: