للتاريخ سحر خاص وشغف لا نهاية له فالدخول الى الواقع المتعفن الذي تعيشه البشرية يبدأ من قراءة الواقع من منظور تاريخي ...

وأنا أقرأ كتاب الحرس القومي ودوره الدموي في العراق ( جرائم أول ميليشيا بعثية في تاريخ العراق المعاصر 1963 ) للباحث فايز الخفاجي لفت انتباهي كمية الدم الهائلة التي تسيل من سطور الكتاب فمنذ طي صفحة الملكية والعراق يعيش في جحيم فلا يوم مضى بسلام كل الايام تخللتها موجات عنف وغضب حصدت ما لا تستطيع الأرقام احصاءه فالانقلابات هي الثقافة السائدة والصراع بين الاحزاب الغى الفوارق العقائدية، وادبيات الحزب الواحد كانت سمة المتحاربين، وسمة الحق وجدت نفسها عالقة على جنبات البنادق وصفائح المدرعات وسمة الباطل رسمت ابعاد المرض والداء بالبيان رقم واحد ...

قوافل كثيرة مرت من العراق كل واحدة حملت راية وقواميس من البلاغة السياسية اجتمعت في العلن وخلف الكواليس وضعت الدسائس والمؤامرات في النهار، يخرجون الى الشوارع يحملون الشعارات التي تمجد طقوسهم وشعائرهم في الليل يحضرون قوائم المدعوين لحفلة القتل، البطاقات وزعت على الكثيرين. البعثيون انقسموا أجنحة ،اسسوا قيادات داخل قيادات، اقاموا المؤتمرات، اعلنوا عن مقررات والغيت في مؤتمرات، حصنوا الحرس القومي الفاشي بالتشريعات وبين ليلة وضحاها حاصروا مقراتهم بالدبابات، القوميون الرجعيون ناصروا البعث الرجعي وقفوا معهم لا حبا في فكر عفلق والبيطار انما نكاية بالشيوعيين الذين يبغضون القومجية ، ويؤمنون بأرفع المبادىء الانسانية الا وهي الاممية الخالية من رواسب العنصرية العرقية، حتى حركة القوميين العرب حصلت على حصتها من الاهانة والاذلال، لكن المتضرر الاكبر من كل هذه الفوضى الحزبية البعثية كان الحزب الشيوعي العراقي حيث قتل واعتقل الالاف من اعضائه وتعرضوا إبادة جماعية على يد البعث الوضيع فالقضاء على الحزب الشيوعي العراقي كان الهدف الاول لكل انقلاب مشوه ومؤامرة خبيثة. رغم هذا بقي الحزب الشيوعي العراقي شعلة تشرينية وهاجة لا يمكن كسرها او حجب شعاعها فنبع الماركسية والاشتراكية واليسار العالمي لا ينضب ففي كل اصقاع الارض رايات للشيوعية ومنابر للرفاق، وامناء ثوريون للسنديانة الحمراء ..

انتهى كل هذا حين تسلم البعث سدة الحكم بدأت مرحلة اخرى لا تقل فظاعة وشناعة عن سابقتها مجازر تحت اسماء اخرى اعتقالات مصنفة وفق قوانين ما بعد عصر البكر حروب عبثية اطاحت بعنفوان وشموخ النخيل والهور ...

المجد والخلود لشهداء الحزب الشيوعي العراقي ...

 

عرض مقالات: