محمد الكحط -تونس-
في زيارتي الأخيرة لتونس والتي استغرقت عشرة أيام، وكنت قد زرتها سابقاً عام 2007، أكاد أجزم أن تونس بخير وبألف خير، فما زالت مدنية وحداثة أبن خلدون شاخصة، وما زالت شعلة الشاب محمد البوعزيزي (طارق الطيب محمد البوعزيزي الذي قام يوم الجمعة 17 ديسمبر/كانون الأول عام 2010م بإضرام النار في نفسه أمام مقر ولاية سيدي بوزيد) متقدة في حياة التونسيين، تونس بخير كون المدنية تجذرت في المجتمع ولم يستطع أحد تقليص مداها، تونس بخير ما دامت المرأة التونسية تقوم بعملها بحرية وتُحترم من الجميع وتمارس حريتها دون خوف أو عائق، تونس بخير كون مسرحها يبدع ويقدم الجديد الذي ينتقد السلبيات في المجتمع ويقدم البدائل، لقد شاهدت عرضاً مسرحيا بعنوان "مقامات بديع الزمان الهمداني" بروح العصر وبمواصفات التجديد المطلوبة، تونس بخير فما زال شعرائها وكتابها يبدعون ويقدمون الجميل والمزيد، ومازال المبدعون حريصون على مستقبل تونس، وها هو معرض الكتاب التونسي الذي أفتتح يوم 19 اكتوبر 2018 يقدم شهادة على ذلك، تونس بخير لأن عمالها وفلاحيها يواصلون عطائهم وينتجون، تونس بخير فما زال الفنانون التشكيليون يرسمون صور المستقبل البهي لبلادهم الجميلة.
هنالك صور عديدة جميلة شاهدتها، مدينة الثقافة هذا الصرح الكبير والجميل ليس ببنائه فقط، بل بما يقدمه كل يوم من نشاطات متعددة في كافة مجالات الثقافة والإبداع، تحاورنا كثيرا مع مواطنين عاديين ومثقفين من مختلف التوجهات، فالطموح والتفاؤل والأمل بالمستقبل هو السائد، ليس هنالك سذاجة ما، بل الجميع ينطلق من الواقع ومعرفة الامكانيات والظروف المحيطة بالبلد ويسعون الى التطوير حسب تلك الأمكانيات، نعم قد تسير الأمور ببطأ بعض الشيء، لكنها تسير، وتسير الى الأمام دون انقطاع، تونس بخير وستظل تونس الخضراء، خضراء بعطائها الى الأبد.