ضيّف "تجمع شارع المتنبي" الثقافي، صباح الجمعة الماضية، الباحث ثامر الهيمص، الذي قدم محاضرة بعنوان "آراء اقتصادية على هامش الموازنة الاتحادية لسنة 2019"، بحضور نائب سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق مفيد الجزائري، وعضو المكتب السياسي للحزب د. عزت أبو التمن، إلى جانب جمع من المثقفين والناشطين والإعلاميين والمهتمين في الشأن الاقتصادي.

المحاضرة التي احتضنتها "قاعة جواد سليم" في المركز الثقافي البغدادي بشارع المتنبي، والتي أدارها الخبير القانوني محمد السلامي، استهلها الباحث الضيف متحدثا عن الموازنة - التي تعني السياسة المالية للدولة في سنة واحدة - وعلاقتها بتنمية الاقتصاد والنهوض بالواقعين الاقتصادي والاجتماعي، وكيف أن ذلك يتم من خلال وجود رقابة فعالة لمخرجاتها، اضافة الى وجود تطابق بين الموازنة وخطط التنمية.

وفي حديثه عن الموازنة الاتحادية لعام 2019 في العراق، تناول الهيمص تخصيصاتها المالية لجميع الوزارات والمحافظات، مشيرا الى ان الموازنة تحولت في أغلبها، الى أمانة الصندوق، لتدفع على شكل رواتب ومخصصات وامتيازات.

وتابع قائلا ان الديون أضعفت ميزانية عام 2019، بسبب تخصيص الاموال من قبل الحكومات السابقة للحرب ضد عصابات داعش الإرهابية، مبينا ان حجم المفارقات في الموازنة يضعها امام تحديات كبيرة، فيما يتوجب ان تشكل الموازنة جزءا من المنهاج الوزاري، وان تكون ضمن الخطة الخمسية، وهذا ما لم يحصل – على حد قوله.

ومن بين المفارقات التي اشار اليها الباحث الضيف في محاضرته، هو حجم التخصيصات المالية للدرجات الخاصة والحمايات واللجان والمستشارين، والتي تصل الى المليارات، فيما تقابل ذلك كله، الاعداد الكبيرة من العاطلين عن العمل!

كما لفت إلى وجود أربعة آلاف درجة خاصة تدار بالوكالة وتُصرف لها رواتب كاملة، مبينا انه "في الوقت الذي يتسرب فيه يوميا قرابة 360 طالبا من المدارس، وتوجد 800 مدرسة طينية، هناك 150 ألف موظف يتسلمون رواتب ثلاثة موظفين، بحسب تقارير صندوق النقد الدولي".

وذكر الهيمص أن نسبة العجز في ميزانية 2019، تبلغ 29 تريليون دينار، فيما تبلغ نسبة الديون، والتي تضطر الحكومة إلى ان تدفع فوائدها، 8 مليارات دولار، أما في ما يتعلق بالاستيراد السنوي للعراق، فقد بلغت نسبته 50 مليار دولار، حتى العام 2017".

وحدد المحاضر جملة من الحلول لمشكلات الموازنة ومفارقاتها، لافتا الى ان هذه التحديات الاستثنائية ينبغي ان تواجه من خلال تشغيل المشاريع المعطلة منذ تسعينيات القرن الماضي، والمتمثلة في 90 الف ورشة ومشروع حكومي واهلي، ومؤكدا في الوقت ذاته، انه "لو اعيدت الحياة لهذه الورش فإنها ستقوم بتشغيل مليون عراقي".

ولفت الباحث الضيف إلى أهمية الميزانية المخصصة لميناء الفاو، والبالغة 400 مليار دينار، مشيرا إلى ان هذا المشروع يعد نقطة دعم، نظرا لدوره في ربط العراق بـ "طريق الحرير"، وبالتالي يربطه مع اوربا.

كذلك دعا في ما قدمه من مقترحات لعلاج المشكلات الاقتصادية، إلى ضبط التحصيلات من المنافذ الكمركية، وحماية المنتج المحلي من خلال إيقاف الاستيراد العشوائي "الذي حطم الصناعة والزراعة الوطنية"، مشددا على أهمية حسم الاسباب البنيوية الحقيقية التي ادت الى حصول مفارقات في الموازنة، ودعم التوجه الاخير لرئيس الوزراء في رصد حالات الفساد، والمطالبة بالإسراع في الكشف عن ملفات الفساد البالغ عددها 13 ألفا، والتي أعلنت عنها هيئة النزاهة، وتقديم تلك الملفات للقضاء.

وآخر ما طرحه المحاضر من حلول، هو تنمية "القوى الناعمة" في البلد، المتمثلة في منظمات المجتمع المدني، لتقوم بدورها بتسليط الاضواء على العقبات والمفارقات الموجودة في الميزانية.

وفي الختام قدم الرفيق د. عزت أبو التمن، شهادة تقدير باسم التجمع إلى الباحث ثامر الهيمص.

عرض مقالات: