تضامن عبد المحسن
ضيّف "تجمع شارع المتنبي" الثقافي، صباح الجمعة الماضية، المصور الفوتوغرافي الشاب حسين مطر، الذي قدم عرضا تصويريا لجوانب من تراث بغداد المعماري وسط جمع من المثقفين والإعلاميين والناشطين.
الجلسة التي حملت عنوان "التراث المعماري البغدادي بين الماضي والحاضر"، والتأمت على "قاعة علي الوردي" في المركز الثقافي البغدادي بشارع المتنبي، أدارتها الإعلامية تضامن عبد المحسن، واستهلتها بتسليط الضوء على تجربة المصور الشاب حسين مطر، الطالب في جامعة بغداد، مشيرة إلى انه استطاع أن يؤرشف العديد من الشواخص التراثية البغدادية بعدسة كاميرته، أملا منه أن يتحول ارشيفه الصوري إلى مصدر تراثي موثوق في المستقبل.
بعد ذلك تحدث الضيف عن أسلوب "الأرشفة الصورية"، مشيرا إلى انه يحمل من الأهمية كونه يرسخ مفاهيم ومشاهد الزمن الماضي لدى المجتمع في الزمن الحاضر، ويساهم في أرشفة العمارة والبنى التراثية في زمنين مختلفين.
وتطرق مطر إلى تجربة المصور الرائد لطيف العاني، مشيرا إلى انه كان يؤرشف من خلال عدسته، المناسبات والأزقة والأبنية في بغداد، وان فكرته ترتكز على الارشفة للمستقبل وليس للحاضر، من أجل الاستعانة بما يحفظه من أرشيف صوري في إنجاز تصاميم العمارة.
ولفت الضيف إلى بعض الجوانب المهمة في الأرشيف الصوري، مقدما مثالا لما حل في آثار وأبنية مدينة الموصل من خراب على أيدي عصابات داعش، وموضحا انه بوجود الأرشيف الصوري سيتمكن الناس في المستقبل من الاطلاع على ماضيهم المعماري، والاستعانة به في إعادة إعمار البنى وتطويرها.
ثم تحدث عن الاهمال الذي اصاب "جامع مرجان" التراثي في بغداد، وعن الخراب الذي طال "شارع الرشيد" ومنطقة "باب الشيخ"، وآثار ذلك على الإنسان، معززا حديثه بعرض مجموعة من الصور. كما ألقى الضوء على التشويه الذي لحق ببعض الأماكن المهمة نتيجة التوسع العمراني العشوائي، وتغليف المباني التراثية بمادة "الكابون" التي شوهتها.
بعدها عرض عبر شاشة عرض كبيرة (داتا شو)، خرائط لبنى بغداد التحتية وعمارتها في زمن الخلافة العباسية، وكيف ان تلك التصاميم كانت تخدم الواقع الاجتماعي، وتراعي تطويع البيئة في عملية البناء، مبينا ان الشوارع كانت تؤدي إلى الأماكن المركزية المهمة بصورة انسيابية، ما يسهل على زائري بغداد الوصول إلى مقاصدهم.
ثم قارن بين واقع العمارة البغدادية في الماضي وفي الحاضر، حيث ازدياد عدد السكان وتفشي العشوائية في البناء، وإغلاق العديد من الشوارع الرئيسة والفرعية المهمة، الأمر الذي أدى إلى تغيير الخارطة البغدادية، وأثر على السكان بشكل سلبي (على اعتبار ان اسلوب العمارة ومواد البناء يعتبران عاملين مهمين في التأثير على الإنسان ومزاجه وذوقه).
ودعا مطر إلى العمل الجماعي من أجل المحافظة على الهوية المعمارية البغدادية، لافتا إلى انه كان قد طرح مجموعة مشاريع تخدم هذا الغرض، من بينها إقامة معرض صور لبغداد بين عامي 2016 و2017 باللونين الأبيض والأسود، ومعرض آخر يظهر مدى تأثير الأبنية على الإنسان. كما طرح مشروعا عنوانه "ألف قصة وقصة"، يتضمن عرض صورتين لمعلم قديم، إحداها ملتقطة في الماضي، والأخرى في الحاضر، مبينا ان الغرض من ذلك هو معرفة التغيير الذي طرأ على المكان، سواء كان إيجابيا أم سلبيا.
إلى ذلك اقترح الضيف تنظيم جولات سياحية في مناطق بغداد التراثية، لإطلاع الناس على مدى التخريب العمراني الذي طالها وعلى الفرق بين العمارة البغدادية قديما وحديثا، وذلك لغرض خلق رأي عام شعبي يمكنه أن يؤثر في تحسين أعمال البناء مستقبلا.