اجرى الحوار: شه مال عادل سليم
قررالحزب الشيوعي الكوردستاني عدم المشاركة في حكومة إقليم كوردستان الجديدة وعدم التصويت لها في البرلمان، واللجوء إلى المعارضة خلال الاربع سنوات القادمة لأسباب كثيرة منها: إن القوى التي ستشكل الحكومة الجديدة لا تلبي طموح الكوردستانيين كسابقتها ,لانها تعتمد على تطبيق سياسة (الاصلاح الاقتصادي) التي تجري إستجابة لشروط صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والخصخصة المفرطة في السياسة الاقتصادية وتقليص الإنفاق على الخدمات الاجتماعية مثل التعليم والرعاية الصحية، وتخفيض الإنفاق على الضمان الاجتماعي والخ ... ,إضافة إلى إن العمل الحكومي في الإقليم يتسم بالضبابية وبغياب واضح لبرنامج ورؤيا تُمكّن من القيام بإصلاحات جذرية وهيكلية, وعليه أن امكانية معالجة الفقر والبطالة والمشاركة السياسية للطبقات والشرائح المهمشة في ظل هذه السياسات مستحيلة ، إضافة الى عقم الازمة السياسية في الإقليم وإحتكار السلطة واتساع الفساد وفقدان الشفافية ...
وحول هذه المواضيع ولمعرفة الحقيقة ومعالجة نقاط الخلل في الحياة الحزبية ، والاهتمام بوضوح الخطاب السياسي للحزب الشيوعي الكوردستاني وإيصاله بشكل مباشر للجماهير, والعمل من اجل تشكيل جبهة يسارية كوردستانية, أجرينا هذا اللقاء السريع مع عضو برلمان إقليم كوردستان السابق والقائد الشيوعي المعروف بمواقفه الجريئة والوطنية الرفيق (عبد الرحمان فارس عبد الرحمن) المعروف بـ (ابو كاروان)* ..
س: الرفيق أبو كاروان, لماذا بعد اكثر من 26 عام من الحكم الأوليغارشي الكوردي المحتكر للسلطة والقرار في إقليم كوردستان, قرر الشيوعي الكوردستاني عدم المشاركة في الحكومة الجديدة , وهل هذا القرار هو قرار(مؤقت)كما يقال هنا وهناك , أم هو (قرار نهائي) لا رجعة فيه ؟
ــ نعم ....بعد نقاشات عميقة ومستفيضة قررت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكوردستاني في اخر اجتماع لها عدم المشاركة في الكابينة الجديدة لحكومة إقليم كوردستان، وعدم التصويت لها في البرلمان, وذالك لاسباب عديدة اهمها :
أولاً ـ لإعتقادنا بان القوى التي ستشكل الحكومة الجديدة تعتمد كسابقتها على خيار الليبرالية الجديدة (حيث يزيد الفقراء فقراً، ويزيد الأثرياء ثراءً) والخصخصة المفرطة في السياسة الاقتصادية. ونری ان امكانية معالجة الفقر والبطالة والمشاركة السياسية للطبقات والشرائح المهمشة في ظل هذه السياسات مستحيلة.
فخلال السنوات الماضية بذلنا جهودا كبيرة لحل مشاكل الإقليم وقدمنا عشرات المشاريع القابلة للتنفيذ من أجل تحسين أوضاع المواطنين المُتضررين من (سياسات الاقتصاد الريعي) والمثقلين بهمّ الانهيار الاقتصادي الذي سيُلقي على عاتهم وحدهم , وبدل إعداد الدراسات اللازمة لفحص إمكانية تنفيذ هذه المشاريع على ارض الواقع , استمرت السلطة في عملها بمنطق المحاصصحة الحزبية من اجل المصالح الذاتية والفئوية والحزبية الضيقة واستمرت في سياسة الإقتسام والمناصفة والاستئثارعلى جميع المستويات, والنظرة القصيرة في الرؤية الى الاشياء وغيرها من الامورالتي تثير قلق المواطنين , إضافة إلى عدم السعي لحل المشكلات الاقتصادية والممارسات غير السليمة التي سبق لحزبنا ان شخصها واعلنها للرأي العام في بيانات رسمية وطالب الحزبين (الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني) بمعالجتها, ولكن دون جدوى ...., ولهذه الاسباب ولاسباب كثيرة اخرى معروفة للجميع لم تستطيع هذه السلطة ان تكون سلطة المؤسسات والتقاليد الديمقراطية الصحيحة.
ثانياً ـ تعتمد السياسة الاقتصادية في الإقليم على تطبيق ( الاصىلاح الاقتصادي ) التي تجري استجابة لشروط صندوق النقد الدولي والبنك الدولي, لإجراء تغيير هيكلي في الاقتصاد لتحويله من اقتصاد قائم على التخطيط المركزي وهيمنة قطاع الدولة إلى اقتصاد سوق منفلت ( الحر ) وفق قناعات مسبقة بالفكر الليبرالي الجديد, الذي يتطلب اعتماد السوق محورا للنشاط الاقتصادي وألية لتوجيه الموارد , والتوجه نحوخصخصة شاملة وسريعة, حتى دون ان تسبقها دراسات جدية, ووفق هذه السياسة يجري تضييق جذري لدور الحكومة الاقتصادي يصل حد الالغاء, وتعطي الاولوية للقطاع الخاص والتي تخدم البرجوازية الطفيلية والبيروقراطية،
وعليه نحن في الحزب الشيوعي الكوردستاني نعتقد بان هذه السلطة لاتستطيع الوفاء بالتزاماتها ولاتستطيع ان تعالج الفقر والبطالة ومشكلة الرواتب والإدخارالإجباري ومشكلة الكهرباء والماء , ولا تستطيع أن تحقق( لإصلاح الحقيقي) ...
ونظراً للأسباب التي ذُكرتها اعلاه ,نرى ان قرارعدم مشاركتنا في الحكومة الجديدة هو قرار(صائب وفي محله).
ــ و للأجابة على الجزء الثاني من سؤالك, اقول: نعم, نلتزم بقرار(عدم المشاركة في الحكومة الجديدة), لاننا لم نلتمس أي نوايا صادقة وجادة من القوى المتنفذة التي تُشكل الحكومة الجديدة لمعالجة المشاكل, لكي نقوم بمراجعة قرارنا.
س: تصريح وتلميح (هندرين احمد ـ القيادي في الحزب الشيوعي الكوردستاني) لصحيفة ( باسنيوز )الكوردية حول تشيكل الحكومة الجديدة واختيار (مسرور بارزاني) لرئاسة الحكومة و(دوره المحتمل في تنظيم دولة مؤسساتية ومحاربة الفساد ـ حسب رؤية احمد) , وعلى الرغم من التوضيح الذي نشره(احمد) على صفحته في (الفيس بوك) مُؤكداً (أن العبارة المثيرة للضجة التي نشرت في صحيفة (باسنيوز) ناجمة عن عدم دقة ناشر الخبر)....! فان تصريحه خلق جوا من التصدع واللغط والتضارب في الآراء والمواقف، وخاصة بعد إعلان الشيوعي الكوردستاني رسمياًعدم مشاركته في الحكومة الجديدة....!!
سؤالي هو: كما تعرفون, إن هذه التصريحات المتضاربة والصادرة من بعض قياديي الشيوعي الكوردستاني تسبب تعقيدات في فهم موقف الشيوعي الكوردستاني الرسمي (كحزب) وتخلق فوضى و أجواء مناسبة للشائعات المغرضة , اسأل , من هو الناطق الرسمي أو المتحدث الرسمي للحزب الشيوعي الكوردستاني , لان كما تعرفون ان عدداً من وسائل الاعلام الكوردستانية تستضيف بين فينة واخرى بعض من الشخصيات القيادية الشيوعية وتنسب اليهم (صفة المتحدث باسم قيادة الشيوعي الكوردستاني)؟
ــ في الحقيقة لحد هذه اللحظة (لا يوجد اي متحدث او شخص مخول بالحديث باسم الحزب الشيوعي الكوردستاني ), وعليه اقول بكل صراحة ومن خلال هذا الحوار : إن اي تصريح يصدر خارج إطار المكتب السياسي واللجنة المركزية (لا) يمثل موقف الحزب الرسمي اطلاقاً .
بمعنى اخر, أنّ كل تصريح شخصي يصدرمن قبل اي شخص مهما كانت درجته الحزبية ,إذا (تناقض) مع تصريح أوقرارالمكتب السياسي واللجنة المركزية ,يعتبرتصريحاً باطلاً وبلا مصداقية وخرقًا فاضحًا للنظام الداخلي للحزب) ..
دعنى أقول وأؤكد مرة أخرى : إن اختيارالشيوعي الكوردستاني موقع المعارضة خلال الاربع سنوات القادمة , هو اختيار وقرار صائب وفي محله.
وفي نفس الوقت ندرك ونعرف جيدا صعوبة المهمة , الا اننا وبمساندة المخلصين من ابناء شعبنا وجماهيرنا الكادحة نبذل قصارى جهدنا لإنجاح مشروعنا والتحضير للعب دور فعال كقوة معارضة يسارية ديمقراطية, وعليه نحتاج اليوم إلى موقف قوي وموحد بعيداًعن التصريحات المتناقضة التي تضر ولا تنفع.
س: اسمح لي ابو كاروان , سؤال ورد في ذهني الأن , تفضلت وقلت : لا يوجد اي ناطق رسمي (كشخص) يمثل الحزب الشيوعي الكوردستاني .., أسأل: ما هي الحكمة من ذلك, ولماذا ليس لدى الحزب الشيوعي الكوردستاني اسوة بالاحزاب الاخرى متحدث رسمي ,على الاقل تجنباً للفوضى الشاملة التي يمكن أن تنتج عن تضارب وتشذرم التصريحات لبعض قياديي الشيوعي الكوردستاني من جهة , ولضمان السيطرة على المواقف والاراء المختلفة تجاه قضايا مصيرية مهمة وقطع الطريق أمام من يريد التصيّد بالماء العكر داخل وخارج الحزب والإهتمام بوضوح الخطاب السياسي للحزب وإيصاله بدون رتوش وبشكل مباشر للجماهير من جهة ثانية ,خصوصا ان الشيوعي الكوردستاني مستهدف من قبل الكثيرين لأسباب مختلفة ومعروفة للجميع؟
ــ سؤالك في محله, لقد تطرقنا الى هذا الموضع عدة مرات و لكنْ لم نتوصّل إلى اتّفاق نهائي , وذالك لسببين رئيسيين , الاول : يتعلق بموقف (بعض) قياديي الحزب, الذين يريدون ان يسيطروا ويستحوذوا على جميع مفاصل العمل الحزبي . والسبب الثاني هو : نفس هذه الاشخاص الموجودين في قيادة الحزب لا يريدون ان يكون للحزب متحدثًا رسميًا (فصيحاً جريئاً) ينتقد الحكومة والسلطة التي هي سبب جميع الاخفاقات والتراجعات والمشاكل في إقليم كورستان .
س ـ قبل اسبوعين تقريبا اجتمعتم في اربيل مع (الحركة الديمقراطية لشعب كوردستان وحزب كادحي كوردستان ) , هل لكم ان تتحدثوا عن اهمية واستمرارية هذه الإجتماعات ؟
ـ نعم هذا صحيح , في يوم الثلاثاء المصادف 4 كانون الاول 2018 اجتمعنا في اربيل مع ( كادحي كوردستان والحركة الديمقراطية لشعب كوردستان ) , ومن الجدير بالذكر إن الاجتماع كان بطلب من الحزب الشيوعي الكوردستاني, لان كما تعلمون ان العمل المشترك لقوى اليسار الكوردستاني هو جزء اساسي لتوجهاتنا الحزبية وسوف نستمر في ذلك التوجه لايجاد افضل اشكال التنسيق اليساري في كوردستان وذالك من اجل صون حقوق الطبقة الكادحة وشغيلة اليد والفكروالقضاء على كافة أنواع الإستغلال البشري ومن أجل مجتمع خالي من الإستغلال.
لقد تطرقنا في اجتماعنا إلى التحولات والكثير من المشاكل والعقبات والأزمات السياسية والاقتصادية المزمنة التي تعترض وتطحن ابناء الشعب الكوردستاني طحن الرحى وخاصة (اصحاب الدخل الضعیف) و الطبقات والفئات الكادحة وفي مقدمتها شغيلة اليد والفكر , واكدنا على ضرورة ربط النضال البرلماني مع النضال الجماهیري ونضال الشارع وبناء مواقفنا السياسية ضمن إطار التزامنا ببرنامج قائمة ازادي ( الحرية ) والتي تناضل من اجل تحسين معيشة الكادحين ومواجهة الفقر , وتدافع عن حقوق النساء , وتحقيق المساواة الجندرية ومنع تعدد الزوجات , وبناء الاقتصاد الوطني وانهاء الادخارالاجباري وتحسين النظام الاداري والمالي في كوردستان , وتقف بصمود ضد سياسة تخضع لشروط صندوق النقد الدولي , تلك السياسة التي انتجت في الإقليم اقتصادا راسماليا متخلفا وتابعا للمراكز الراسمالية العالمية .
كما وجهنا شكرًنا وامتنانا للحزبين الحليفين(الحركة الديمقراطية لشعب كوردستان و كادحي كوردستان ) ولكل من ساند قائمتنا ( ازادي ـ الحرية ) في الانتخابات الاخيرة والتي ستكون صوتاً معارضاً حقيقيا للجماهير الكادحه وصوتاً مدويا لقوی اليسار في كوردستان .
كما اتفقنا على تشكيل لجنتين : لجنة إعلامية , وأخرى للعمل البرلماني و التحضير للعب دورفعال كقوة معارضة يسارية ديمقراطية وربطه بنضال الجماهیر الكادحة والمسحوقة .
وناقشنا ايضأ العديد من المحاور المهمة والحساسة منها : اسباب وتبعات واثار الازمة الاقتصادية الخانقة التي يعاني منها الإقليم وتاثيرها على الجماهير الكادحة وشغيلة اليد والفكر, هذه الطبقات المسحوقة والمتضررة من سياسة النيوليبرالية المتوحشة , وافة الفساد (المالي والإداري) , وانعدام الشفافية واحتكار الأسواق من قبل السلطة لصالح شركات اجنبية احتكارية , و الخروقات التي رافقت إنتخابات برلمان كوردستان ) .
وفي ختام الاجتماع أكدنا نحن في الحزب الشيوعي الكوردستاني بان عدم اشتراكنا في الحكومة الجديدة لايعيق عملنا المشترك في حال مشاركة (كادحي كوردستان اوالحركة الديمقراطية لشعب كوردستان) في الحكومة الجديدة لان نضالنا المشترك مبني على أساس (ايماننا بالاشتراكية و بمفاهيمها العلمية الحقيقية والهوية الفكرية)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*القيادي الشيوعي (ابو كاروان) في سطور:
الرفيق (عبد الرحمن فارس عبد الرحمن) المعروف بـ(ابو كاروان) من مواليد ( قرية 12 امام ـ 7 كلم جنوب شرق مدينة كفري ) عام 1955 , نال عضوية الحزب في عام 1971, ساهم في الكفاح الثوري المسلح في الثمانينات من القرن الماضي وشارك مع (بيشمه ركَة) الحزب الشيوعي الكوردستاني في كثير من المعارك والملاحم البطولية ضد النظام البعثي الفاشي . تعرّض مع عائلته إلى جميع انواع القهر والظلم والسجن والملاحقة والابعاد على يد الانظمة العراقية المتعاقبة , فقد عدد كبير من افراد عائلته خلال جريمة الانفال الصدامية من بينهم : زوجته المناضلة (سركَول) التي وضعت مولودها في سجن (طوبزاوة)سيء الصيت غربي كركوك وسمتها ( داره مان ), وابنه ( كاروان مواليد 1983 ) وشقيقته (عفاو) ، كما استشهد شقيقه (نوري) في عام 1963 على يد (الحرس القومي) , و استشهد شقيقه سلام في ملحمة( ملااومر) عام 1981 , كما قدم العشرات من ابناء عمومته واقربائه بين شهيد و ومفقود ثمناً للحرية التي طالبوا بها. وهو الآن عضو في المكتب السياسي للحزب الشيوعي الكوردستاني.
ومن الجدير بالذكر, ان ابو كاروان رفض إستلام المنحة المالية المقررة ـ 48 مليون دينار ـ لاعضاء البرلمان الدورة الرابعة .