يبدو الامر وكأنه صار لزاما علي الكتابة عن رفاقي واصدقائي الذين يغادرونا وما أكثرهم
قبل سنوات كان عبد علوان (ابو بشرى)، وبعده ملازم فائز (سلام ابراهيم)، وقبل ايام كان الشاعر والكاتب جاسم الولائي، واليوم العزيز ( أبو ولسن ).
هاهي الاوراق تتساقط في فصل الخريف ..هذا الفصل كم صار ثقيلاً وطويلا وموحشاً..
غادرنا يوم امس الاحد الرفيق وحيد الزهيري (أبو ولسن) بعد مرض الم به لم يمهله طويلا ، حيث المرض الخبيث في الكبد، وكانت معاناته كبيره حين انتشر في بقية انحاء جسمه الضعيف.
منذ اعوام طوال جمع الفقيد اغلب كتب ماركس ومفكرين اخرين واصبحت مكتبته عامره بالكتب الكلاسيكية، اضافة على اصراره تعليق صورة كارل ماركس في بيته .
وكنا دائما نستعير الكتب من مكتبته، بعضا منها للفائدة في الدورات الحزبية التي تقيمها منظمة الحزب الشيوعي العراقي .كان قارئاً جيدا للكتب الكلاسيكية، ومعنونا حديثه دائما بضرورة قراءة الماركسية، فهي الافكار التي يجب أن يحملها حزبنا كما كان يردد في كل مرة ، وعندما نريد ان نتكلم في التثقيف الذاتي كنا نعرف حديث العزيز ابو ولسن مسبقا، وارتبط كلامه دائما عن ماركس وكتاباته.
كان يؤكد بإصرار لمحدثيه من ان ماركس ومؤلفاته وكل افكاره هي الحياة التي نعيش فيها وعليها في كل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، و عن ضرورة الوقوف بالضد من الرأسمالية المتوحشة، وما أفرزته من ازمات اقتصادية عالمية، وان ماركس وانجليز اللذان ناصرا الطبقة العاملة وسائر البروليتاريا، هم القوة التي تكسب المعركة مع مستغليهم. وان اي ثورة او تغير يكمن في تفعيل هذه الافكار التي تضع الشعوب في المساواة والعدالة الاجتماعية والقدرة على العيش الكريم.
كان يقول مر الزمن وازدات قوة امريكا الراسمالية كما نلاحظها الان تخلق المشاكل للدول النامية حتى لاينمو اقتصادها وتبقى اسواقها بحاجة الى المنتجات الراسمالية والمواد الاولية للصناعة تشتريها بابخس الاثمان فاخذت ترعى المشاكل في هذه البلدان وما يحدث الان خير دليل على ذلك...
استفسرت منه مرة:
- لو رجعت إلى سنوات الشباب هل تحمل نفس الفكر؟
وأجابني دون تردد:
إن الماركسية هي رمز الإنسانية وهي تعادي الروح الأنانية، وانني اعيد نفس الطريق الذي هو بناء العدالة الإجتماعية والإشتراكية، هذا الفكر الذي يساعد ويدعم الفقراء والكادحين والعمال والفلاحين، كما يجب الإعتماد على الثقافة الشعبية، وتوعية شعبنا بالتدخلات الأمريكية والرأسمالية ودورها التخريبي في بلادنا. وعلينا أن نقول صراحة أننا نريد دولة علمانية،أي فصل الدين عن الدولة. وحول التظاهرات ناشداً ابو ولسن قيادة الحزب وكوادره رفع الروح الثورية لرفاقهم والعمل بنشاط ضد الأفكار الرجعية..
ولد الفقيد 1943 في ناحية الميمونة... عاش إبن محافظة ميسان (وحيد سالم شخير الزهيري- ابو ولسن) في أجواء دينية حيث والده أحد شيوخ الطائفة المندائية (الشيخ سالم)، وهو معروف في المحافظة. عاش بالقرب من الأهوار والأنهر، حيث وفرة المياه ، وعاش بين الصرائف والاكواخ وسمع أغاني سيد محمد وكريري وغيرهم، وإمتزجت علاقته مع أبناء مدينته بطيبتهم، وقرأ تاريخ بلاد سومر وأكد وبابل، وتزود بالمعرفة العامة والخاصة، وقرأ الماركيسية واللينينية، وإنتمى إلى الحزب الشيوعي العراقي ،حيث ربط حياته ومستقبله به.
بعد الهجمة على الحزب الشيوعي العراقي من قبل النظام الدكتاتوري 1979 سافر الى الجزائر ودرس اللغة العربية هناك.كان ابو ولسن يتألم على هذه الاوضاع ويقول يجب على الشعب ان يثور ضد هؤلاء الذين ارجعو البلاد الى التخلف والفقر والتراجع في القيم والثقافة والتعليم والصحة وغير ذلك.بعد عام 1988 رجع الى سوريا حيث عمل في مقر الحزب الشيوعي العراقي في دمشق، وفي بداية التسعينات سافر إلى السويد مع عائلته.الف تحية الى غالينا ابو ولسن.
21 كانون الثاني 2019 ستوكهولم